الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالأمر إلى أخيه جعفر. وكان الوزير العبّاس بن الحسن قد استشار أصحابه فيمن يولّيه، فأشار محمد بن داود بن الجرّاح بعبد الله بن المعتز، ووصفه بالعقل والرأي والأدب، وأشار أبو الحسين بن محمد بن الفرات بجعفر بن المعتضد بعد أن أطال في مفاوضته وقال له: اتّق الله ولا توال إلّا من خبرته ولا تولّ البخيل فيضيق على الناس في الأرزاق، ولا الطمّاع فيشره إلى أموال الناس، ولا المتهاون بالدين فلا يجتنب المآثم ولا يطلب الثواب. ولا تولّ من خبر الناس وعاملهم واطلع على أحوالهم، فيستكثر على الناس نعمهم، وأصلح الموجودين مع ذلك جعفر بن المعتضد. قال: ويحك وهو صبيّ! فقال: وما حاجتنا بمن لا يحتاج إلينا ويستبد علينا؟ ثم استشار عليّ بن عيسى فقال: اتّق الله وانظر من يصلح. فمالت نفس الوزير إلى جعفر كما أشار ابن الفرات، وكما أوصى أخوه، فبعث صائفا الخدمي [1] فأتى به من داره بالجانب الغربي، ثم خشي عليه غائلة الوزير فتركه في الحرّاقة، وجاء إلى دار الخلافة فأخذ له البيعة على الحاشية. ثم جاء به من الحرّاقة وجاء إلى دار الخلافة فأخذ له البيعة على الحاشية. ثم جاء به من الحرّاقة وأقعده على الأريكة وجاء الوزير والقوّاد فبايعوه، ولقّب المقتدر باللَّه وأطلق يد الوزير في المال وكان خمسة عشر ألف ألف دينار فأخرج منه حق البيعة واستقام الأمر.
خلع المقتدر بابن المعتز وإعادته
ولما بويع المقتدر وكان عمره ثلاث عشرة سنة استصغره الناس وأجمع الوزير خلعه والبيعة لأبي عبد الله محمد بن المعتز وراسله في ذلك، فأجاب وانتظر قدوم نارس حاجب إسماعيل بن سامان، كان قد انتقض إلى مولاه وسار عنه، فاستأذن في القدوم إلى بغداد وأذن له. وقصد الاستعانة به على موالي المعتضد. وأبطأ نارس عليه، وهلك أبو عبد الله بن المقتدر خلال ذلك فصرف الوزير وجهة لأبي الحسين بن الموكّل فمات، فأقرّ المقتدر، ثم بدا له وأجمع عزله، واجتمع لذلك مع القوّاد والقضاة والكتّاب وراسلوا عبد الله بن المعتز فأجابهم على أن لا يكون قتال. فأخبروه باتفاقهم وأن لا منازع لهم. وكان المتولّون لذلك الوزير العبّاس بن الحسين ومحمد بن داود بن الجرّاح وأبا المثنّى أحمد بن يعقوب القاضي، ومن القوّاد الحسين بن حمدان
[1] صافي الحرميّ: ابن الأثير ج 8 ص 10.
وبدر الأعجمي ووصيف بن صوارتكين. ثم رأى الوزير أمره صالحا المقتدر فبدا له في ذلك فأجمع الآخرون أمرهم، واعترضه الحسين بن حمدان وبدر الأعجمي ووصيف في طريق لستانة فقتلوه لعشر بقين من ربيع الأوّل سنة ست وتسعين، وخلعوا المقتدر من الغد وبايعوا لابن المعتز، وكان المقتدر في الحلبة يلعب الأكرة، فلما بلغه قتل الوزير دخل الدار وأغلق الأبواب، وجاء الحسين بن حمدان إلى الحلبة ليفتك به فلم يجده، فقدم وأحضروا ابن المعتز فبايعوه، وحضر الناس والقوّاد وأرباب الدواوين سوى أبي الحسن بن الفرات وخواص المقتدر فلم يحضروا. ولقّب ابن المعتز المرتضى باللَّه، واستوزر محمد بن داود بن الجرّاح، وقلّد عليّ بن موسى الدواوين، وبعث إلى المقتدر بالخروج من دار الخلافة، فطلب الإمهال إلى الليل، وقال مؤنس الخادم ومؤنس الخازن: وعربت الحال وسائر الحاشية لا بد أن يبدي عذرا فيما أصابنا. وباكر الحسين بن حمدان من الغد دار الخلافة فقاتله الغلمان والخدم من وراء السور وانصرف. فلما جاء الليل سار إلى الموصل بأهله، وأجمع رأي أصحاب المقتدر على قصد ابن المعتز في داره فتسلّحوا وركبوا في دجلة، فلما رآهم أصحاب ابن المعتز اضطربوا وهربوا واتهموا الحسين بن حمدان أنه قد واطأ المقتدر عليهم، وركب ابن المعتز ووزيره محمد بن داود بن الجرّاح وخرجوا إلى الصحراء ظنّا منهم أن الجند الذين بايعوهم يخرجون معهم، وأنهم يلحقون بسامرّا فيمتنعون، فلما تفرّدوا بالصحراء رجعوا إلى البلد وتسرّبوا في الدور، واختفى ابن الجرّاح في داره، ودخل ابن المعتز ومولاه دار أبي عبد الله بن الجصّاص مستجيرا به. وثار العيّارون والسفل [1] ينتهبون. وفشا القتل وركب ابن عمرويه صاحب الشرطة، وكان ممن بايع ابن المعتز، فنادى بثأر المقتدر مغالطا، فقاتله فهرب واستتر، وأمر المقتدر مؤنسا الخازن فزحف في العسكر وقبض على وصيف بن صوارتكين فقتله، وقبض على القاضي أبي عمر عليّ بن عيسى والقاضي محمد بن خلف، ثم أطلقهم وقبض على القاضي أبي المثنّى أحمد بن يعقوب، قال له: بايع المقتدر! قال: هو صبي! فقتله وبعث المقتدر إلى أبي الحسن بن الفرات كان مختفيا فأحضره واستوزره. وجاء سوسن خادم ابن الجصّاص فأخبر صافيا الخرّميّ مولى المقتدر بمكانه عندهم، فكبست الدار وأخذ ابن المعتز وحبس إلى الليل، ثم خصيت خصيتاه فمات وسلّم إلى أهله وأخذ
[1] الأصح ان يقول السفلة.