الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطلبه في الوصول فمنعه كتبغري وأجاب بأننا في الطاعة، ومعنا العساكر وإلى أيّ جهة أراد السلطان قصدنا. فاعتزم السلطان على السير إليهم وسار من همذان في جمادى سنة ثلاث عشرة في عشرة آلاف غازيا وجاء النذير إلى كتبغري بمسيره، فأجفل هو وطغرل إلى قلعة سرجهان، وجاء السلطان إلى العسكر بزنجان فنهبه وأخذ من خزانة طغرل ثلاثمائة ألف دينار، وأقام بزنجان وتوجّه منها إلى الريّ وكتبغري من سرجهان بكنجة، وقصده أصحابه وقويت شوكته وتأكدت الوحشة بينه وبين أخيه السلطان محمود.
الفتنة بين السلطان محمود وعمه سنجر صاحب خراسان والخطبة ببغداد لسنجر
كان الملك سنجر أميرا على خراسان وما وراء النهر منذ أيام شقيقة السلطان محمد الأولى مع بركيارق. ولما توفي السلطان محمد جزع له جزعا شديدا حتى أغلق البلد للعزاء، وتقدّم للخطبة بذكر آثاره ومحاسن سيره من قتال الباطنية وإطلاق المكوس وغير ذلك. وبلغه ملك ابنه محمود مكانه وتغلب الأمراء عليه، فنكر ذلك واعتزم على قصد بلد الجبل والعراق، وأتى له محمود ابن أخيه، وكان يلقّب بناصر الدين فتلقّب بمعز الدين لقب أبيه ملك شاه. وبعث إليه السلطان محمود بالهدايا والتحف مع شرف الدولة أنوشروان بن خالد، وفخر الدولة طغايرك بن أكفر بن وبذل عن مازندران مائتي ألف دينار كل سنة فتجهّز لذلك، ونكر على محمود تغلّب وزيره أبي منصور وأمير حاجب عليّ بن عمر عليه، وسار وعلى مقدّمته الأمير أنز، وجهّز السلطان محمود عليّ بن عمر حاجبه وحاجب أبيه في عشرة آلاف فارس، وأقام هو بالري.
فلما قارب الحاجب مقدّمة سنجر مع الأمير أنز بجرجان راسله باللين والخشونة، وأنّ السلطان محمد أوصانا بتعظيم أخيه سنجر واستحلفنا على ذلك إلا أنّا لا نقضي على زوال ملكنا. ثم تهدّده بكثرة العساكر وقوّتها فرجع أنز عن جرجان، واتبعه بعض العساكر فنالوا منه. وعاد عليّ بن عمر إلى السلطان محمود فشكره، وأشار عليه أصحابه بالمقام بالريّ فلم يقبل. ثم ضجر وسار إلى حرقان [1] وتوافت إليه الأمداد من العراق، منكبرس شحنة بغداد في عشرة آلاف فارس، ومنصور أخو دبيس وأمراء
[1] جرجان: ابن الأثير ج 10 ص 551.
البلخية [1] وغيرهم. وسار إلى همذان فأقام بها وتوفي بها وزيره الربيب، واستوزر مكانه أبا طالب السميري [2] . ثم جاء السلطان سنجر إلى الريّ في عشرين ألفا وثمانية عشر فيلا ومعه ابن الأمير أبي الفضل صاحب سجستان وخوارزم شاه محمد، والأمير أنز والأمير قماج، واتصل به علاء الدولة كرساسفا بن قرامرد بن كاكويه [3] صاحب يزد وكان صهر محمد وسنجر على أختهما. واختص بمحمد ودعاه محمود فتأخر عنه فأقطع بلده لقراجا الساقي الّذي ولي بعد ذلك فارس. وسار علاء الدولة إلى سنجر وعرفه حال السلطان محمود واختلاف أصحابه، وفساد بلاده فزحف إليه السلطان محمود من همذان في ثلاثين ألفا، ومعه علي بن عمر أمير حاجب ومنكبرس وأتابكه غزغلي وبنو برسق وسنجق البخاري [4] وقراجا الساقي ومعه تسعمائة حمل من السلاح والتقيا على ساوة في جمادى سنة ثلاث عشرة فانهزمت عساكر السلطان سنجر أولا وثبت هو بين الفيلة والسلطان محمود، واجتمع أصحابه إليه وبلغ الخبر إلى بغداد فأرسل دبيس بن صدقة إلى المسترشد في الخطبة للسلطان سنجر فخطب له آخر جمادى، وقطعت خطبة محمود بعد الهزيمة إلى أصبهان ومعه وزيره أبو طالب السميري والأمير علي بن عمر وقراجا، واجتمعت عليه العساكر وقوي أمره. وسار السلطان سنجر من همذان ورأى قلّة عساكره فراسل ابن أخيه في الصلح، وكانت والدته وهي جدّة محمود تحرّضه على ذلك فأجاب إليه. ثم وصل إليه آق سنقر البرسقي الّذي كان شحنة ببغداد، وكان عند الملك مسعود من يوم انصرافه عنها، وجاء رسوله من عند السلطان محمود بأنّ الصلح إنما يوافق عليه الأمراء بعد عود السلطان سنجر إلى خراسان، فأنف من ذلك وسار من همذان الى الكرج، وأعاد مراسلة السلطان محمود في الصلح وأن يكون وليّ عهده فأجاب إلى ذلك، وتحالفا عليه وجاء السلطان محمود إلى عمّه سنجر ونزل في بيت والدته وهي جدّة محمود، وحمل إليه هدية حفلة. وكتب السلطان سنجر إلى أعماله بخراسان وغزنة وما وراء النهر وغيرها من الولايات بأن يخطب للسلطان محمود، وكتب إلى بغداد بمثل ذلك،
[1] البكجية: ابن الأثير ج 10 ص 551.
[2]
السميرمي: المرجع السابق.
[3]
علاء الدولة كرشاسف بن فرامرز بن كاكويه: ابن الأثير ج 10 ص 551.
[4]
سنقر البخاري: ابن الأثير ج 10 ص 552.