الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاستأمنوا له وملكها، واستولى على ما فيها من الأموال والعبيد والسلاح إلى الأهواز وبها إبراهيم بن المدبّر على الخراج، فهرب أهلها ودخلها الزنج ونهبوا وأسروا ابن المدبّر فخاف أهل البصرة وافترق كثير منهم من البلدان. وبعث المعتمد سعيد بن صالح الحاجب لحربهم سنة سبع وخمسين فهزمهم وأخذ ما معهم وأثخن فيهم وكان ابن المدبر أسيرا عندهم في بيت يحيى بن محمد البحراني وقد ضمن لهم مالا كثيرا ووكّل به رجلين فداخلهم حتى حفر سربا من البيت وخرج منه ولحق بأهله.
خلع المهتدي وقتله وبيعة المعتمد
وفي أوّل رجب من سنة ست وخمسين شعف الأتراك من الترك والدور بطلب أرزاقهم وبعث المهتدي أخاه أبا القاسم ومعه كفقا [1] وغيره فسكّنوهم وعادوا وبلغ محمد بن بغا أنّ المهتدي قال للأتراك أنّ الأموال عند محمد وموسى ابني بغا، فهرب إلى أخيه بالسّند وهو في مقاتلة موسى الشاربي فأمّنه المهتدي ورجع ومعه أخوه حنون وكيغلغ فكتب له المهتدي بالأمان ورجع إلى أصحابه وحبسه وصادره على خمسة عشر ألف دينار، ثم قتله وبعث بابكيال بكتابه إلى موسى بن بغا بأن يتسلّم العسكر وأوصاه بمحاربة الشاربي [2] وقتل موسى بن بغا ومفلح، فقرأ الكتاب على موسى وتواطئوا على أن يرجع بابكيال فيتدبر على قتل المهتدي، فرجع ومعه يارجوج واساتكين [3] وسيما الطويل، ودخلوا دار الخلافة منتصف رجب فحبس بابكيال من بينهم واجتمع أصحابه ومعهم الأتراك وشغبوا. وكان عند المهتدي صالح بن عليّ بن يعقوب بن المنصور فأشار بقتله ومناجزتهم، فركب في المغاربة والأتراك والفراغنة على التعبية. ومشى والبلخي [4] في الميمنة ويارجوج في الميسرة ووقف هو في القلب ومعه أساتكين وغيره من القوّاد وبعث برأس بابكيال إليهم مع عتّاب بن عتّاب، ولحق الأتراك من صفّه بإخوانهم الأتراك وانقضّ الباقون على المهتدي وولّى منهزما ينادي بالناس ولا يجيبه أحد وسار إلى السجن فأطلق المحبوسين ودخل دار أحمد بن جميل صاحب الشرطة، وافتتحوا عليه وحملوه على بغل إلى الجوسق، وحبس عند أحمد
[1] كيغلغ: ابن الأثير ج 7 ص 228.
[2]
هو مساور الشاري وليس الشاربي.
[3]
ياركوج واسارتكين: ابن الأثير ج 7 ص 229.
[4]
هو مسرور البلخي.
ابن خاقان، وأرادوه على الخلع فأبى واستمات فأخرجوا رقعة بخطّه لموسى بن بغا وبابكيال وجماعة القوّاد أنه لا يغدر بهم ولا يقاتلهم ولا يهمّ بذلك، ومتى فعل شيئا من ذلك فقد جعل أمر الخلافة بأيديهم يولّون من شاءوا فاستحلّوا بذلك أمره وقتلوه.
وقيل في سبب خلعه غير هذا وهو أنّ أهل الكرخ والدور من الأتراك طلبوا الدخول على المهتدي ليكلّموه فأذن لهم وخرج محمد بن بغا إلى المحمديّة ودخلوا في أربعة آلاف، فطلبوا أن يعزل عنهم قوّاده ويصادرهم وكتّابهم على الأهواز، ويصير الأمر إلى إخوته فوعدهم بالإجابة وأصبحوا من الغد يطلبون الوفاء بما وعدهم به، فاعتذر لهم بالعجز عن ذلك إلا بسياسة ورفق فأبوا إلّا المعاجلة، فاستخلفهم على القيام معه في ذلك بإيمان البيعة فحلفوا، ثم كتبوا إلى محمد بن بغا عن المهتدي وعنهم يعذلونه في غيبته عن مجلسهم مع المهتدي، وأنهم إنما جاءوا بشكوى حالهم ووجدوا الدار خالية فأقاموا ورجع محمد بن بغا فحبسوه في الأموال وكتبوا إلى موسى بن بغا ومفلح بالقدوم وتسليم العسكر إلى من ذكروه لهم، وبعثوا من يقيدهما إن لم يأتمرا ذلك. ولما قرئت الكتب على موسى وأصحابه امتنعوا لذلك وساروا نحو سامرّا، وخرج المهتدي لقتالهم على التعبية وتردّدت الرسل بينهم بطلب موسى أن يولّى على ناحية ينصرف إليها، ويطلب أصحاب المهتدي أن يحضر عندهم فيناظرهم على الأموال إلى أن انفضّ عنهم أصحابه وسار هو ومفلح على طريق خراسان، ورجع بابكيال وجماعة من القوّاد إلى المهتدي فقتل بابكيال ثم أنف الأتراك من مساواة الفراغنة والمغاربة لهم وأرادوا طردهم فأبى المهتدي ذلك، فخرج الأتراك عن الدار بأجمعهم طالبين ثأر بابكيال فركب المهتدي على التعبية في ستة آلاف من الفراغنة والمغاربة ونحو ألف من الأتراك أصحاب صالح بن وصيف، واجتمع الأتراك للحرب في عشرة آلاف فانهزم المهتدي وكان ما ذكرناه من شأنه. ثم أحضر أبو العبّاس أحمد بن المتوكل وكان محبوسا بالجوسق فبايعه الناس. وكتب الأتراك إلى موسى بن بغا وهو غائب فحضر وكملت البيعة لأحمد بن المتوكل ولقب المعتمد على الله، واستوزر عبيد الله بن خاقان فأصبح المهتدي ثانى يوم البيعة ميتا منتصف رجب من سنة ست وخمسين على رأس سنة من ولايته. ولم يزل ابن خاقان في وزارته إلى أن هلك سنة ثلاث وستين من سقطة بالميدان سال فيها دماغه من منخريه، فاستوزر محمد بن مخلد، ثم سخط عليه موسى بن بغا واختلفا فاستوزر مكانه سليمان بن وهب، ثم عزله وحبسه وولّى