الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استيلاء ينال على الريّ بدعوة السلطان محمد ومسيره إلى العراق
كانت الخطبة بالريّ للسلطان بركيارق، فلما خرج السلطان محمد من الحصار بأصبهان، بعث ينال بن أنوش تكين الحسامي إلى الريّ ليقيم الخطبة له بها فسار ومعه أخوه عليّ، وعسف الرعايا. ثم بعث السلطان بركيارق إليه برسق بن برسق في العساكر فقاتله على الريّ، وانهزم ينال وأخوه منتصف ربيع من سنة ست وتسعين، وذهب عليّ إلى قزوين وسلك ينال على الجبال إلى بغداد وتقطّع أصحابه في الأوعار وقتلوا، ووصل إلى بغداد في سبعمائة رجل، وأكرمه المستظهر واجتمع هو وأبو الغازي وسقمان ابنا أرتق بمشهد أبي حنيفة، فاستحلفوه على طاعة السلطان محمد، وساروا إلى سيف الدولة صدقة واستحلفوه على ذلك. واستقرّ ينال ببغداد في طاعة السلطان محمد، وتزوّج أخت أبي الغازي كانت تحت تاج الدولة تتش. وعسف بالناس وصادر العمّال واستطال أصحابه على العامّة بالضرب والقتل. وبعث إليه المستظهر مع القاضي الدامغانيّ بالنهي عن ذلك وتقبيح فعله، ثم مع إيلغازي فأجاب وحلف على كفّ أصحابه ومنعهم. واستمرّ على قبح السيرة فبعث المستظهر إلى سيف الدولة صداقة يستدعيه لكفّ عدوانه، فجاء إلى بغداد في شوّال من سنة ست وتسعين، وخيّم بالمنجمي ودعا ينالا للرحمة عن العراق على أن يدفع إليه. وعاد إلى الحلّة وسار ينال مستهل ذي القعدة إلى أوانا ففعل من النهب والعسف أقبح مما فعل ببغداد، فبعث المستظهر إلى صدقة في ذلك، فأرسل ألف فارس، وساروا إليه مع جماعة من أصحاب المستظهر وأبي الغازي الشحنة، وذهب ينال أمامهم إلى أذربيجان قاصدا إلى السلطان محمد ورجع أبو الغازي والعساكر عنه.
المصاف الخامس بين السلطانين
كانت كنجة وبلاد أرزن [1] للسلطان محمد وعسكره مقيم بها مع الأمير عز علي [2] فلما طال حصاره بأصبهان جاءوا لنصرته، ومعهم منصور بن نظام الملك ومحمد بن
[1] كنجة وبلاد ارّان: ابن الأثير ج 10 ص 359.
[2]
غزغلي: المرجع السابق.
أخيه مؤيد الملك، ووصلوا إلى الريّ آخر ذي الحجّة سنة خمس وتسعين، وفارقه عسكر بركيارق. ثم خرج محمد من أصبهان فساروا إليه ولقوة بهمذان، ومعه ينال وعلي ابنا أنوش تكين فاجتمعوا في ستة آلاف فارس. وسار ينال وأخوه على الريّ وأزعجتهم عنها عساكر بركيارق كما مرّ. ثم جاءهم الخبر في همذان بزحف بركيارق إليهم، فسار محمد إلى بلاد شروان. ولما انتهى إلى أردبيل بعث إليه مودود بن إسماعيل ابن ياقوتي، وكان أميرا على بيلقان من أذربيجان، وكان أبوه إسماعيل خال بركيارق، وانتقض عليه أوّل أمره فقتله فكان مودود يطالبه بثأر أبيه، وكانت أخته تحت محمد فبعث إليه وجاءه الى بيلقان. وتوفي مودود اثر قدومه منتصف ربيع من سنة ست وتسعين، فاجتمع عسكره على الطاعة لمحمد وفيهم سقمان القطبي [1] صاحب خلاط وأرمينية ومحمد بن غاغيسا، كان أبوه صاحب أنطاكية. وكان ألب أرسلان ابن السبع الأحمر. ولما بلغ بركيارق اجتماعهم لحربه أغذّ السير إليهم فوصل وقاتلهم على باب خوي من أذربيجان من المغرب إلى العشاء. ثم حمل أياز من أصحاب بركيارق على عسكر محمد فانهزموا، وسار إلى خلاط ومعه سقمان القطبي ولقيه الأمير عليّ صاحب أرزن الروم، ثم سار إلى [2] وبها منوجهر أخو فضلون الروادي. ثم سار إلى تبريز ولحق محمد بن مؤيد الملك بديار بكر، وسار منها إلى بغداد وكان من خبره أنه كان مقيما ببغداد مجاورا للمدرسة النظامية فشكا الجيران منه إلى أبيه، فكتب إلى كوهرابين بالقبض عليه فاستجار بدار الخلافة. ثم سار سنة اثنتين وتسعين إلى محمد الملك الباسلاني [3] وأبوه حينئذ بكنجة عند السلطان محمد قبل أن يدعو لنفسه. ثم سار بعد أن قتل محمد الملك إلى والده مؤيد الملك، وهو وزير السلطان محمد. ثم قتل أبوه واتصل هو بالسلطان، وحضر هذه الحروب كما ذكرنا. وأمّا السلطان بركيارق بعد هزيمة محمد فإنه نزل جبل بين مراغة وتبريز وأقام به حولا، وكان خليفة المستظهر سديد الملك أبو المعالي كما ذكرناه. ثم قبض عليه منتصف رجب سنة ست وتسعين وحبس بدار الخليفة مع أهله كانوا قد وردوا عليه من أصبهان. وسبب عزله جهله بقواعد ديوان الخلافة لأنه كان يتصرّف
[1] سكمان القبطي: ابن الأثير ج 10 ص 361.
[2]
هكذا بياض بالأصل وفي الكامل ج 10 ص 361: «وتوجه الى آني، وصاحبها منوجهر أخو فضلون الروادي.»
[3]
مجد الملك البلاساني: ابن الأثير ج 10 ص 361.