الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظيما. وأمّا ابن أبي بكر فإن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله وليس له همّة إلّا في النساء. وأمّا الّذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك روغان الثعلب وإذا أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير فإن هو فعلها بك وقدرت عليه فقطعه إربا إربا. هذا حديث الطبري عن هاشم وله عن هاشم من طريق آخر قال: لما حضرت وفاة معاوية سنة ستين كان يزيد غائبا فدعا بالضحّاك بن قيس الفهريّ وكان صاحب شرطته، ومسلم بن عتبة المزنيّ فقال: أبلغا يزيد وصيتي، انظر أهل الحجاز فإنّهم أهلك فأكرم من قدم إليك منهم وتعاهد من غاب. وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملا فافعل، فإن عزل عامل أخف من أن يشهر عليك مائة ألف سيف. وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك، وإن رابك شيء من عدوّك فانتصر بهم، فإذا أصبتم فاردد أهل الشام إلى بلادهم، فإنّهم إن قاموا بغير بلادهم تغيّرت أخلاقهم ولست أخاف عليك من قريش إلّا ثلاثا ولم يذكر في هذا الطريق عبد الرحمن بن أبي بكر. وقال في ابن عمر: قد وقذه الدين فليس ملتمسا شيئا قبلك وقال في الحسين: ولو أني صاحبه عفوت عنه. وأنا أرجو أن يكفيك الله بمن قتل أباه وخذل أخاه. وقال في ابن الزبير: إذا شخص إليك فالبد له إلا أن يلتمس منك صلحا فاقبل واحقن دماء قومك ما استطعت.
(وتوفي في منتصف رجب) ويقال جمادى لتسع عشرة سنة وأشهر من ولايته وكان على خاتمه عبد الله بن محصن الحميريّ وهو أوّل من اتخذ ديوان الخاتم، وكان سببه أنه أمر لعمر بن الزبير بمائة ألف درهم، وكتب له بذلك إلى زياد بالعراق، ففض عمر الكتاب وصيّر المائة مائتين، فلما رفع زياد حسابه أنكرها معاوية، وأخذ عمر بردّها وحبسه فأدّاها عنه أخوه عبد الله فأحدث عند ذلك ديوان الخاتم، وحزم الكتب ولم تكن تحزم وكان على شرطته قيس بن همزة الهمدانيّ، فعزله ابن بيد بن عمر العدويّ، وكان على حرسه المختار من مواليه. وقيل أبو المحارى مالك مولى حميرة وهو أوّل من اتخذ الحرس. وعلى حجابه مولاه سعد، وكان كاتبه وصاحب أمره سرجون بن منصور الرومي، وعلى القضاء فضالة بن عبد الله الأنصاري وبعده أبو دويس عائذ بن عبد الله الخولانيّ.
بيعة يزيد
بويع يزيد بعد موت أبيه وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وعلى مكة عمر
ابن سعيد بن العاص، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد، وعلى الكوفة النعمان بن بشير. ولم يكن همّه إلا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية بيعته، فكتب إلى الوليد بموت معاوية، وأن يأخذ حسينا وابن عمر وابن الزبير بالبيعة من غير رخصة فلما قرأ مروان الكتاب بنعي معاوية، استرجع وترحم، واستشار الوليد في أمر أولئك النفر، فأشار عليه أن يحضرهم لوقته فإن بايعوا وإلا قتلهم قبل أن يعلموا بموت معاوية، فيثب كل رجل منهم في ناحية، إلّا ابن عمر فإنه لا يحب القتال، ولا يحب الولاية، إلا أن يرفع إليه الأمر. فبعث الوليد لوقته عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو غلام حدث، فجاء إلى الحسين وابن الزبير في المسجد في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس وقال: أجيبا الأمير فقالا: لا تنصرف إلا أن نأتيه، ثم حدّثا فيما بعث إليهما، فلم يعلموا ما وقع. وجمع الحسين فتيانه وأهل بيته وسار اليه فأجلسهم بالباب، وقال إنّ دعوتكم أو سمعتم صوتي عاليا فادخلوا بأجمعكم. ثم دخل فسلّم ومروان عنده فشكرهما على الصلة بعد القطيعة، ودعا لهما بإصلاح ذات البين فأقرأه الوليد الكتاب بنعي معاوية ودعاه إلى البيعة، فاسترجع وترحم وقال: مثلي لا يبايع سرّا ولا يكتفى بها مني، فإذا ظهرت إلى الناس ودعوتهم كان أمرنا واحدا وكنت أوّل مجيب فقال الوليد وكان يحب المسالمة: انصرف. فقال مروان: لا يقدر منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينك وبينهم، ألزمه البيعة وإلا اضرب عنقه. فوثب الحسين وقال أنت تقتلني أو هو! كذبت والله! وانصرف إلى منزله. وأخذ مروان في عذل الوليد. فقال: يا مروان والله ما أحب أنّ لي ما طلعت الشمس من مال الدنيا وملكها، وأني قتلت الحسين إن قال لا أبايع. واما ابن الزبير فاختفى في داره وجمع أصحابه، وألح الوليد في طلبه، وبعث مواليه فشتموه وهدّدوه، وأقاموا ببابه في طلبه، فبعث ابن الزبير أخاه جعفرا يلاطف الوليد ويشكو ما أصابه من الذعر، ويعده بالحضور من الغداة، وأن يصرف رسله من بابه، فبعث إليهم وانصرفوا.
وخرج ابن الزبير من ليلته مع أخيه جعفر وحدهما، وأخذا طريق الفرع إلى مكة فسرح الرحالة في طلبه فلم يدركوه ورجعوا وتشاغلوا بذلك عن الحسين سائر يومه. ثم أرسل إلى الحسين يدعوه فقال: أصبحوا وترون وفري. وسار في الليلة الثانية ببنيه وإخوته وبني أخيه إلا محمد بن الحنفية، وكان قد نصحه وقال تنحّ عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت، وابعث دعاتك إلى الناس، فإن أجابوك فاحمد الله، وإن