الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا؟ قال: بلى! قال: فنكثت بيعتين لأمير المؤمنين، وتوفي بواحدة للفاعل بن الفاعل، والله لأقتلنك. فقال: إني لسعيد كما سمتني أمي فضربت عنقه فهلل رأسه ثلاثا أفصح منها بمرّة. ويقال: إن عقل الحجاج التبس يومئذ وجعل يقول: قيودنا قيودنا فظنّوها قيود سعيد بن جبير، فأخذوها من رجليه وقطعوا عليها ساقيه، وكان إذا نام يرى سعيد بن جبير في منامه آخذا بمجامع ثوبه يقول: يا عدوّ الله فيم قتلتني؟ فينتبه مرعوبا يقول: ما لي ولسعيد بن جبير.
وفاة الحجاج
وتوفي الحجاج في شوّال خمس وتسعين لعشرين سنة من ولايته العراق، ولما حضرته الوفاة استخلف على ولايته ابنه عبد الله وعلى حرب الكوفة والبصرة يزيد بن أبي كبشة وعلى خراجهما يزيد بن أبي مسلم، فأقرّهم الوليد بعد وفاته. وكتب إلى قتيبة بن مسلم بخراسان قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجهدك وجهادك أعداء المسلمين وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك الّذي تحب، فأتمم مغازيك وانتظر ثواب ربّك ولا تغيب عن أمير المؤمنين كتبك حتى كأني انظر إلى بلادك والثغر الّذي أنت فيه ولم يغير الوليد أحدا من عمّال الحجاج.
أخبار محمد بن القاسم بالسند
كان محمد بن القاسم بالملتان وأتاه خبر وفاة الحجاج هنالك فرجع إلى الدور والثغور [1] وكان قد فتحها. ثم جهّزه الناس إلى السلماس مع حبيب فأعطوا الطاعة وسالمه أهل شرست [2] وهي مغزى أهل البصرة وأهلها يقطعون في البحر. ثم سار في العسكر إلى [3] فخرج إليه دوهر فقاتله محمد وهزمه وقتله. ونزل أهل المدينة على حكمه فقتل وسبى ولم يزل عاملا على السند إلى أن ولي سليمان بن عبد الملك فعزله وولّى يزيد بن أبي كبشة السكسكيّ على السند مكانه فقيّده يزيد وبعث به إلى العراق فحبسه صالح بن عبد الرحمن بواسط وعذبه في رجال من قرابة الحجّاج على
[1] وفي الكامل ج 4 ص 588: فرجع إلى الدور والبغرور وكان قد فتحها، وفي بعض النسخ الثغور والثغرور.
[2]
وفي الكامل لابن الأثير: سرشت.
[3]
بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 4 ص 588: ثم إلى محمد الكيرج فخرج اليه دوهر.
قتلهم. وكان الحجاج قتل أخاه آدم على رأي الخوارج ومات يزيد بن أبي كبشة لثمان عشرة ليلة من مقدمه. فولى سليمان على السند حبيب بن المهلّب فقدمها وقد رجع ملوك السند إلى ممالكهم ورجع حبشة بن داهر إلى برهماباذ [1] فنزل حبيب على شاطئ مهران وأعطاه أهل الروم الطاعة، وحارب فظفر، ثم أسلم الملوك لما كتب عمر بن عبد العزيز إلى الإسلام على أن يملكهم وهم أسوة المسلمين فيما لهم وعليهم، فأسلم حبشة والملوك وتسمّوا بأسماء العرب وكان عمرو بن مسلم الباهليّ عامل عمر على ذلك الثغر فغزا بعض الهند وظفر. ثم ولّى الجنيد بن عبد الرحمن على السند أيام هشام بن عبد الملك، فأتى شط مهران، ومنعه حبشة بن داهر العبور وقال: إني قد أعملت وولّاني الرجل الصالح ولست آمنك فأعطاه الرهن ثم ردّها حبشة وكفر وحارب فحاربه الجنيد في السفن وأسره ثم قتله. وهرب صصّة بن داهر إلى العراق شاكيا لغدر الجنيد فلم يزل يؤنسه حتى جاءه فقتله. ثم غزا الجنيد الكيرج من آخر الهند وكانوا نقضوا فاتخذ كباشا [2] زاحفة ثم صك بها سور المدينة فثلمها ودخل فقتل وسبى وغنم، وبعث العمّال إلى المرمد والمعدل [3] ودهنج [4] وبعث جيشا إلى أرين فأغاروا عليها وأحرقوا ربضها وحصل عنده سوى ما حمل أربعون ألف ألف وحمل مثلها. وولّى تميم بن زيد الضبيّ [5] فضعف ووهن ومات قريبا من الدّيبل. وفي أيامه خرج المسلمون عن بلاد الهند وتركوا مراكزهم. ثم ولي الحكم بن سوّام [6] الكلبي وقد كفر أهل الهند الا أهل قصّة، فبنى مدينة سمّاها المحفوظة وجعلها مأوى المسلمين، وكان معه عمر بن محمد بن القاسم وكان يفوّض إليه عظائم الأمور وأغزاه عن المحفوظة. فلما قدم وقد ظهر أمره فبنى مدينة وسماها المنصورة وهي التي كانت أمراء السند ينزلونها واستخلص ما كان غلب عليه العدوّ، ورضي الناس بولايته. ثم قتل الحكم وضعفت الدولة الأموية عن الهند وتأتي أخبار السند في دولة المأمون.
[1] وفي الكامل لابن الأثير: ورجع جيشبه بن ذاهر إلى برهمناباذ.
[2]
ليس المراد بالكباش هاهنا الغنم، وانما هي آلة من خشب وحديد يجرونها بنوع من الخيل فتدق الحائط فينهدم. وقد بطلت هذه الآلة كالمنجنيق لما حدثت الآلات النارية من المدافع وغيرها، كبطلان النبال فليس الآن من الآلات القديمة الا السيف والرماح قليلة أهـ. من خط الشيخ العطار.
[3]
وفي الكامل لابن الأثير ج 4 ص 590.
[4]
وفي نسخة اخرى: وهج.
[5]
وفي الكامل لابن الأثير ج 4 ص 590: تميم بن زبيد القينيّ.
[6]
وفي الكامل لابن الأثير: الحكم بن عوّام الكلبي.