الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشر بن جرموز ثم ندم الحرث على اتباع الكرماني وأتى عسكر بشر فأقام معهم وبعث إلى مضر من عسكر الكرماني فساروا إليهم وكانوا يقتتلون كل يوم ويرجعون إلى خنادقهم ثم نقب الحرث بعد أيام سور مرو ودخلها وتبعه الكرماني واقتتلوا فقتل الحرث وأخاه وبشر بن جرموز وجماعة من بني تميم وذلك سنة ثمان وعشرين ومائة فانهزم الباقون وصفت مرو لليمن وهدموا دور المضريّة.
ظهور الدعوة العباسية بخراسان
قد ذكرنا أنّ أبا مسلم كان يتردّد إلى الإمام من خراسان ثم استدعاه سنة تسعة وعشرين ليسأله عن الناس فسار في سبعين من النقباء مؤدين بالحج ومر بنسا فاستدعى أسيدا فأخبره بأن كتب الإمام جاءت إليه مع الأزهر بن شعيب وعبد المالك بن سعيد، ودفع إليه الكتب ثم لقيه بقومس كتاب الإمام إليه وإلى سليمان بن كثيّر إني قد بعثت إليك براية النصر فارجع من حيث يلقاك كتابي ووجّه قحطبة إلى الإمام بما معه من الأموال والعروض وجاء أبو مسلم إلى مرو وأعطى كتاب الإمام لسليمان بن كثيّر وفيه الأمر بإظهار الدعوة، فنصبوا أبا مسلم وقالوا رجل من أهل البيت ودعوا إلى طاعة بني العبّاس وكتبوا إلى الدعاة بإظهار الأمر، وترك أبو مسلم بقرية من قرى مرو في شعبان من سنة تسع وعشرين ثم بثوا الدعاة في طخارستان ومروالرود والطالقان وخوارزم، وأنهم إن أعجلهم عدوّهم دون الوقت عاجلوه وجرّدوا السيوف للجهاد، ومن شغله العدوّ عن الوقت فلا حرج عليه أن يظهر بعد الوقت. ثم سار أبو مسلم فنزل على سليمان بن كثيّر الخزاعي آخر رمضان ونصر بن سيّار يقاتل الكرماني وشيبان فعقد اللواء الّذي بعث به الإمام إليه وكان يدعى الظلّ على رمح طوله أربعة عشر ذراعا. ثم عقد الراية التي بعثها معه وتسمى السحاب وهو يتلو: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ 22: 39 الآية. ولبسوا السواد هو وسليمان بن كثيّر وأخوه سليمان ومواليه ومن أجاب الدعوة من أهل تلك القرى وأوقدوا النيران ليلتهم لشيعتهم في خرقان فأصبحوا عنده ثم قدم عليه أهل السقادم مع أبي الوضّاح في سبعمائة راجل. وقدم من الدعاة أبو العبّاس المروزي وحصن أبو مسلم بسفيدنج ورمّها وحضر عيد الفطر، فصلى سليمان بن كثيّر وخطب على المنبر في العسكر وبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة. وكبر في الأولى ست تكبيرات وفي الثانية خمسا خلاف ما كان بنو أمية
يفعلون. وكل ذلك مما سنّه لهم الإمام وأبوه. ثم انصرفوا من الصلاة مع الشيعة فطمعوا وكان أبو مسلم وهو في الخندق إذا كتب نصر بن سيار يبدأ باسمه فلما قوى بمن اجتمع إليه كتب إلى نصر وبدأ بنفسه وقال: (أمّا بعد) فإنّ الله تباركت أسماؤه عيّر قوما في القرآن فقال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ 35: 42 (إلى) وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلًا 35: 43 فاستعظم الكتاب وبعث مولاه يزيد لمحاربة أبي مسلم لثمانية عشر شهرا من ظهوره فبعث إليه أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي فدعاه إلى الرضا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستكبروا فقاتلهم مالك وهو في مائتين يوما بكماله.
وقدم على أبي مسلم صالح بن سليمان الضبيّ وإبراهيم بن يزيد وزياد بن عيسى فسرّحهم إلى مالك فقوي مالك بهم، وقاتلوا القوم فحمل عبد الله الطائي على يزيد مولى نصر فأسره، وانهزم أصحابه وأرسله الطائي إلى أبي مسلم ومعه رءوس القتلى فأحسن أبو مسلم إلى يزيد وعالجه، ولما اندملت جراحة قال: إن شئت أقمت عندنا وإلا رجعت إلى مولاك سالما بعد أن تعاهدنا على أن لا تحاربنا ولا تكذب علينا فرجع إلى مولاه. وتفرس نصر أنه عاهدهم فقال: والله هو ما ظننت وقد استحلفوني أن لا أكذب عليهم وأنهم الله يصلون الصلاة لوقتها بأذان وإقامة ويتلون القرآن ويذكرون الله كثيرا ويدعون إلى ولاية آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحسب أمرهم إلا سيعلو ولولا أنك مولاي لأقمت عندهم. وكان الناس يرجفون عنهم بعبادة الأوثان واستحلال الحرام. ثم غلب حازم بن خزيمة على مروالروذ وقتل عامل نصر بها وكان من بني تميم من الشيعة وأراد بنو تميم منعه فقال: أنا منكم فإن ظفرت فهي لكم وإن قتلت كفيتم أمري فنزل قرية زاها. ثم تغلب على أهلها فقتل بشر بن جعفر السغدي عامل نصر عليها أوائل ذي القعدة، وبعث بالفتح إلى أبي مسلم مع ابنه خزيمة بن حازم. وقيل في أمر أبي مسلم غير هذا وأنّ إبراهيم الإمام أزوج أبا مسلم لما بعثه خراسان بابنه أبي النّجم وكتب إلى النقباء بطاعته. وكان أبو مسلم من سواد الكوفة فهزما فانتهى [1] لإدريس بن معقل العجليّ ثم سار إلى ولاية محمد بن علي، ثم ابنه إبراهيم، ثم للأئمة من ولاية [2] من ولده وقدم خراسان وهو حديث
[1] المعنى غير واضح وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 361: «وكان أبو مسلم من أهل خطرنية من سواد الكوفة وكان قهرمانا لإدريس بن معقل العجليّ.»
[2]
الظاهر من المعنى ان «من ولاية زائدة» ولا لزوم لوجودها.