الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المقاتلة والأقوات على مال شرطوه، فنزلوا على طرابلس سنة ثمان وثمانين وستمائة واحتشد مرغم قومه وحملهم على طاعة ابن أبي دبّوس، ونازلوا البلد معه ومع جنده من النصرانية فحاصروها ثلاثا، وساء أثرهم فيها. ثم رحل النصارى بأسطولهم وسروا بأقرب السواحل إلى البلد وتنقّل ابن أبي دبّوس ومرغم في نواحي طرابلس بعد أن أنزلوا عليها عسكرا للحصار، فاستوفوا جباية المغارم والوضائع مالا دفعوه للنصارى في شرطهم، وانقلبوا في أسطولهم، وأقام ابن أبي دبّوس يتقلّب مع العرب. واستدعاه ابن مكّي من بعد ذلك لأن يشتدّ به في استبداده [1] ، فلم يتم أمره إلى أن هلك بجربة، والله وارث الأرض ومن عليها.
(الخبر عن مهلك أبي الحسين بن سيّد الناس حاجب بجاية وولاية ابن أبي حي [2] مكانه)
قد قدّمنا سلف هذا الرجل وأوليته، وأنه لحق بالأمير أبي زكريا بتلمسان، وأبلى في خدمته، فلما استولى الأمير أبو زكريا على الثغر الغربي واقتطعه عن أعمال الحضرة، ونزل بجاية وظاهر بها تونس، عقد لأبي الحسين بن سيّد الناس على حجابته، وفوّض إليه فيما وراء بابه وأجراه في رياسته على سنن أبي الحسين الرئيس قبله في دولة المستنصر الّذي كانوا يتلقّنون طرقه، وينزعون إلى مراميه، بل كانت رياسة هذا في حجابته أبلغ من رياسة ابن أبي الحسين لجلاء جوّ الدولة ببجاية من مشيخة الموحّدين الذين يزاحمونه، كما كان ابن أبي الحسين مزاحما بهم، فاستولى أبو الحسين بن سيّد الناس على الدولة ببجاية، وقام بأمر مخدومه أحسن قيام، وصار إلى الحلّ والعقد وانصرفت إليه الوجوه وتمكّن في يده الزمام، إلى أن هلك سنة تسعين وستمائة أعظم ما كان رياسة وأقرب من صاحبه مكانا وشرفا [3] ، فأقام الأمير أبو زكريا مكانه كاتبه أبا القاسم بن أبي حيّ ولا أدري من أوليته أكثر من أنه من جالية الأندلس، وردّ على الدولة، وتصرّف في أعمالها، واتصل بأبي الحسين بن سيّد
[1] وفي نسخة أخرى: لأنه يشبه به في استبداده.
[2]
وفي نسخة أخرى: ابن أبي جبى.
[3]
وفي نسخة أخرى: سرا.