الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وواركلا مهاداة ومراسلة. (قال) : وحاضرة الملك لأهل مالي هو بلد بني [1] بلد متسع الخطة معين على الزرع مستبحر العمارة نافق الأسواق، وهو الآن محط لركاب البحر من المغرب وإفريقية ومصر، والبضائع مجلوبة إليها من كل قطر. ثم بلغنا لهذا العهد أن منسا موسى توفي سنة تسع وثمانين وسبعمائة وولي بعده أخوه منسا مغا ثم قتل لسنة أو نحوها، وولي بعده صندكي زوج أمّ موسى صندكي الوزير. ووثب عليه بعد أشهر رجل من بيت ماري جاطة. ثم خرج من بلاد الكفرة وراءهم وجاءهم رجل اسمه محمود ينسب إلى منساقو بن منسا ولي بن ماري جاطه الأكبر، فتغلّب على الدولة وسلك أمرهم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ولقبه منسا مغا، والخلق والأمر للَّه وحده.
(الخبر عن لمطة وكزولة وهسكورة بني تصكي وهم إخوة هوّارة وصنهاجه)
هؤلاء القبائل الثلاث قد تقدّم لنا أنهم إخوة لصنهاجة، وأنّ أمّ الثلاثة تصكي العرجاء بنت زحيك بن مادغيس، فأما صنهاجة فمن ولد عاميل بن زعزاع، وأمّا هوّارة فمن ولد أوريغ وهو ابنها ابن برنس، وأمّا الآخرون فلا تحقيق في نسبهم. (قال ابن حزم) : إنّ صنهاجة ولمطة لا يعرف لهما أب، وهذه الأمم الثلاث موطنون بالسوس وما يليه من بلاد الصحراء وجبال درن ملئوا بسائطه وجباله. (فأمّا لمطة) فأكثرهم مجاورون الملثمين من صنهاجة ولهم شعوب كثيرة، وأكثرهم ظواعن أهل وبر ومنهم بالسوس قبيلتا زكن ولخس، صاروا في عداد ذوي حسّان من معقل، وبقايا لمطة بالصحراء مع الملثّمين ومعظمهم قبيلة بين تلمسان وإفريقية [2] وكان منهم الفقيه وكاك بن زيرك صاحب أبي عمران الفاسي [3] وكان نزل سجلماسة. ومن تلميذه كان عبد الله بن ياسين صاحب الدولة اللمتونية على ما مرّ.
[1] بياض بالأصل في جميع النسخ، ولعلها بلاد بني وارثين وقد ذكرها ابن خلدون من قبل، وسترد معنا في الطبقة الثالثة من صنهاجة.
[2]
وفي النسخة التونسية ومعظمهم في قبلة تلمسان وإفريقية.
[3]
هكذا بالأصل وفي كتاب قبائل المغرب ص 332: «واليهم نسبة الفقيه واكاك بن زولو صاحب أبي عمران الفاسي وشيخ عبد الله بن ياسين داعية المرابطين، منهم اليوم فرقة مستقرّة بجبل زالغ المطل على فاس» .
(وأمّا كزولة [1] ) فبطونهم كثيرة، ومعظمهم بالسوس ويجاورون لمطة ويحاربونهم.
ومنهم الآن ظواعن بأرض السوس، وكان لهم مع المعقل حروب قبل أن يدخلوا السوس، فلما دخلوه تغلّب عليهم، وهم الآن من خولهم وأخلافهم ورعاياهم.
(وأمّا هسكورة) وهم لهذا العهد في عداد المصامدة وينسبون إلى دعوة الموحّدين، وهم أمم كثيرة وبطون واسعة ومواطنهم بجبالهم متّصلة من درن إلى تادلّا من جانب الشرق إلى درعة من جانب القبلة وكان دخول بعضهم في دعوة المهدي قبل فتح مراكش، ولم يستكملوا الدخول في الدعوة إلّا من بعده، فلذلك لا يعدّهم كثير من الناس في الموحّدين، وإن عدّوا فليسوا من أهل السابقة منهم لمخالفتهم الإمام أوّل الأمر، وما كان من حروبهم معه ومع أوليائه وشيعته. وكانوا ينادون بخلافهم وعداوتهم ويجهرون بلعنهم، فتقول خطباؤهم في مجامع صلواتهم: لعن الله هنتاتة وتين ملّل وهرنة وهرزجة [2] ، فلما استقاموا من بعد ذلك لم يكن لهم مزية السابقة كما كانت لهنتاته وتين ملّل وهرغة وهزرجة فاستقامتهم على الدعوة كان بعد فتح مراكش.
وبطون هسكورة هؤلاء متعدّدون فمنهم مصطاوة وعجرامة وزمراوة وانتيفت وبنو نفال وبنو رسكونت إلى آخرين لم يحضرني أسماؤهم. وكانت الرئاسة عليهم آخر دولة الموحّدين لعمر بن وقاريط المنتسب، وذكره في أخبار المأمون والرشيد من بني عبد المؤمن خلاف الموحّدين بمراكش. ثم كان من بعده مسعود بن كلداسن، وهو القائم يأمر دبوس والمظاهر له على شأنه، وأظنّه جد بني مسعود، الرؤساء عليهم لهذا العهد من فطواكة المعروفين ببني خطّاب لاتصال الرئاسة في هذا البيت، ولما انقرض أمر الموحّدين استعصوا على بني مرين مدّة واختلف حالهم معهم في الاستقامة والنفرة، وكانوا ملجأ النازعين عن الطاعة من عرب جشم، ومأوى للثائرين منهم. ثم استقاموا وأذعنوا لأداء الضرايب والمغارم وجبايتها من قومهم، والخفوف إلى العسكرة مع السلطان متى دعوا إليها شأن غيرهم من سائر المصامدة.
[2]
وفي النسخة التونسية: لعن الله منتاتة وتين ملّل وشيخهم الضال المضل.
(وأمّا انتيفت فكانت رياستهم في أولاد هنّوا، وكان يوسف بن كنون [1] منهم اتخذ لنفسه حصن تاقيّوت، وامتنع به، ولم يزل ولده علي ومخلوف يشيد أنه من بعده، وهلك يوسف وقام بأمره ابنه مخلوف، وجاهر بالنفاق سنة اثنتين وسبعمائة. ثم راجع الطاعة وهو الّذي تقبّض على يوسف بن أبي عياد المتعدي على مراكش أيام أبي ثابت سنة سبع وسبعمائة كما نذكر في أخباره، لما أحيط به، فتقبّض عليه مخلوف وأمكن منه. وكانت وسيلته من الطاعة وكان من بعده ابنه هلال بن مخلوف، والرئاسة فيهم متصلة لهذا العهد.
(وأمّا بنو نفال) فكانت رياستهم لأولاد تروميت، وكان منهم لعهد السلطان أبي سعيد وابنه أبي الحسن، كبيرهم عليّ بن محمد، وكان له في الخلاف والامتناع ذكر، واستنزله السلطان أبو الحسن من محلّه لأوّل ولايته بعد حصاره بمكانه، وأصاره في جملته تحت عنايته وإمرائه إلى أن هلك بتونس بعد واقعة القيروان في الطاعون الجارف. وولي بنوه من بعده أمر قومهم إلى أن انقرضوا، والرئاسة لهذا العهد في أهل بيتهم ولأهل عمومتهم.
(وأمّا فطواكة) وهم أوسع بطونهم وأعظمهم رياسة فيهم وأقربهم اختصاصا بصاحب الملك واستعمالا في خدمته. وكان بنو خطّاب منذ انقراض أمر الموحّدين قد جنحوا إلى بني عبد الحق، وأعطوهم المقادة واختصّوا شيوخهم في بني خطّاب بالولاية عليهم. وكان شيخهم لعهد السلطان يوسف بن يعقوب محمد بن مسعود، وابنه عمر من بعده. وهلك عمر سنة أربع وسبعمائة بمكانه من محلّه، وولي بعده عمّه موسى بن مسعود وسخطه السلطان لتوقع خلافه، فاعتقله. وكان خلاصه من الاعتقال سنة ست وسبعمائة، وقام بأمر هسكورة من بعده محمد بن عمر بن محمد بن مسعود.
ولما استفحل ملك بني مرين وذهب أثر الملك من المصامدة وبعد عهدهم صار بنو مرين إلى استعمال رؤسائهم في جباية مغارمهم لكونهم من جلدتهم. ولم يكن فيهم أكبر رياسة من أولاد تونس في هنتاتة. وبني خطّاب هؤلاء في هسكورة فداولوا بينهم ولاية الأعمال المراكشيّة وليها محمد بن عمر هذا من بعد موسى بن علي وأخيه محمد
[1] وفي النسخة الباريسية: منكون، وفي النسخة التونسية مكبول.