الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملوك بني حبوس (الخبر عن ملوك بني حبوس بن ماكسن من بني زيري من صنهاجة من غرناطة من عدوة الأندلس وأولية ذلك ومصايره
لما استبدّ باديس بن المنصور بن بلكّين بن زيري بن مناد بن هاد بولاية إفريقية سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ولى عمومته وقرابته ثغور عمله، فأنزل حمّادا بأشير أخاه يطوفت بتاهرت، وزحف زيري بن عطية صاحب فاس من مغراوة بدعوة المؤيد هشام خليفة قرطبة إلى عمل صنهاجة في جموع زناتة، ونزل تاهرت وسرّح باديس عساكره لنظر محمد بن أبي العون فالتقوا على تاهرت، وانهزم صنهاجة، فزحف باديس بنفسه للقائهم، وخالف عليه فلفول بن سعيد بن خزرون صاحب طبنة ثم أجفل زيري بن عطية أمامه ورجع إلى المغرب، فرجع باديس الى القيروان، وترك عمومته أولاد زيري بأشير مع حمّاد وأخيه يطوفت وهم زاوي وحلال وعرم ومعنين وأجمعوا على الخلاف والخروج على باديس سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فأسلموا حمّادا برمته واستولوا على جميع ما معه، واتصل الخبر بأبي البهار بن زيري، وهم مع باديس فخشيه على نفسه، ولحق بهم واجتمعوا في الخلاف، واشتغل باديس عنهم بحرب فلفول بن يأنس مولى الحاكم القادم على طرابلس من قبله، وانفسح مجالهم في الفساد والعيث ووصلوا أيديهم بفلفول وعاقدوه.
ثم رجع أبو البهار عنهم إلى باديس فتقبّله وصالح له، ثم رجعوا إلى حمّاد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ولقيهم فهزمهم وقتل ماكسن وابنه. ولحق زاوي بجبل شنوق من ساحل مليانة، وأجاز البحر إلى الأندلس في بنيه وبني أخيه وحاشيته، ونزل على المنصور بن أبي عامر صاحب الدولة وكافل الخلافة الأموية، فأحسن نزلهم وأكرم وفادتهم، واصطنعهم لنفسه واتخذهم بطانة لدولته وأوليائه على ما يرومه من قهر الدولة والتغلّب على الخلافة، ونظّمهم في طبقات زناتة وسائر رجالات البربر الذين أدال بجموعهم من جنود السلطان وعساكر الأموية وقبائل العرب، واستغلظ أمر صنهاجة بالأندلس واستفحلت إمارتهم، وحملوا دولة المنصور بن أبي عامر وولديه المظفّر والناصر من بعده على كاهلهم.
ولما انقرض أمرهم واضمحلّت دولتهم ونشأت الفتنة بالأندلس بين البرابرة وأهلها، فكان زاوي كبش تلك الوقائع ومحش [1] حروبها. وتمرّس بقرطبة هو وقومه صنهاجة وكافة زناتة والبربر حتى أثبتوا قدم خليفتهم المستعين سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر الّذي أتوه ببيعتهم، وأعطوه على الطاعة صفقتهم كما ذكرناه في أخبارهم. ثم اقتحموا به قرطبة عنوة واصطلموا عامّة أهلها وأنزلوا المعرات بذوي الصون منها وبيوتات الستر من خواصّها، فحدث الناس في ذلك بأخبارها وتوصّل زاوي عند استباحة قرطبة إلى رأس أبيه زيري بن مناد المتصور بجدران قصر قرطبة فأزاله وأصاره إلى قومه ليدفن في جدثه. ثم كان شأن بني حمّود من العلوية، وافترق أمر البرابرة واضطرمت الأندلس نارا، وامتلأت جوانبها فتنة، وأسرى الرؤساء من البرابرة ورجالات الدولة على النواحي والأمصار فملكوها، وتحيّزت صنهاجة إلى ناحية ألبيرة فكانت ضواحيها وحصل عليها استيلاؤهم، وزاوي يومئذ عضد البرابرة فنزل غرناطة واتخذها دارا لملكته ومعتصما لقومه.
ثم وقع في نفسه سوء أثر البربر بالأندلس أيام الفتنة، وحذر مغبّة الفعلة واستعاضت الدولة، فاعتزم على الرحلة وآوى إلى سلطان قومه بالقيروان سنة عشر وأربعمائة بعد مغيبه عشرين سنة، وأنزل على المعزّ بن باديس حافد أخيه بلكّين أجلّ ما كانت دولتهم بأمر إفريقية، وأترف وأوسع ملكا وأوفر عددا، فلقيه المعز بأحسن أحوال البرّ والتجلّة، وأنزله أرفع المنازل من الدولة وقدّمه على الأعمام والقرابة وأسكنه بقصره، وأبرز الحرم للقائه، فيقال: إنه لقيه من ذوات محارمه ألف امرأة لا تحلّ له واحدة منهنّ، ووارى إبراهيم مع شلوه بجدثه. وكان استخلف على عمله ابنه ونّا فظعن لأهل غرناطة فانتقضوا عليه، وبعثوا عن حبّوس ابن عمّه ماكسن بن زيري مكانه ببعض حصون عمله، فبادر إليهم، ونزل بغرناطة، فانتقضوا عليه وبايعوه، واستحدث بها ملكا، وكان من أعظم ملوك الطوائف بالأندلس إلى أن هلك سنة تسع وعشرين وأربعمائة وولي من بعده ابنه باديس بن حبّوس ويلقّب بالمظفّر، ولم يزل مقيما لدعوة آل حمّو أمراء مالقة بعد تخلّفهم عن قرطبة سائر أيامه، وزحف إليها العامري صاحب المرية سنة تسع وعشرين وأربعمائة فلقيه باديس بظاهر غرناطة فهزمه وقتله وطالت
[1] حشّ الحرب أي هيّجها (القاموس) .
أيام ومدّ ملوك الطوائف أيديهم جميعا إلى مدده فكان ممن استمدّه محمد بن عبد الله البرز الي لمّا حاصره إسماعيل بن القاضي بن عبّاد بعساكر أبيه فأمدّه باديس بنفسه وقومه وصار إلى صريخه مع ابن بقية قائد إدريس بن حمّود صاحب المالقة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ورجعوا من طريقهم. وطمع إسماعيل بن القاضي بن عبّاد مع صريخه فيهم فاتبعهم ولحق بباديس في قومه، فاقتتلوا، وفرّ عسكر إسماعيل وأسلموه فقتله صنهاجة، وحمل رأسه إلى ابن حمود.
وكان القادر بن ذي النون صاحب طليطلة أيضا يستدفع به وبقومه استطالة ابن عبّاد وأعوانه. وباديس هذا هو الّذي مصّر غرناطة واختطّ قصبتها وشاد قصورها وشيّد حصونها، وآثاره في مبانيها ومصانعها باقية لهذا العهد. واستولى على مالقة عند انقراض بني حمود سنة تسع وأربعين وأربعمائة وأضافها إلى عمله، وهلك سنة سبع وستين وأربعمائة وظهر أمر المرابطين بالمغرب واستفحل ملك يوسف بن تاشفين فولي من بعده حافده عبد الله بن بلكين بن باديس، وتغلّب المظفر وعقد لأخيه تميم على مالقة فاستقام أمرها إلى أن أجاز يوسف بن تاشفين إلى العدوة أجازته المعروفة كما نذكره في أخباره. ونزل بغرناطة سنة ثلاث وثمانين فتقبّض على عبد الله بن بلكين واستصفى أمواله وذخيرته وألحق به أخاه تميما من مالقة واستصحبهما إلى العدوة، فأنزل عبد الله وتميما بالسوس الأقصى وأقطع لهما إلى أن هلكوا في إيالته، ويزعم بنو الماكسن من بيوتات طنجة لهذا العهد أنهم من أعقابهم، فاضمحلّ ملك بلكانة من صنهاجة ومن بيوتات طنجة لهذا العهد أنهم من أعقابهم، فاضمحلّ ملك بلكانة من صنهاجة ومن إفريقية والأندلس أجمع والبقاء للَّه وحده أهـ.
عبد الله بن بلكين بن باديس بن حيوس بن ماكسن بن زيري بن مناد