الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعقوب من أولاد القوس وأسرى معهم بعسكره إلى سوسة فصبحها وركب منها في أساطيله إلى تونس، وسبق الخبر إلى ابن تافراكين بتونس فتسلّل من أصحابه وركب السفينة إلى الإسكندرية في ربيع سنة تسع وأربعين وسبعمائة وأصبحوا وقد فقدوه فاضطربوا وأجفلوا عن تونس، وخرج أهل القصبة من أولياء السلطان فملكوها وخرّبوا منازل الحاشية فيها. ونزل السلطان بها من أسطوله في ربيع الآخر فاستقلّت قدمه من العثار، ورجا الكرّة لولا ما قطع أسبابها عنه مما كان من انتراء أبنائه بالمغرب على ما نذكره في أخبارهم. وأجلب العرب وابن أبي دبوس معهم على الحضرة ونازلوا بها السلطان فامتنعت عليهم فرجعوا إلى مهادنته فعقد لهم السلم، ودخل حمزة بن عمر إليه وافدا فحبسه إلى أن تقبّض على ابن أبي دبّوس وأمكنه منه فلم يزل في محبسه إلى أن رحل إلى المغرب، ولحق هو بالأندلس كما نذكره في أخباره، وأقام السلطان بتونس، ووفد عليه أحمد بن مكي فعقد لعبد الواحد بن اللحياني على الثغور الشرقيّة طرابلس وقابس وصفاقس وجربة وسرّحه مع ابن مكي فهلك عند وصوله إليها في الطاعون الجارف، وعقد لأبي القاسم بن عتو من مشيخة الموحّدين وهو الّذي كان قطعه بإغراء أبي محمد بن تافراكين، فلما ظهر خلافه أعاد ابن عتو إلى مكانه، وعقد له على بلاد قسطيلية وسرّحه إليها وأقام هو بتونس إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن استيلاء الأمير الفضل على قسنطينة وبجاية ثم استيلاء أمرائهما بتمهيد الملك)
كان سنن السلطان أبي الحسن في دولته بالمغرب وفود العمّال عليه آخر كل سنة لإيراد جبايتهم والمحاسبة على أعمالهم، فوفدوا عليه عامهم ذلك من قاصية المغرب ووافاهم خبر الواقعة بقسنطينة وكان معهم ابن مزني عامل الزاب وفد أيضا بجبايته وهديته، وكان معهم ابن عمه تاشفين [1] ابن السلطان أبي الحسن كان أسيرا من يوم واقعة طريف. ووقعت المهادنة بين الطاغية وبين أبيه فأطلقه وأوفد معه جمعا من بطارقته
[1] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: أبو عمر تاشفين.
وقدموا معه على أبيه ووفد معه أخوه عبد الله من المغرب وكان أيضا معهم وفد السودان من أهل مالي في غرض السفارة، واجتمعوا كلّهم بقسنطينة فلما اتصل بهم خبر الواقعة على السلطان كثر الاضطراب، وتطلبت السفهاء من الغوغاء إلى ما بأيديهم وخشي الملأ من أهل البلد على أنفسهم فاستدعوا أبا العباس الفضل من عمله ببونة. ولما أطلّ الملأ من أهل البلد على أنفسهم فاستدعوا أبا العباس الفضل من عمله ببونة. ولما أطلّ على قسنطينة ثارت العامة بمن كان هنالك من الوفد والعمّال وانتهبوا أموالهم واستلحموا منهم، وخلص أبناء السلطان مع وفود السلطان والجلالقة إلى بسكرة مع ابن مزني، وفي خفارة يعقوب بن علي أمير الزواودة فأوسع ابن مزني قرى وتكرمة إلى أن لحقوا بالسلطان أبي الحسن بتونس في رجب من سنة تسع.
ودخل المولى الفضل إلى قسنطينة وأعاد ما ذهب من سلطان قومه. وشمل الناس بعدله وإحسانه، وسوّغ الأقطاع والجوائز ورحل إلى بجاية لما آنس من صاغية أهلها إلى الدعوة الحفصيّة. فلما أطلّ عليها ثار أهلها بالعمّال الذين كان السلطان أنزلهم بها واستباحوهم وأفلتوا من أيدي نكبتهم بحريفة الرفل [1] ودخل الفضل إلى بجاية واستولى على كرسي ملكها. ونظّمها مع قسنطينة وبونة في ملكه. وأعاد ألقاب الخلافة ورسومها وشتاتها كما كانت، واعتزم على الرحيل إلى الحضرة. وبينما هو يحدّث نفسه بذلك إذ وصل الخبر بقدوم أمراء بجاية وقسنطينة من المغرب، وكان من خبرها أنّ الأمير أبا عنّان لما بلغه خبر الواقعة بأبيه وانتزاء منصور ابن أخيه إلى ملكه [2] بالبلد الجديد دار ملكهم، وأحسّ بخلاص أبيه من هوّة الحصار بالقيروان وثب على الأمر ودعا لنفسه، ورحل إلى المغرب كما نذكره في أخباره. وسرّح الأمير أبا عبد الله محمد ابن الأمير أبي زكريا صاحب بجاية والأنباء إلى عمله. وأمدّه بالأموال وأخذ عليه المواثيق ليكونن له ردءا دون أبيه، وليحولنّ بينه وبين الخلوص متى مرّ به. وانطلق أبو عبد الله إلى بجاية وقد سبقه إليها عمّه الفضل واستولى عليها فنازله بها وطال حصارها، ولحق بمكانه من منازلتها نبيل المولى ابن المعلوجي مولى الأمير أبي عبد الله وكافل بنيه من بعده. وتقدّم إلى قسنطينة وبها عامل من قبل الفضل، فثار به الناس لحينه، ودخل نبيل وملك البلد وأقام فيها دعوة الأمير أبي زيد ابن الأمير أبي عبد الله. وكان الأمير أبو عنّان استصحبه وإخوانه إلى المغرب، وبعد احتلاله بفاس سرّحهم إلى
[1] وفي نسخة ثانية: بجريعة الذقن. أي بمعنى برمق أنفسهم.
[2]
وفي نسخة ثانية: ابى مالك.