الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تربيتها. ولما بلغ الحدّ وصرف إليه رئيس الدولة يعقوب بن عمر وجه إقباله واختصاصه، فكان له منه مكان أكسبه ترشيحا للرئاسة فيما بعد من بين خواص السلطان وخلصائه.
ولما نهض السلطان إلى إفريقية قلّده قيادة بعض العساكر، ثم عقد له بعد مهلك ابن عمر على عمل باجة حين رقى ابن سيّد الناس عنها إلى بجاية، وكان عمل باجة من أعظم الولايات في الدولة فأضطلع به، ثم لما آمر السلطان بطانته في نكبة ابن سيّد الناس دفعه لذلك، فولي القبض عليه كمن له في عصبة من البطانة في بعض الحجر من رياض رأس الطابية. واستدعى ابن سيّد الناس إلى السلطان ومرّ بمكانهم، فلما انتهى إليهم توثّبوا به وشدّوه كتافا وتلّوه إلى محبسه بالبرج المعدّ لعقاب أمثاله بالقصبة.
وتولّى ابن الحكيم من امتحانه وعذابه ما ذكرناه إلى أن هلك، وعقد له السلطان مكانه على الحرب والتدبير من خططه، وفوّض إليه فيما وراء الحضرة كما قلناه.
وجعل تنفيذ الأموال والكتب على الأوامر لابن عبد العزيز، فكان عدله في حمل الدولة، إلا أنّ ابن عبد الحكيم كان أشفّ فيه لما كان إليه من التدبير في الحرب والرئاسة على الكتابة، لرياسة السيف على القلم فاضطلع برياسته وأحسن الغناء والولاية إلى أن كان من خبره وخبر الدولة ما نذكر.
(الخبر عن فتح قفصة وولاية الأمير أبي العباس عليها)
كان أهل الجريد منذ تقلّص عنهم ظل الدولة عند انقسام الملك بين الثغور الغربية والحضرة وما إليها، وصار أمرهم إلى الشورى من المشيخة إلا في الأحايين يؤمّلون الاستبداد كما كانوا عليه من قبل الموحدين، فقدم عبد المؤمن إلى إفريقية وبنو الرند على قفصة وقسنطينة [1] ، وابن واطاس على توزر، وابن مطروح على طرابلس فأمّلوا فتكها [2] ، وشغل مولانا السلطان أبو بكر عنهم بعد استقلاله بالأمر وانفراده بالدعوة الحفصية شأن الفتنة مع آل يغمراسن بن زيّان واجلاب عساكرهم مع حمزة
[1] وفي نسخة أخرى: قسطيلية.
[2]
وفي نسخة أخرى: مثلها.