الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أخبار الأندلس)
لما استوسق الأمر للخليفة أبي يعقوب بالعدوة وصرف نظره إلى الأندلس والجهاد، واتصل به ما كان من غدر العدو، دمّره الله بمدينة ترجالة [1] . ثم مدينة يابرة [2] ثم حصن شبرمة ثم حصن جلمانيه إزاء بطليوس، ثم مدينة بطليوس، فسرّح الشيخ أبا حفص في عساكر من الموحّدين احتفل في انتقائهم، وخرج سنة أربع وستين وخمسمائة لاستنقاذ بطليوس من هوة الحصار، فلما وصل إلى إشبيليّة بلغه أنّ الموحّدين وبطليوس هزموا ابن الرنك [3] الّذي كان يحاصرهم بإعانة ابن ادفونش، وأنّ ابن الرنك تحصل في قبضتهم أسيرا وفرّجوا ندة [4] الجلّيقي إلى حصنه، فقصد الشيخ أبو حفص مدينة قرطبة، وبعث إليهم إبراهيم بن همشك من جيان بطاعته وتوحيده ومفارقته صاحبه ابن مردنيش لما حدث بينهما من الشحناء والفتنة، فألحّ عليه ابن مردنيش بالحرب، وردّد إليه الغزو، فبعث إلى الشيخ أبي حفص بطاعته.
وكان الشيخ أبو حفص في عساكر الموحّدين، فنهض من مراكش سنة خمس وستين وخمسمائة وفي جملته السيد أبو سعيد أخوه، فوصل إلى إشبيليّة وبعث أخاه أبا سعيد إلى بطليوس، فعقد الصلح مع الطاغية وانصرف، ونهضوا جميعا إلى مرسية ومعهم ابن همشك فحاصروا ابن مردنيش. وثار أهل لورقة [5] بدعوة الموحدين، فملكها السيد أبو حفص. ثم افتتح مدينة بسطة [6] وأطاع ابن عمه محمد بن مردنيش
[1] ترجالة: تقع في ناحية ماردة تبعد عنها حوالي 90 كلم شمالا (البينة/ 25) .
[2]
يابرة: اسمها القديم: ايبورا، فتحها العرب سنة 715 م وصارت في أيامهم احدى المدن المهمة في ناحية الاشبونة، استرجعها النصارى سنة 1166 وهي على بعد 117 كلم من شرق الاشبونة (البينة/ 35) .
[3]
وفي النسخة الباريسية الزيك وفي نسخة أخرى الرتك.
[4]
وفي نسخة أخرى: جراندة.
[5]
لورقة: مدينة ايبيرية قديمة كانت تدعى عند الرومان،Ilucro فتحها العرب سنة 780 هـ وكانت عاصمة ناحية زراعية خصبة، استرجعها الإسبان سنة 1266 م وهي بين مرسية والمرية تبعد عن الاولى 62 كلم وعن الثانية 77 كلم وكانت أيام العرب من اعمال كورة تدمير (البينة/ 30) .
[6]
بسطة: اسمها أيام الرومان بسطي Basti وكانت من أخريات المدن التي استرجعها الاسبان في ناحية وادي آش سنة 1489. ولا تزال بها الى الآن اثار عربية. تبعد عن وادي آش 48 كلم شرقا (البينة/ 24) .
صاحب المريّة فحص [1] بذلك جناحه.
واتصل الحبر بالخليفة بمراكش، وقد توافت عنده جموع العرب من إفريقية صحبة أبي زكريا صاحب بجاية والسيد أبي عمران صاحب تلمسان، وكان يوم قدومهم عليه يوما مشهودا، فاعترضهم وسائر عساكره، ونهض إلى الأندلس. واستخلف على مراكش السيد أبا عمران أخاه فاحتلّ بقرطبة سنة سبع وستين وخمسمائة ثم ارتحل بعدها إلى إشبيليّة، ولقيه السيد أبو حفص هنالك منصرفا من غزاته. وكان ابن مردنيش لما طال عليه الحصار ارتاب ففتك بهم، وباد أخوه أبو الحجّاج وهلك هو في رجب من هذه السنة. ودخل ابنه هلال في الطاعة، وبادر السيد أبو حفص إلى مرسية فدخلها وخرج هلال في جملته، وبعثه إلى الخليفة بأشبيليّة. ثم ارتحل الخليفة غازيا إلى بلاد العدو فنازل رندة أياما وارتحل عنها إلى مرسية. ثم رجع إلى إشبيليّة سنان ثمان وستين وخمسمائة واستصحب هلال بن مردنيش واصهر له في ابنته، وولّى عمّه يوسف على بلنسية وعقد لأخيه السيد أبي سعيد على غرناطة.
ثم بلغه خروج العدو إلى أرض المسلمين مع القومس الأحدب، فخرج للقائهم وأوقع بهم بناحية قلعة رياح، وأثخن فيهم ورجع إلى إشبيليّة وأمر ببناء حصن القلعة ليحصّن جهاتها، وقد كان خرابا منذ فتنة أبي حجّاج فيه مع كريب بن خلدون بمدّة [2] ازمان المنذر بن محمد وأخيه عبد الله من أمراء بني أمية.
ثم انتقض ابن أذفونيش وأغار على بلاد المسلمين، فاحتشد الخليفة وسرّح السيد أبا حفص إليه فغزاه بعقر داره، وافتتح قنطرة بالسيف، وهزم جموعه في كلّ جهة.
ثم ارتحل الخليفة من إشبيليّة راجعا إلى مراكش سنة إحدى وسبعين وخمسمائة لخمس سنين من إجازته إلى الأندلس، وعقد على قرطبة لأخيه الحسن، وعلى إشبيليّة لأخيه عليّ، وأصاب مراكش الطاعون فهلك من السادات أبو عمران وأبو سعيد وأبو زكريا، وقدم الشيخ أبو حفص من قرطبة فهلك في طريقه، ودفن بسلّا.
واستدعى الخليفة أخويه السيدين أبا علي وأبا الحسن، فعقد لأبي علي على سجلماسة ورجع أبو الحسن إلى قرطبة، وعقد لابني أخيه السيد أبي حفص:
[1] بمعنى نقص قدره.
[2]
وفي نسخة أخرى: بمورة،