الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للنظر في ملكه وتمهيد أحواله، وأن يرسي قواعد أعماله بنجباء أبنائه. فعقد على سوسة والبلاد الساحلية لولديه الأميرين عزوز وخالد شريكين في الأمر، وأنزلهما بسوسة، وأنزل معهما محمد بن طاهر من صنائع الدولة ومن بيوت أهل الأندلس القادمين في الجالية، ورياسة سلفهم بمرسية معروفة في أخبار الطوائف. وكان أخوه أبو القاسم صاحب الأشغال بالحضرة فأقاما كذلك. ثم هلك محمد بن طاهر فاستقدم السلطان محمد بن فرحون من بجاية معه باستبداد ابنه وأن يولّي من شاء على حجابته وأنزل ابن فرحون مع هذين الأميرين لصغرهما سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. ثم استدعاه الأمير أبو زكريا فرجع إليه وأقام هذان الأميران بسوسة حتى إذا نكب السلطان قائده محمد بن الحكيم واستنزل قريبه محمد بن الزكزاك [1] من المهدية كان أنزله بها ابن الحكيم لما افتتحها من يد المتغلب عليها من أهل رجيس، ويعرف بابن عبد الغفّار سنة [2] واتخذها حسنا لنفسه، وأنزل بها قريبه هذا وشحنها بالعدد والأقوات فلم يغن عنه. ولما هلك استنزل ابن الزكزاك وبعث السلطان عليهما ابنه الأمير أبا البقاء، وأفرد الأمير أبا فارس بولاية سوسة فأقاما كذلك إلى أن كان من خبر مهلكهما ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن ولاية الأمير أبي عبد الله صاحب قسنطينة من الأبناء وولاية بنيه من بعده)
كان الأمير أبو عبد الله مخصوصا من أبيه من بين ولده بالأثرة والعناية قد صرف إليه إقباله وأوقع [3] عليه محبته لما كان يتوسم في شواهده من الترشيح، وما تحلّى به من خلال الملك. وكان الناس يعرفون له حق ذلك. وذلك أنّ ابن عمر كان مستبدّا بالثغور الغربية ببجاية وقسنطينة ومدافعا عنها العدو من زناتة المطالبين لها. فلما هلك ابن عمر سنة تسع عشرة وسبعمائة كما قدّمناه صرف السلطان نظره إلى ثغوره، فعقد
[1] وفي نسخة أخرى: محمد بن الركراك.
[2]
بياض بالأصل ولم نستطع تحديد السنة في المراجع التي بين أيدينا.
[3]
وفي نسخة أخرى: وألقى.
على بجاية لابنه الأمير أبي زكريا وعقد على حجابته لابن القالون وسرّحه معه لمدافعة العدوّ، وعقد على قسنطينة للأمير أبي عبد الله ومعه أحمد بن ياسين. وخرجوا جميعا من تونس سنة عشرين وسبعمائة ونزل كل بعمله. وقدّم ظافر الكبير من الغرب فولّاه السلطان حجابة ابنه بقسنطينة وأنزله بها إلى أن هلك سنة سبع وعشرين وسبعمائة على تيمرزدكت كما ذكرناه، فجاء لحجابته من تونس أبو القاسم بن عبد العزيز الكاتب فأقام أربعين يوما. ثم رجع إلى الحضرة وأضاف السلطان حجابة قسنطينة لابن سيّد الناس إلى حجابة بجاية، وبعث إليها نائبا عنه مولاه هلالا النازع إليه عن موسى بن علي قائد بني عبد الواد فقام بخدمة الأمير أبي عبد الله إلى أن كانت نكبة ابن سيّد الناس عند ما بلغ الأمير أبا عبد الله أثره [1] وجرى في طلق استبداده ففوّض له في عمله السلطان وأطلق من عنانه، وكان يؤامره في شأنه ويناجيه في خلوته. وأنزل معه بقسنطينة نبيلا من المعلوجين يقيم له رسم الحجابة. ثم استدعى ظافر السنان من تونس سنة أربع وثلاثين وسبعمائة لقيادة الأعنّة والحرب، فقدم لذلك وأقام سنة ونصفها. ثم رجع وقام نبيل لحجابته كما كان ودفع يعيش بن [2] من صنائع الدولة لقيادة العساكر وحماية الأوطان فقاسمه لذلك مراسم الخدمة ورتب الدولة واستمرّت حال الأمير أبي عبد الله على ذلك والأيام تزيده ظهورا ومساعيه الملوكية تكسبه جلالا وترشيحا إلى أن أسقط [3] دون غايته واغتاله الأجل عن مداه، فهلك رضوان الله عليه آخر سبع وثلاثين وسبعمائة وقام بأمره من بعده كبير بنيه الأمير أبو زيد عبد الرحمن، فعقد له السلطان أبو بكر على عمل أبيه لنظر نبيل مولاهم لمكان صغره، واستمرّت حالهم على ذلك إلى آخر الدولة، وكان من أمره ما نذكر بعد والله تعالى أعلم.
[1] وفي نسخة أخرى: عند ما بلغ الأمير أبو عبد الله أشده.
[2]
بياض بالأصل ولم نعثر على هذا الاسم في المراجع التي بين أيدينا.
[3]
وفي نسخة أخرى: اغتبط.