الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الخبر عن المعقل من بطون هذه الطبقة الرابعة وأنسابهم وتصاريف أحوالهم)
هذا القبيل لهذا العهد من أوفر قبائل العرب ومواطنهم بقفار المغرب الأقصى مجاورون لبني عامر من زغبة في مواطنهم بقبلة تلمسان، وينتهون إلى البحر المحيط من جانب الغرب، وهم ثلاثة بطون: ذوي عبيد الله وذوي منصور وذوي حسان. فذوي عبيد الله منهم هم المجاورون لبني عامر ومواطنهم بين تلمسان وتاوريرت في التل وما يواجهها من القبلة. ومواطن ذوي منصور من تاوريرت إلى بلاد درعة فيستولون على ملوية كلها الى سجلماسة [1] وعلى درعة وعلى ما يحاذيها من التل مثل تازي وغساسة ومكناسة وفاس وبلاد تادلا والمقدر. ومواطن ذوي حسان من درعة إلى البحر المحيط، وينزل شيوخهم بلاد نول [2] قاعدة السوس فيستولون على السوس الأقصى وما إليه، وينتجعون كلهم في الرمال إلى مواطن الملثمين من كدالة [3] مستوفة ولمتونة.
وكان دخولهم إلى المغرب مع الهلاليين في عدد قليل يقال إنهم لم يبلغوا المائتين.
واعترضهم بنو سليم فأعجزوهم وتحيّزوا إلى الهلاليين منذ عهد قديم ونزلوا بآخر مواطنهم مما يلي ملوية ورمال تافيلالت، وجاوروا زناتة في القفار والغربية فعفوا وكثروا وأنبتوا في صحارى المغرب الأقصى، فعمروا رماله وتغلبوا في فيافيه. وكانوا هناك أحلافا لزناتة سائر أيامهم. وبقي منهم بإفريقية جمع قليل اندرجوا في جملة بني كعب بن سليم وداخلوهم حتى كانوا وزراء لهم في الاستخدام للسلطان، واستئلاف العرب.
فلما ملكت زناتة بلاد المغرب ودخلوا إلى الأمصار والمدن. قام هؤلاء المعقل في القفار وتفردوا في البيداء فنموا نموا لا كفاء له، وملكوا قصور الصحراء التي اختطها زناتة
[1] سجلماسة: مدينة تاريخية اندثرت الآن أسسها بنو مدرار في القرن الهجريّ الثاني وأصبحت عاصمة للخوارج الى ان فتحها قائد الفاطميين جوهر الصيقلي وتأسست بها الدولة الفاطمية في أواسط القرن الرابع الهجريّ واستمرت عمارة المدينة الى القرن العاشر (كتاب المغرب/ 126) - المعجم التاريخي/ 32 معجم البلدان، راجع القلقشندي «صبح الأعشى ج 2 ص 180) .
[2]
نوال: مدينة في جنوبي بلاد المغرب. هي حاصرة لمطة فيها قبائل من البربر وهي في غربي تينزرمت.
[3]
كدالة: ناحية في جبال إفريقية.
بالقفر مثل قصور السوس غربا، ثم توات ثم جودة [1] ثم تامنطيت. ثم واركلان ثم تاسبيبت ثم تيكورارين شرقا، وكل واحد من هذه وطن منفرد يشتمل على قصور عديدة ذات نخيل وأنهار وأكثر سكانها من زناتة، وبينهم فتن وحروب على رياستها، فجاز عرب المعقل هؤلاء الأوطان في مجالاتهم ووضعوا عليها الأتاوات والضرائب، وصارت لهم جباية يعتدون فيها ملكا. وكانوا من تلك السالفة يعطون الصدقات لملوك زناتة ويأخذونهم بالدماء والطوائل ويسمونها حمل الرحيل. وكان لهم الخيار في تعيينها.
ولم يكن هؤلاء العرب يستبيحون من أطراف المغرب وحلوله [2] حمى، ولا يعرضون لسابلة سجلماسة ولا غيرها من بلاد السودان بأذية ولا مكروه لما كان بالمغرب من اعتزاز الدين وسد الثغور وكثرة الحامية أيام الموحدين وزناتة بعدهم. وكان لهم بإزاء ذلك اقطاع من الدول يمدون إلى أخذه اليد السفلى، وفيهم من مسلم سعيد بن رياح والعمور من الأثبج، وعددهم كما قلنا قليل. وإنما كثروا بمن اجتمع إليهم من القبائل من غير نسبهم فإن فيهم من فزارة من أشجع أحياء كبيرة، وفيهم الشظة من كرفة والمهاية من عياض، والشعراء من حصين والصباح من الأخضر ومن بني سليم وغيرهم.
(وأما أنسابهم عند الجمهور) فخفية ومجهولة، وسلافة العرب من هلال يعدونهم من بطون هلال وهو غير صحيح، وهم يزعمون أن نسبهم في أهل البيت إلى جعفر بن أبي طالب وليس ذلك أيضا بصحيح، لأن الطالبيين والهاشميين لم يكونوا أهل بادية ونجعة. والصحيح والله أعلم من أمرهم أنهم من عرب اليمن، فإن فيهم بطنين يسمى كل واحد منهما بالمعقل، ذكرهما ابن الكلبي وغيره، فأحدهما من قضاعة بن مالك بن حمير وهو معقل بن كعب بن غليم بن خباب بن هبل بن عبد الله بن كنانة ابن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كعب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. والآخر من بني الحرث بن كعب ابن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج، واسمه مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن
[1] جوده: وادي في اليمن وليس هو المقصود وفي نسخة أخرى بودة ولم نجد لها ذكر في معجم البلدان ولعلها بورة مدينة على ساحل بحر مصر قرب دمياط.
[2]
وفي نسخة أخرى: تلولة.
غريب بن زير بن كهلان، وهو معقل واسمه ربيعة بن كعب بن كعب بن الحرث.
والأنسب أن يكونوا من هذا البطن الآخر الّذي من مذحج، كان اسمه ربيعة، وقد عده الأخباريون في بطون هلال الداخلين إلى إفريقية، لأن مواطن بني الحرث بن كعب قريب من البحرين حيث كان هؤلاء العرب مع القرامطة قبل دخولهم إلى إفريقية. ويؤيده أن ابن سعيد لما ذكر مذحج وأنهم بجهات الجبال من اليمن، وذكر من بطونهم زبيد ومراد. ثم قال: وبإفريقية منهم فرقة وبرية ترتحل وتنزل، وهؤلاء الذين ذكر إنما هم المعقل الذين هم بإفريقية، وهم فرقة من هؤلاء الذين بالمغرب الأقصى.
(ومن إملاء نسابتهم) أن معقل جدهم له من الولد سحير ومحمد، فولد سحير [1] عبيد الله وثعلب، فمن عبيد الله ذوي عبيد الله البطن الكبير منهم. ومن ثعلب الثعالبة الذين كانوا ببسيط متيجة من نواحي الجزائر، وولد محمد: مختار ومنصور وجلال وسالم وعثمان. فولد مختار بن محمد: حسان وشبانه، فمن حسان ذوي حسان البطن المذكور أهل السوس الأقصى. ومن شبانة الشبانات جيرانهم هنالك. ومنهم بطنان: بنو ثابت وموطنهم تحت جبل السكسيوي من جبال أدرن وشيخهم لهذا العهد أو ما قبله يعيش بن طلحة.
والبطن الآخر آل علي، وموطنهم في برية هنكيسة تحت جبل كزولة، وشيخهم لهذا العهد أو ما قرب منه حريز بن علي. ومن جلال سالم وعثمان الرقيطات بادية لذوي حسان ينتجعون معهم. وولد منصور بن محمد حسن وأبو الحسين وعمران وشب [2] يقال لهم جميعا ذوي منصور، وهو أحد بطونهم الثلاثة المذكورة. والله سبحانه وتعالى أعلم بغيبه وأحكم.
[1] وفي النسخة التونسية صقيل.
[2]
وفي نسخة اخرى ونسبا.