الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ومن قبائل) هوّارة هؤلاء بالمغرب أمم كثيرة في مواطن من أعمال تعرف بهم، وظواعن شاوية تنتجع لمسرحها في نواحيها، وقد صاروا عبيدا للمغارم في كل ناحية. وذهب ما كان لهم من الاعتزاز والمنعة أيام الفتوحات بسبب الكثرة، وصاروا إلى الافتراق في الأودية بسبب القلّة والله مالك الأمور. ومن أشهرهم بالمغرب الأوسط أهل الجبل المطل على البطحاء، وهو مشهور باسم هوّارة وفيه من مسراتة وغيرهم من بطونهم، ويعرف رؤساؤهم من بني إسحاق. وكان الجبل من قبلهم فيما زعموا لبني يلومين، فلما انقرضوا صار إليه هوّارة وأوطنوه، وكانت رياستهم في بني عبد العزيز منهم. ثم ظهر من بني عمّهم رجل اسمه إسحاق واستعمله ملوك القلعة، وصارت رياستهم في عقبه بني إسحاق واختطّ كبيرهم محمد بن إسحاق القلعة المنسوبة إليهم.
وورث رياسته فيهم أخوه حيّون وصارت في عقبه. واتصلوا بالسلطان أيام ملك بني عبد الواد على المغرب الأوسط، وانتظموا في شرائعهم، واستعمل أبو تاشفين من ملوكهم يعقوب بن يوسف بن حيّون قائدا على بني توجين عند ما غلبهم على أمرهم، وفرض المغارم عليهم، فقام بها أحسن قيام ودوّخ بلادهم، وأذلّ من عزّهم. وبعد أن غلب بنو مرين بني عبد الواد على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن عبد الرحمن بن يعقوب على قبيلة هؤلاء. ثم استعمل بعده عمّه عبد الرحمن، ثم ابنه محمد بن عبد الرحمن بن يوسف. ثم تلاشى حال هذا القبيل وخفّ ساكن الجبل بما اضطرم بهم [1] دولة بني عبد الواد، وأجحفت بهم في الظلامات.
وانقرض بيت بني إسحاق، والأمر على ذلك لهذا العهد، والله وارث الأرض ومن عليها.
(الخبر عن ازداجة ومسطاسه وعجيسة من بطون البرانس ووصف أحوالهم)
أما أزداجة ويعرفون أيضا وزداجة فمن بطون البرانس، وكثير من نسّابة البربر يعدّونهم في بطون زناتة. وقد يقال إن أزداجة من زناتة ووزداجة من هوّارة، وأنهما بطنان
[1] وفي نسخة أخرى: اضطهدتهم.
مفترقان وكان لهم وفور وكثرة. وكانت مواطنهم بالمغرب الأوسط بناحية وهران، وكان لهم اعتزاز وآثار في الفتن والحروب. ومسطاسة مندرجون معهم فيقال إنهم من عداد بطونهم، ويقال إنهم إخوة مسطاس أخي وزداج والله أعلم.
وكان من رجالتهم المذكورين شجرة بن عبد الكريم المسطاسي وأبو دليم بن خطّاب. وأجاز أبو دليم إلى الأندلس من ساحل تلمسان، وكان لبنيه بها ذكر وفي فقهاء قرطبة. وكان من بطون ازداجة بنو مشقق [1] وكانوا يجاورون وهران ونزل مرس وهران من رجال الدولة الأموية محمد بن أبي عون ومحمد بن عبدون، فداخلوا بني مسكن وملكوا وهران سبع سنين مقيمين فيها للدعوة الأموية، فلما ظهرت دعوة الشيعة وملك عبيد الله المهدي تاهرت وولّى عليها دواس بن صولات اللهيصي من كتامة، وأخذت البرابرة بدعوتهم أو عز دوّاس بحصار وهران فرجعوا إليها سنة سبع وتسعين وأدخلوا بني مسكن في ذلك فأجابوهم، وفرّ محمد بن أبي عون فلحق بدوّاس بن صولات واستبيحت وهران وأضرمت نارا.
ثم جدّد بناءها دوّاس وأعاد محمد بن أبي عون إلى ولايتها، فعادت أحسن ما كانت، وأمراء تلمسان لذلك العهد من الأدارسة بنو أحمد بن محمد بن سليمان، وسليمان أخو إدريس الأكبر كما ذكرناه. وكانوا يقيمون دعوة الأموية لذلك العهد.
ثم ولي على تاهرت أيام أبي القاسم بن عبد الله أيا ملك يغمراسن بن أبي سمحة، وانتقض عليه البربر فحاصروه عند زحف ابن أبي العافية إلى المغرب الأوسط بدعوة المروانية، وكان ممن أخذ بها محمد بن أبي عون صاحب وهران وسرّح أبو القاسم ميسورا فولاه إلى المغرب وأتاه محمد بن عون بطاعته فقبلها وأقرّه على عمله، ثم نكث محمد بن عون عند منصرف ميسور من المغرب وراجع طاعته المروانية.
ثم كان شأن أبي يزيد وانتقاض سائر البرابرة على العبيديّين، واستفحل أمر زناتة وأخذ بدعوة المروانيّين. وكان الناصر عقد ليعلى بن أبي محمد اليفرني على المغرب، فخاطبه بمراوغة محمد بن أبي عون وقبائل ازداجة في الطاعة للعداوة وبين القبيلتين بالمجاورة، وزحف إلى ازداجة فحصرهم بجبل كيدرة، ثم تغلّب عليهم واستأصلهم وفرّق جماعتهم وذلك لسنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، ثم زحف إلى وهران ونازلها، ثم
[1] وفي نسخة أخرى: مسقن.