الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما بطون صنهاجة فكثيرة فمنهم بلكانة [1] وأنجفة وشرطة ولمتونة ومسوقة وكدالة ومندلسة وبنو وارت وبنو يتين [2] . ومن بطون أنجفة بنو مزوات وبنو تثليب وفشتالة وملواقة [3] . هكذا يكاد نقل بعض نسّابة البربر في كتبهم وذكر آخرون من مؤرّخي البربر أن بطونهم تنتهي إلى سبعين بطنا. وذكر ابن الكلبيّ والطبري أن بلادهم بالصحراء مسيرة ستة أشهر. وكان أعظم قبائل صنهاجة بلكانة وفيهم كان الملك الأول. وكانت مواطنهم ما بين المغرب الأوسط وإفريقية، وهم أهل مدر. ومواطن مسوقة ولمتونة وكدالة وشرطة بالصحراء، وهم أهل وبر.
وأما أنجفة فبطونهم مفترقة وهم أكثر بطون صنهاجة. ولصنهاجة ولاية لعلي بن أبي طالب، كما أنّ لمغراوة ولاية لعثمان بن عفّان رضي الله تعالى عنهما، إلّا أنّا لا نعرف سبب هذه الولاية ولا أصلها. وكان من مشاهيرهم في الدولة الإسلامية ثابت بن وزريون ثار بإفريقية أيام السفّاح عند انقراض الأموية، وعبد الله بن سكرديرلك، وعبّاد بن صادق من قوّاد حمّاد بن بلكّين وسليمان بن مطعمان بن غيلان [4] أيام باديس بن بلكّين. وبني حمدون وورا بني حمّاد [5] ، وهو حمدون بن سليمان بن محمد بن علي بن علم، منهم ميمون بن جبل [6] ابن أخت طارق مولى عثمان بن عفّان صاحب فتح الأندلس في آخرين يطول ذكرهم. وكان الملك في صنهاجة في طبقتين الطبقة الأولى لملكانة ملوك إفريقية والأندلس، والثانية مسوقة ولمتونة من الملثّمين ملوك المغرب المسمون بالمرابطين. ويأتي ذكرهم كلهم إن شاء الله تعالى والله أعلم.
(الطبقة الاولى من صنهاجة وما كان لهم من الملك)
كان أهل هذه الطبقة بنو ملكان [7] بن كرت، وكانت مواطنهم بالمسيلة إلى حمرة إلى
[1] وفي النسخة التونسية: تلكاثة. وكذلك في قبائل المغرب ص 330.
[2]
وفي نسخة أخرى: مندلة وبنو وارث وبنو يتيسن.
[3]
وفي نسخة أخرى: ومن بطون انجفة بنو مزورات وبنو سليب وفشتالة وملوانة.
[4]
وفي نسخة أخرى: سليمان بن بطعتان بن عليّان.
[5]
وفي نسخة أخرى: وبنو جدون وزاريني حمّاد.
[6]
وفي نسخة أخرى: جميل.
[7]
وفي النسخة التونسية: تلكات.
الجزائر ولمدية ومليناتة من مواطن بني يزيد وحصين والعطاف من زغبة، ومواطن الثعالبة لهذا العهد. وكان معهم بطون كثيرة من صنهاجة أعقابهم هنالك من متنان وأنوغة وبنو مزغنه وبنو جعد وملكانة وبطوية وبنو يفرن وبنو خليل، وبعض أعقاب ملكانة بجهات بجاية ونواحيها. وكان التقدّم منهم جميعا لبلكانة وكان أكثرهم لعهده الأغالبة مناد بن منقوش بن صنهاج الأصغر، وهو صناك بن واسفاق بن جريل [1] بن يزيد بن واسلي بن سمليل بن جعفر بن إلياس بن عثمان بن سكاد بن ملكان بن كرت بن صنهاج الأكبر هكذا نسبه ابن النحويّ، من مؤرخي الأندلس، وذكر بعض مؤرخي المغرب أن مناد بن منقوش ملك جانبي [2] إفريقية والمغرب الأوسط مقيما لدعوة ابن العبّاس، وراجعا إلى أمر الأغالبة.
وأقام أمره من بعده ابنه زيري بن مناد، وكان من أعظم ملوك البربر. وكانت بينه وبين مغراوة من زناتة المجاورين له من جهة المغرب الأوسط كما نذكر حروب وفتن طويلة. ولما استوسق الملك للشيعة بإفريقية تحيّز إليهم للولاية التي لعليّ رضي الله عنه فيهم. وكان من أعظم أوليائهم، واستطال بهم على عدوّه من مغراوة فكانوا ظهرا له عليهم، وانحرفت لذلك مغراوة وسائر زناتة عن الشيعة سائر أيامهم وتحيّزوا عن المروانيّين ملوك العدوة بالأندلس فأقاموا دعوتهم بالمغرب الأوسط والأقصى كما نذكره بعد إن شاء الله تعالى. ولما كانت فتنة أبي يزيد والتاث أمر العبيديّين بالقيروان والمهديّة، كان لزيري بن مناد منافرة إلى الخوارج أصحاب أبي يزيد وأعقابهم [3] وشريف بالحشود إلى مناصرة العبيديين بالقيروان كما ستراه.
وأحفظ مدينة واشين [4] للتحصّن بها سفح الجبل المسمى تيطرا لهذا العهد حيث مواطن حصين، وحصّنها بأمر المنصور، وكانت من أعظم مدن المغرب. واتسعت بعد ذلك خطتها واستبحر عمرانها. ورحل إليها العلماء والتجّار من القاصية. وحين نازل إسماعيل المنصور أبا يزيد لقلعة كتامة جاءه زيري في قومه ومن انضم إليه من
[1] وفي نسخة أخرى: جبريل.
[2]
وفي نسخة أخرى: جانبا من إفريقية.
[3]
وفي النسخة التونسية: كان لزيري بن مناد من منابذة الخوارج أصحاب أبي يزيد والأخذ بأعقابهم وتسريب الحشود الى مناصريه العبيديين بالقيروان عناء مشهور.
[4]
وفي نسخة أخرى: أشير.
حشود البربر وعظمت نكايته في العدوّ وكان الفتح. وصحبه المنصور إلى أن انصرف من المغرب ووصله صلات سنيّة. وعقد له على قومه وأذن له في اتخاذ القصور والمنازل والحمامات بمدينة أشير. وعقد له على تاهرت وأعمالها.
ثم اختطّ ابنه بلكّين بأمره وعلى عهده مدينة الجزائر المنسوبة لبني مزغنة بساحل البحر، ومدينة مليانة بالعدوة الشرقية من شلف، ومدينة لمدونة [1] . وهم بطن من بطون صنهاجة وهذه المدن لهذا العهد من أعظم مدن المغرب الأوسط، ولم يزل زيري على ذلك قائما بدعوة العبيديّين منابذا لمغراوة، واتصلت الفتنة فيهم. ولما نهض جوهر الكاتب إلى المغرب الأقصى أيام معدّ المعز لدين الله أمره أن يستصحب زيري بن مناد فصحبه إلى المغرب وظاهره على أمره. ولما ظهر يعلى بن محمد النفزي [2] اتهمه زناتة بالممالاة عليه. ولما نزل جوهر فاس وبها أحمد بن بكر الجذامي، وطال حصاره إياها، كان لزيري في حصارها أعظم العياء، وكان فتحها على يده. سهر ذات ليلة وصعد سورها فكان الفتح.
ولما استمرّت الفتنة بين زيري بن مناد ومغراوة ووصلوا أيديهم بالحاكم المستنصر وأقاموا دعوة المروانية بالمغرب الأوسط، وشمّر محمد بن الخير بن محمد بن خزر لذلك، رماه معدّ لقريعة زيري في قومه واحتشد أهل وطنه وقد جمع له محمد بن الخير وزناتة، فسرّح إليهم ولده بلكّين في مقدّمة، وعارضهم قبل استكمالهم التعبية، فدارت بينهم حرب شديدة بعد العهد بمثلها يومئذ. واختلّ مصاف مغراوة وزناتة. ولما أيقن محمد بن الخير بالمهلكة وعلم أنه أحيط به مال إلى ناحية من العسكر، وتحامل على سيفه فذبح نفسه وانفض جموع زناتة، واستمرّت الهزيمة عليهم سائر يومهم فاستلحموا، ومكثت عظامهم ماثلة بمصارعهم عصورا.
وهلك فيما زعموا بضعة عشر أميرا منهم، وبعث زيري برءوسهم إلى المعزّ بالقيروان فعظم سروره وهشّ لها الحكم المستنصر صاحب الدعوة بما أوهنوا من أمره.
واستطال زيري وصنهاجة على بوادي المغرب، وغلب يده على جعفر بن علي صاحب المسيلة والزاب وسما به في الرتب عند الخلافة وتاخمه في العمالة. واستدعى
[1] وفي النسخة الباريسية لمدرية، وفي النسخة التونسية: لمدية.
[2]
وفي نسخة أخرى: ولما قتل يعلى بن محمد اليفرني.