الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أخبار البرانس من البربر ولنبدأ أولا بالخبر عن هوارة من شعوبهم وذكر بطونهم وتصاريف أحوالهم وافتراق شعوبهم في عمالات إفريقية والمغرب)
وهوّارة هؤلاء من بطون البرانس باتفاق من نسّابه العرب والبربر ولد هوّار بن أوريغ بن برنس إلّا ما يزعم بعضهم أنهم من عرب اليمن. تارة يقولون من عاملة إحدى بطون قضاعة وتارة يقولون من ولد المسوّر بن السكاسك بن وابل [1] بن حمير. وإذا تحرّوا الصواب، المسوّر بن السكاسك بن أشريس بن كندة وينسبونه هكذا: هوّار بن أوريغ بن جنون بن المثنى بن المسوّر. وعند هؤلاء أن هوّارة وصنهاجة ولمطة وكزولة وهسكورة يعرف جميعهم بني ينهل [2] وأن المسور جدّهم جميعا وأنه وقع إلى البتر [3] ونزل على بني زحيك بن مادغيس الأبتر. وكانوا أربعة إخوة: لوا وضرا [4] وأدّاس ونفوس. وأنهم زوّجوه أختهم بصكي [5] العرجاء بنت زحيك فولدت منه المثنّى أبا هوّارة، وتزوّجها بعد المسوّر بن عافيل [6] بن زعزاع أبو صنهاجة ولمطة وكزولة وهسكورة كما يأتي فيما بعد أنهم إخوة المثنّى لأمه، وبها عرف جميعهم.
قالوا: وولد المثنّى بن المسوّر خبّوز وولد خبّوز بن المثنى ريغ الّذي يقال فيه أوريغ بن برنس، ومنه عرفت قبائل هوّارة. قالوا: إنما سميت هوّارة لأن المسوّر لما جال البلاد ووقع في المغرب قال: لقد تهوّرنا هكذا عند بعض نسّابه البربر. وعندي والله أعلم أنّ هذا الخبر مصنوع وأن أثر الصنعة باد عليه. ويعضد ذلك أن المحقّقين ونسّابتهم مثل سابق وأصحابه قالوا: إنّ بطون أدّاس بن زحيك دخلت كلّها في هوّارة من
[1] وفي نسخة أخرى: واثل.
[2]
وفي النسخة التونسية: تيصكي.
[3]
وفي النسخة التونسية: البربر.
[4]
وفي النسخة التونسية: ضريس وهو تيسكي الصحيح.
[5]
وفي نسخة أخرى: تيسكي.
[6]
وفي نسخة أخرى: عاصيل.
أجل أن هوّار خلف زحيك على أم أدّاس، فربي أدّاس في حجره وزحيك على ما في الخبر الأوّل هو جدّ هوّار، لأن المثنّى جدّه الأعلى هو ابن بصكي وهي بنت زحيك، فهو الخامس من زحيك فكيف يخلفه على امرأته. هذا بعيد. والخبر الثاني أصح عند نسّابتهم من الأوّل.
وأما بطون هوّارة فكثير وأكثرهم بنو نبه وأوريغ اشتهروا نسبة لشهرته وكبر سنه من بينهم فانتسبوا جميعا إليه. وكان لأوريغ أربعة من الولد: هوّار وهو أكبرهم، ومغر وقلدن ومندر [1] ، ولكل واحد منهم بطون كثيرة وكلّهم ينسبون إلى هوّار. فمن بطون مغر ماوس وزمّور وكياد وسواي [2] ذكر هذه البطون الأربعة ابن حزم، وزاد سابق المطماطي وأصحابه ورجين ومنداسة وكركوده ومن بطون قلدن: خماصه وورصطيف وبيانة [3] . وبل ذكر هذه الأربعة ابن حزم وسابق. ومن بطون ملد مليلة وسطط وروفل [4] واسيل ومسراتة ذكرها ابن حزم، وقال: جميعهم بنو لهال بن ملك [5]، وكذا عند سابق. ويقال: إن ورنيفن أيضا من نهانه [6] .
ومن بطون هوّارة بنو كهلان. ويقال: إن مليلة من بطونهم. وعند نسّابه البربر من بطونهم غريان وورغة وزكاوة ومسلاتة ومجريس. ويقال إن ونيفن منهم. ومجريس لهذا العهد ينتسبون إلى ونيفن وعند سابق وأصحابه أن بنى كهلان وريجن إحدى بطون مغر، وأن من بطون بني كهلان بني كسى ورتاكط ولشوه [7] وهيوارة. وأما بطون أدّاس بن زحيك بن مادغيس الأمراء الذين دخلوا في هوّارة فكثير. فمنهم هراغة وترهوتة وشتاتة وأنداوة وهيزونة وأوطيعة وضبرة [8] هؤلاء باتفاق من ابن حزم وسابق وأصحابه.
[1] وفي نسخة أخرى: ملد.
[2]
وفي نسخة أخرى: سراي.
[3]
وفي نسخة أخرى: قمصانه وورصطيف وبيانة وكذلك في النسخة التونسية.
[4]
وفي نسخة أخرى: وورفل.
[5]
وفي نسخة أخرى: لهان بن ملد.
[6]
وفي نسخة أخرى: ويقال: إن ونيفن أيضا من لهانة.
[7]
وفي النسخة الباريسية: مشوه وفي التونسية تيسوة وفي نسخة أخرى شوه.
[8]
وفي نسخة أخرى: فمنهم هراغة وترهوتة وشتاتة وأنداوة وهنزونة وأوطيطة وصنبرة.
وكانت مواطن الجمهور من هوّارة هؤلاء، ومن دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس والصمغر [1] لأوّل الفتح بنواحي طرابلس وما يليها من برقة كما ذكره المسعودي والبكري. وكانوا ظواعن وآهلين، ومنهم من قطع الرمل إلى بلاد القفر وجاوزوا لمطة من قبائل الملثّمين فيما يلي بلاد كوكو من السودان تجاه إفريقية، ويعرفون بنسبهم هكّارة، قلبت العجمة واوه كافا أعجمية تخرج بين الكاف العربية والقاف. وكان لهم في الردّة وحروبها آثار ومقامات. ثم كان لهم في الخارجيّة والقيام بها ذكر، وخصوصا بالاباضية منها. وخرج على حنظلة منهم عبد الواحد بن يزيد مع عكاشة الفزاريّ فكانت بينهما وبين حنظلة حروب شديدة. ثم هزمهما وقتلهما وذلك سنة أربع وعشرين ومائة أيام هشام بن عبد الملك. وخرج على يزيد بن حاتم سنة ست وخمسين ومائة يحيى بن فوناس منهم، واجتمع إليه كثير من قومه وغيرهم.
وزحف إليه قائد طرابلس عبد الله بن السمط الكندي على شاطئ البحر بسواريه من سواحلهم، فانهزم وقتل عامة هوّارة. وكان منهم مع عبد الرحمن بن حبيب مجاهد ابن مسلم من قوّاده. ثم أجاز منهم إلى الأندلس مع طارق رجالات مذكورون واستقروا هنالك، وكان من خلفهم بنو عامر بن وهب أمير رندة أيام لمتونة، وبنو ذي النون الذين ملكوها من أيديهم، واستضافوا معها طليطلة وبنو رزين أصحاب السهلة. ثم ثارت هوارة من بعد ذلك على إبراهيم بن الأغلب سنة ست وتسعين ومائة، وحاصروا طرابلس وافتتحوها فخرّبوها. وتولى كبر ذلك منهم عياض بن وهب، وسرّح إبراهيم إليهم ابنه أبا العبّاس فهزمهم وقتلهم وبنى طرابلس.
وجأجأ هوّارة بعبد الوهاب بن رستم من مكان إمارتهم بتاهرت فجاءهم واجتمعوا إليه ومعهم قبائل نفوسة وحاصروا أبا العبّاس بن الأغلب بطرابلس إلى أن هلك أبوه إبراهيم بالقيروان، وقد عهد إليه فصالحهم على أن يكون الصحراء لهم. وانصرف عبد الوهاب إلى نفوسه. ثم أصبحوا بعد ذلك وغزوا مع الجيوش صقلّيّة، وشهد فتحها منهم زواوة بن نعم الحلفاء. ثم كان لهم مع أبي يزيد النكاري وفي حروبه مقامات مذكورة، اجتمعوا إليه من مواطنهم بجبل أوراس ومرماجنة لما غلب عليه، وأخذ أهلها بدعوته فاغاشوا إلى ولايته وفعلوا الأفاعيل. وكان من أظهرهم في تلك
[1] وفي النسخة التونسية: البتر.
الفتنة بنو كهلان.
ولما هلك أبو يزيد كما نذكره سطا إسماعيل المنصور بهم وأثخن فيهم، وانقطع ذكر بني كهلان. ثم جرّت الدول عليهم أذيالها وأناخت بكلاكلها، وأصبحوا في عداد القبائل الغارمة من كل ناحية، فمنهم لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أكرة وعبارة وشاوية، وآخرون موطنون ما بين برقة والاسكندرية يعرفون بالمثانية [1] ، ويظعنون مع الحرّة [2] من بطون هيث من سليم بأرض التلول من إفريقية ما بين تبسة إلى مرماجنة إلى باجة، ظواعن صاروا في عداد الناجعة عرب بني سليم في اللغة والزيّ وسكنى الخيام وركوب الخيل، وكسب الإبل وممارسة الحروب، وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم. قد نسوا رطانة البربر واستبدلوا منها بفصاحة العرب، فلا يكاد يفرّق بينهم. فأوّلهم مما يلي تبسة قبيلة وينفن [3] ورياستهم لهذا العهد في ولد يفرن بن حنّاش لأولاد سليم بن عبد الواحد بن عسكر بن محمد بن يفرن، ثم لأولاد زيتون بن محمد بن يفرن، ولأولاد دحمان بن فلان بعده. وكانت الرئاسة قبلهم لسارية من بطون ونيفن ومواطنهم ببسائط مزماحة [4] وتبسة وما إليهما.
وبينهم قبيلة أخرى في الجانب الشرقي منهم يعرفون بقيصرون ورياستهم في بيت بني مرمن [5] ما بين ولد زعازع وولد حركات ومواطنهم بفحص آبّه وما إليها من نواحي الأربس. وتليهم إلى جانب الشرق قبيلة أخرى منهم يعرفون بنصورة، ورياستهم في بيت الرمامنة لولد سليمان بن جامع منهم. ويراد بهم في رياسة نصرة [6] قبيلة وربهامة [7] ومواطنهم ما بين تبسة إلى حامة إلى جبل الزنجار إلى أطار على ساحل تونس وبسائطها. ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوّارة يعرفون ببني سليم، ومعهم بطن من عرب نصر [8] من هذيل بن مدركة بن
[1] وفي نسخة أخرى: المثالنة.
[2]
وفي النسخة التونسية: العزة.
[3]
وفي نسخة أخرى: ونيقش وفي قبائل المغرب: ونيفن ص 316- 317.
[4]
وفي نسخة أخرى: مرماجة وفي مكان آخر مرماجنة.
[5]
وفي نسخة أخرى: مؤمن.
[6]
وفي النسخة التونسية: نصوة.
[7]
وفي النسخة التونسية: وزمانة.
[8]
وفي نسخة أخرى: مضر.
إلياس. جاءوا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليّين عند دخولهم إلى المغرب، وأوطنوا بهذه الناحية من إفريقية، واختلطوا بهوّارة وحملوا في عدادهم.
ومعهم أيضا بطن آخر من بطون رياح [1] من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم وجروا على مجراهم والظعن والمغرم. ومعهم أيضا بطن من مرداس بني سليم يعرفون ببني حبيب. ويقولون هو حبيب بن مالك. وهم غارمة مثل سائر هوّارة وضواحي إفريقية من هذا العهد معهودة لهؤلاء الظواعن [2] ، ومعظمهم من هوّارة. وهم أهل بقروشاء وركوب للخيل وللسلطان بإفريقية، عليهم وظائف من الجباية، وضعها عليهم دهاقين العمّال بديوان الخراج، قوانين مقرّرة وتضرب عليهم مع ذلك البعث في غزوات السلطان بعسكر مفروض يحضر بمعسكر السلطان متى استنفروا لذلك.
ولرؤسائهم آراء ذلك قاطعات ومكان في الدول بين رجالات البدو، ويربطون هوّارة بمواطنهم الأولى من نواحي طرابلس، ظواعن وآهلين، توزّعتهم العرب من دبان [3] فيما توزعوه من الرعايا وغلبوهم على أمرهم منذ ضحا عملهم من ظل الدولة، فتملّكوهم تملّك العبيد للجباية منهم والاستكثار منهم في الانتجاع والحرب مثل:
ترهونه وورقلة، الظواعن ومجريس الموطّنين بزرنزور من ونيفن وهي قرية من قرى طرابلس، ومن هوّارة هؤلاء بآخر عمل طرابلس مما يلي بلد سرت وبرقة قبيلة يعرفون بمسراتة لهم كثرة واعتزار، ووضائع العرب عليهم قليلة ويعطونها من عزة. وكثيرا ما ينقلون في سبيل التجارة ببلاد مصر والإسكندرية، وفي بلاد الجريد من إفريقية وبأرض السودان إلى هذا العهد.
(وأعلم) أنّ في قبلة قابس وطرابلس جبالا متصلا بعضها ببعض من المغرب إلى المشرق، فأوّلها من جانب الغرب جبل دمّر يسكنه أمم من لواتة ويتّصلون في بسيطة إلى فاس [4] وصفاقس من جانب الغرب، وأمم أخرى من نفوسة من جانب الشرق. وفي طوله سبع مراحل، ويتصل به شرقا جبل نفوسة تسكنه أمة كبيرة [5]
[1] رباح: سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب.
[2]
وفي نسخة أخرى: معمورة بهؤلاء الظواعن.
[3]
وفي نسخة أخرى: دباب.
[4]
وفي النسخة التونسية: قابس.
[5]
وفي النسخة التونسية: أمم كثيرة.
من نفوسة ومغراوة وسدراتة، وهو قبلة طرابلس على ثلاث مراحل عنها. وفي طوله سبع مراحل، ويتصل به من جانب الشرق جبل مسلاتة، ويعتمره قبائل هوّارة إلى بلد مسراتة وبرقة، وهو آخر جبال طرابلس. وكانت هذه الجبال من مواطن هوّارة ونفوسة ولواتة. وكانت هنالك مدينة صغيرة بلد نفوسة قبل الفتح. وكانت برقة من مواطن هوّارة هؤلاء، ومنهم مكان بني خطّاب ملوك زويلة إحدى أمصار برقة، كانت قاعدة ملكهم حتى عرفت بهم، فكان يقال زويلة بن خطّاب.
ولما خربت انتقلوا منها إلى فزّان من بلاد الصحراء وأوطنوها، وكان لهم بها ملك ودولة حتى إذا جاء قراقوش الغزّي الناصريّ مملوك تقي الدين ابن أخي صلاح الدين كما نذكر في مكانه عند ذكر الغوري [[1]] بن مسوفة وأخباره، وافتتح زلّة وأوجلة وافتتح فزّان بعدها، وتقبّض على عاملها محمد بن خطّاب بن يصلتن بن عبد الله بن صنفل بن خطّاب آخر ملوكهم، وامتحنه وطالبه بالأموال وبسط عليه العذاب إلى أن هلك، وانقرض أمر بني خطّاب هؤلاء الهوّاريّين.
[1] وفي نسخة أخرى: الميورقي.