الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبعمائة، فنازلوا تونس وأجلبوا عليها. ثم أفرجوا عن منازلتها أوّل سنة خمسين وسبعمائة، وأفرجوا عنها آخر المصيف واستدعاهم أبو القاسم بن عتو صاحب الجريد من مكان عمله بتوزر فدخل في طاعة الفضل وحمل أهل الجريد كلّهم عليها واتبعه في ذلك بنو مكي وانتقضت إفريقية عن السلطان أبي الحسن من أطرافها فركب أساطيله إلى المغرب أيام الفطر من سنة خمسين وسبعمائة ومضى المولى الفضل إلى تونس وبها أبو الفضل ابن السلطان أبي الحسن، كان أبوه قد عقد له عليها عند رحيله إلى المغرب تفاديا عن ثورات الغوغاء ومضرّة هيعتهم، وأمّن عليه بما كان عقد له من الصهر مع عمر بن حمزة في ابنته، فلما أطلّت رايات المولى الفضل على تونس أيام الحج نبضت عروق التشيّع للدعوة الحفصيّة، وأحاطت الغوغاء بالقصر ورجموه بالحجارة. وأرسل أبو الفضل إلى بني حمزة متذمّما بصهرهم فدخل عليه أبو الليل وأخرجه ومن معه إلى الحيّ واستركب له من رجالات بني كعب من أبلغه مأمنه وهداه السبيل إلى وطنه، ودخل الفضل إلى الحضرة وقعد بمجلس آبائه من الخلافة وجدّد ما طمسته بنو مرين من معالم الدولة واستمرّ أمره على ذلك إلى أن كان من أمره ما نذكر إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن مهلك الفضل وبيعة أخيه المولى أبي إسحاق في كفالة أبي محمد بن تافراكين وتحت استبداده)
لما دخل أبو العباس الفضل إلى الحضرة واستبدّ بملكها عقد على حجابته لأحمد بن محمد بن عتو نائبا عن عمّه أبي القاسم ريثما يفيء من الجريد وعقد على جيشه وحربه لمحمد بن الشواش من بطانته. وكان وليه المطارد به أبو الليل قتيبة بن حمزة مستبدّا عليه في سائر أحواله مشتطا في طلباته. وأنف له بطانته من ذلك فحملوه على التنكّر له، وأن يديل منه بولاية خالد أخيه وبعث عن أبي القاسم بن عتو وقد قلّده في حجابته وفوّض إليه أمره وجعل مقاد الدولة بيده، فركب إليه البحر من سوسة واستألف له خالد بن حمزة ظهيرا على أخيه بعد أن نبذ إليه عهده وفاوضهم أبو الليل ابن حمزة قبل استحكام أمورهم فغلب على السلطان وحمله على عزله قائده محمد بن الشواش فدفعه إلى بونة على عساكرها. واضطربت نار الفتنة بين أبي الليل بن حمزة
وبين أخيه خالد، وكاد شملهم أن يتصدّع. وبينما هم يجيشون نار الحرب ويجمعون الجموع والأحزاب إذ قدم كبيرهم عمر وأبو محمد عبد الله بن تافراكين من حجهم.
وكان ابن تافراكين لما احتل بالإسكندرية بعث السلطان فيه إلى أهل المشرق، وخاطبه ملوك مصر في التحكيم فيه فأجاره عليه الأمير المستبد على الدولة يومئذ بيقاروس. وخرج من مصر لقضاء فرضه، وخرج عمر بن حمزة لقضاء فرضه أيضا فاجتمعا في مشاهد الحاج آخر سنة خمسين وسبعمائة وتعاقدا على الرجوع إلى إفريقية والتظاهر على أمرهما وقفلا فألقيا خالدا وقتيبة على الصفين فأشار عمر بن داية فاجتمعا وتواقفا ومسح الإحن من صدورهما، وتواطئوا جميعا على المكر بالسلطان، وبعث إليه وليه قتيبة بالمراجعة فقبله واتفقوا على أن يقلّد حجابته أبا محمد ابن تافراكين صاحب أبيه وكبير دولته، ويديل به من ابن عتو فأبى.
ثم أصبحت ونزلت أحياؤهم ظاهر البلد واستحثّوا السلطان للخروج إليهم ليكملوا عقد ذلك ووقف بساحة البلد إلى أن أحاطوا به، ثم اقتادوه إلى بيوتهم وأذنوا لابن تافراكين في دخول البلد، فدخلها لإحدى عشرة من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وعمد إلى دار المولى أبي إسحاق إبراهيم ابن مولانا السلطان أبي بكر فاستخرجه بعد أن بذل من العهد لأمّه والمواثيق ما رضيتها، وجاء به إلى القصر وأقعده على كرسي الخلافة وبايع له الناس خاصّة وعامّة وهو يومئذ غلام مناهز فانعقدت بيعته. ودخل بنو كعب فآتوه طاعتهم وسيق إليه أخوه الفضل ليلتئذ فاعتقل وغط من جوف الليل بمحبسه حتى فاض ولاذ حاجبه أبو القاسم بن عتو بالاختفاء في غيابات البلد وعثر عليه لليال فاعتقل وامتحن وهلك في امتحانه، وخوطب العمّال في الجهات بأخذ البيعة على من قبلهم فبعثوا بها واستقام ابن بهلول صاحب توزر على الطاعة وبعث بالجباية والهدية، واتبعه صاحب نفطة وصاحب قفصة وخالفهم ابن مكّي وذهب إلى الاجلاب على ابن تافراكين لما كان قد كفل السلطان وحجزه عن التصرّف في أمره واستبدّ عليه إلى أن كان من أمره ما نذكر إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلم
.