الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سدنتها:
السدنة: هم الذين يقومون بأمر الكعبة أو بطواغيتها.
فكان للات سدنتها وحجابها من بني معتب من ثقيف، ولمناة سدنتها من الأوس والخزرج، وللعزى سدنتها من بني شيبان خلفاء بني هاشم.
وهذه أسماء سريانية1 وقعت إلى الهند فسموا بها أصنامهم التي زعموا أنها الدراري السبعة ثم أدخلها عمرو بن لحي، ثم أصبحت عادتها تقليدًا حتى خلفت الخلوف، وقالوا: ما عظم هؤلاء آباؤنا إلا لأنها ترزق وتنفع وتضر واتخذوها آلهة.
فاتخذت العرب مع الكعبة هذه الطواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي إليها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها مع عرفانها بفضل الكعبة.
والطواغيت أطلقها القرآن على كل معبود من دون الله.
والجبت: الكاهن.
قال الرازي: كلمتان وضعتا علمين على من كان غاية في الفساد2.
وقال ابن الكلبي: وكان لأهل كل دار من مكة صنم في دارهم يعبدونه، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتسمح به، وإذا قدم من سفره كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضًا3.
وتدنت العرب في عبادة الأصنام:
فمنهم من اتخذ بيتًا ومنهم من اتخذ صنمًا، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت: نصب حجرا أمام الحرم وأمام غيره مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت4،
1 الروض ص62.
2 الرازي في تفسير "2: 241".
3 قال عكرمة: الجبت بلسان الحبشة شيطان. الطاغوت الكاهن.
قال ابن عباس: الجبت الأصنام والطواغيت الذين كانوا يعبرون عن الأصنام بالكذب أو يترجمون للناس عها الأكاذيب.
4 يقول ابن حجر في فتح الباري "8: 470" هذه الأصنام كانت آلهة يعبدها العرب في عبادة الأصنام بعد نوح أو من الشيطان؟.
قال بعض الشراح: مجمل ما قيل في هذه الأصنام قولان: أحدهما أنها كانت قوم نوح، والثاني: أنها كانت أسماء رجال صالحين، ثم أرجع ابن حجر الرأيين إلى رأي واحد وأنها كانت في المبدأ أسماء رجال صالحين.
وسموها: الأنصاب، فإذا كانت تماثيل دعوها الأصنام، والأوثان وسموا طوافهم الدوار، وكان الرجل إذا سافر، فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها، فاتخذه ربا، وجعل الثلاثة: أثافي للقدر، وإذا ارتحل: تركه فإذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذلك.
فكانوا ينحرون ويذبحون عندها كلها ويتقربون إليها، وهم على ذلك عارفون بفضل الكعبة عليها يحجونها ويعتمرون إليها، وكان الذين يفعلون ذلك في أسفارهم يهدفون للاقتداء بما يفعلون عندها والصبابة بها، وكانوا يسمون ذبائح الغنم التي يذبحون عند أصنامهم وأنصابهم تلك: العتائر، والعتيرة في كلام العرب: الذبيحة والمذبح الذي يذبحون فيه لها العتر.
ويقول ابن الكلبي: وكانت للعرب حجارة غير منصوبة يطوفون بها ويعترون عندها يسمونها الأنصاب ويسمون الطواف بها الدوار1.
وما زالت بداية ظهور الإلحاد عند العرب سرًّا غامضًا، ولكننا نعتقد أن إلحادهم كان يختلف عن أي نوع من الإلحاد عند الأمم الأخرى.
وإذا نظرنا إلى تقدمهم العقلي نجد أفكارهم الدينية ساذجة وسهلة، وإذا سلطنا عليهم أضواء التاريخ نجد لديهم نوعا من أحط أنواع الوثنية2.
ففي العصر الجاهلي لا نجد أي تعاليم جوهرية، ولكن على الرغم من ذلك كانت الأحداث كما يقول "كرهل": لا تثبت إذا ما كان الشعب السامي الذي هاجر إلى بلاد العرب من الشمال الشرقي قد اعتنق العبادة التي وجدها في البلاد، ثم أدخل نوعا جديدا من العبادة التي انتشرت في أطوار تدريجية بين العرب3.
فتحولهم من التوحيد إلى الوثنية والإلحاد، لم يكن مباشرة، وإنما تم بعد مرحلة جرهم العبثية التي فسد فيها الدين وشوه، فلما ولي عمرو بن لحي دفعه إلى الوثنية لون من العصبية، وليست قضايا عقلية شغلته، فأراد لها حلًّا فتحول بسببٍ إلى الإلحاد، ولكن كانت العصبية، والتقليد، وهجر ما كان عليه جرهم من فساد وعبث.
1 كتاب الأصنام لأبي المنذر محمد بن السائب الكلبي تحقيق أحمد زكي.
2 الأصنام ص33.
3 حضارة الإسلام صلاح الدين خودا بخش ص25.