الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما مصطلح عيسوي، مسيحي فلم يعرفا في المؤلفات العربية القديمة وفي الشعر الجاهلي، فهما من المصطلحات المتأخرة التي أطلقت على النصارى وقد قصد في القرآن الكريم بـ أهل الإنجيل1 النصارى؛ إذ لا يعترف اليهود بالإنجيل، وقد أدخل علماء اللغة اللفظة في المعربات2.
1 المائدة آية 47.
2 المفصل جـ6 ص585، ص586.
مدرسة الإسكندرية واللاهوت المسيحي:
كانت الإسكندرية مهد الأفلوطوينية، وأكاديمية الإسكندرية مرضعتها، وكان من حسن طالع المسيحية التي ورثت كثيرا من الفلسفتين:"الفيثاغورية والأفلاطونية المحدثة" أن مال إليها منذ بدء عهدها جمهور من كبار المفكرين البارزين في العالم الروماني الهليني؛ ففي مدينة الإسكنرية كانت تلتقي التيارات الفكرية من: يهودية ومسيحية ووثنية فتصطرع حينًا، وتتفق حينًا آخر، تألفت مدرسة فكرية تعني بتعليم العقائد الدينية وإليها يعزى الفضل في تقدم المسيحية الفكري.
بولس الرسول:
بدأت عملية إدخال العناصر الهلينية بالرسول "بولس" الذي كان رجلًا يهوديًّا ارتد عن دينه، واعتنق الهلينية مذهبا فكريا، ثم جاء من بعده آباء الكنيسة الذين كانوا أيضا أتباع الهلينية، وكان "بولس" قد سعى قبل ظهور آباء الكنيسة إلى تحرير الديانة الجديدة من قيود التقليد اليهودي المتعنت.
وبالتوفيق بينها وبين الفلسفة الإغريقية أعدت المسيحية نفسها؛ لتكون نواه قوة عالمية، وجعلت من نفسها جسرا يربط، بين الفكر الشرقي والغربي راحت ترسي قواعدها في حوض المتوسط الشرقي؛ ومن هناك أخذت تبث رسالتها إلى البشرية؛ وعلى يد الرسول "بولس" أخذت علاقة المسيحية بالفلسفتين: الرواقية والأفلوطينية المستحدثة علاقة أخذ وعطاء.
وما إن أطل القرن الثالث الميلادي حتى كانت المسيحية قد أفلحت باللحاق بركب الرواقية، ونجحت في التوفيق بين نظرتهما والاقتباس من ملامحها. ولعل
"بولس" أبرز شهيد لاقى حتفه؛ تنفيذًا لأوامر نيرون سنة 67م، واستمرت تلك الاضطهادات عنيفة قاسية حتى أصبحت في عهد "قسطنطين" دين الدولة الرسمي.
كلمنت 160م-203، أوريجين المتوفي سنة253م، اثنا سيوس المتوفي 373م:
"بولس" أبرز شهيد لاقى حتفه؛ تنفيذًا لأوامر نيرون سنة 67م، واستمرت تلك الاضطهادات عنيفة قاسية حتى أصبحت في عهد "قسطنطين" دين الدولة الرسمي.
يعتبر "كلمنت" مؤسس المدرسة الإسكندرانية للاهوت المسيحي، كان في بادئ الأمر وثنيا له اطلاع واسع على الفلسفة الإغريقية، وحاول -وفق منهجه- التوفيق بين أفضل ما في الوثنية القديمة من فكر، وبين الديانة المسيحية الجديدة.
ولد "أوريجين" في مصر حوالي سنة 185م من أبوين وثنيين كما يدل على ذلك اسمه الذي يعني: "هبة الإلهة هورس" وهو تلميذ "كلمنت"، وبعد خصومة نشأت بينه وبين أسقف بدلته رحل إلى "قيسرية من أعمال فلسطين"؛ حيث أقام هناك ويؤلف، وفي شروحه وتعليقاته على أسفار التوراة اعتمد الأسلوب المجازي الرمزي، وعذب وأهين وسجن في الاضطهاد الذي سنه دقيانوس.
ظهر في القرن الثالث للميلاد قديس ثالث من آباء الكنيسة الإغريقيين "اثناسيوس". ولد في الإسكندرية، وكان من أشد خصوصم الوثنية، ومن ألد أعداء الهرطقة، ويعتبر بحق من آباء الأرثوذكسية.
وكانت خصومته للهرطقة موجهة بالدرجة الأولى لمذهب "أريوس" المتوفى سنة 336 الذي كان أحد رجال "الإكليربوس" في الإسكنرية وفي الإسكندرية نشأ هذا المذهب الذي عرف باسمه.
كان "أريوس" يقول: بأن "الله" فوق إدراك البشر ومعرفتهم، وأنه منفصل عن أي مخلوق كائن، وأن "السيد المسيح" لم يكن "الله" بالمعنى الشامل؛ إلا أن تعاليم "أريوس" رفضت في مجمع "نيقيا" سنة 325 وفي مجمع "نيقيا" برز "اثناسيوس" بسبب وضعه قانون الإيمان المعروف بالقانون:"التيفانوس" وفيه تشديد على الثالوث؛
وبوصفه أسقفا لمدينة الإسكندرية رفض "أثناسيوس" تقبل الأوامر التي كان يصدرها الإمبراطور، والتي كانت تنم عن عطف على "الأربولية ومناصرة لها"، ثم نفى مرارًا وعزل، ثم في منفاه عاش مع النساك.
وفي كتاب يعزى إلى: "أثناسيوس" نجد وصفًا مسهبًا لحياة ناسك كان يعرفه "أثنا سيوس" اسمه "أنطوني" مصريًّا عاش هذا المتزهد المصري المولد مدة عشرين سنة في الصحراء المصرية وبعد ذلك نشأت رهبنيات في مصر السفلى، ومن مصر انتشرت حركة الرهبنة إلى سوريا، ومنها إلى فلسطين إلى أن عمت العالم المسيحي بأسره.
الرها:
احتدم الجدل اللاهوتي في خلال القرن الرابع والخامس وكان من أمتع النشاطات الفكرية وأطرفها لدى علماء ذينك القرنين، كان ذلك الجدل يدور حول شخص "المسيح وطبيعته الإنسانية"، وعلاقتها بطبيعته الإلهية؛ وعلى مر الأيام انقسمت الكنيسة السريانية إلى طائفتين:
السريانية الشرقية، التي تعرف بالنسطورية، وأصحابها النساطرة.
السريانية الغربية: التي تعرف باليعقوبية، وأصحابها اليعاقبة.
الكنيسة السريانية الشرقية:
كانت الكنيسة السريانية الشرقية تفاخر بأنها تأسست في عهد الرسل، وبهذا تكون تأسست قبل عهد "نسطورا" بما لا يقل عن قرنين من الزمن وهي تعتبر نسطورا من الأباء اليونانيين، لا من الآباء السريان.
ولكن بما أنها رفضت أن تصدر في حقه الحرم الكنسي، فقد ظل اسمه مقرونًا بهذه الكنيسة المعروفة بالنسطورية.
احتضنت مدرسة الرها العقيدة النسطورية، وتولت الدفاع عنها، وانطلقت منها رسل التبشير إلى الصين والهند.