الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدور المعيني:
أول من ذكر اسم معين: مورخ يوناني "استرابوان" قال في معرض حديثه عن اليمن: يشغل القسم الجنوبي من جزيرة العرب أربعة شعوب:
1-
الدور الأول: المعيني، عاصمتها قرنا.
2-
الدور الثاني: السبئي، عاصمتها مأرب.
3-
الدور الثالث: القتبي، عاصمتها تيماء.
4-
الدور الرابع: الحضرمي، عاصمتها شكوة.
بعد هذه الإشارة التاريخية ظلت معلومات المؤرخين عنها ضئيلة، فكانوا يظنون نسبه إلى بني يعرب -مكة- حتى وفق المستشرق "هاليفي" إلى اكتشاف أنقاض معين، وقرأ اسمها على المسند، وبجانبها راقش. فتوجهت النظار إليها، ومع كثرة النقوش المعينية عثروا عليها وقرأوها وليس ثمة أثر تاريخي يساعد على تنسيق حوادثها أو مبدأ أمرها.
ويلقب ملوكها بلقب "فرواد؟ " وامتد نفوذ المعينيين في إبان دولتهم إلى شواطئ البحر المتوسط، وشواطئ خليج العجم، وبحر العرب، أي أنها شملت كل جزيرة العرب؛ ولغتها كثيرة الشبه باللغة السبئية غير أن ثمة ملاحظة تشكك في نسبة المعينيين إلى قحطان وهي: أن المشهور في تاريخ العرب، وما جرى عليه المؤرخون: أن دولة اليمن بعد قبائل البائدة ترجع بأنسابها إلى قحطان، فإذا صح هذا على دولتي "سبأ، وحمير" فإنه لا يصح على دولة معين؛ لأنها أقدم كثيرا من بني قحطان. كذلك ورد ذكر المعينيين في سفر الأخبار الثاني1.
وأعانه الله "عزيا" على الفلسطينيين وعلى العرب المقيمين بجوار بعل، وعلى المعينيين. كذلك جاء ذكر هذه الأمة مع أمة "ماليق" في آثار بابل 2500 ق. م. والأرجح أنهم جاءوا اليمن بعد نزولهم العراق، واقتباسهم شيئا من تمدن السومريين أو البابليين، وديانتهم مع وقوع التغيير في لسانهم بتوالي الأجيال، وقد
1 الإصحاح الثاني 26، 7.
لاحظ بعض الباحثين، ومنهم "وينكلر، وهومل، ودوفرتي" أن: بعض مظاهر الحضارة المعينية تشبه حضارة البابليين، فالإلهان "شماش، وعشتروت" البابليان يشبهان الإلهين: "شمس، وعشتر" اليمانيين.
كما أن النقوش والأختام المعينية تشبه بعض ما وجد في العراق القديمة1.
ويعتبر المعينيون بحق أقدم الشعوب التي حملت لواء الحضارة في بلاد العرب الجنوبية، ويعتبر الأستاذ "فريتز هومل" أن اللفظ الصحيح لاسمهم هو "معان" وليس "معين" وأن "معان" هو النطق القديم جدا للكلمة.
والمعينيون شعب عربي قديم كان يسكن منذ أن ظهر على مسرح التاريخ بلاد العرب الجنوبية، ولكنه ما لبث بعد أن استقر وثبت أقدامه كشعب متمدن تاجر ما لبث أن انسرح داخل بلاد العرب وخارجها، فهاجرت جاليات منه إلى مصر والجزر اليونانية وغيرها، ويذكر نقش عثر عليه في مصر، ويعود إلى العام الثاني والعشرين من حكم الملك "بطليموس السادس" أي حوالي عام 159 ق. م" أن جالية معينية كانت تسكن مصر، وأنها كانت تتاجر بالطيب والبخور، هذه التجارة التي كانت رائجة في ذاك الزمان؛ نظرًا لأهمية هذه المادة في المعابد والقصور2.
ويحدد "ألبرايت" في بحثه هذا فترة حكم الملوك المعينيين بين سنتي "400-100 ق. م" أما العالم "ملاكر" فيرى أن حكم معين يمتد بين القرنين الثامن والثالث قبل الميلاد.
وهناك قضية أخرى ترتبط بتاريخ دولة معين، وهي قضية الحكم في "حضرموت" وما إذا كانت "حضرموت" مستقلة لها أسرة حاكمة خاصة لها أم أنها كانت تتبع معين، والواقع أن بين المؤرخين من يعتقد أن "حضرموت" كانت تابعة في فترة من تاريخها لحكم المعينيين بدليل أن بعض الملوك المعينيين كانوا يتلقبون بلقب ملوك "حضرموت" إلى جانب معين؛ واشتغل المعينيون بالزراعة، والتجارة، وكان بعضهم بدوًا يرعون الماشية ويعيشون حياة تنقل وارتحال، وكان مجتمع معين مؤلفا من عدة طبقات فيه الأرستقراطيون، والعبيد، وبين الطبقتين طبقات أخرى،
1 تاريخ العرب القديم وعصر الرسول ص83.
2 المرجع السابق ص84.