الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مزدهرا، وقد تابع عملية نشر الحضارة الرومانية، وكان من ولاته ذاك الذي حاول القبض على بولس في دمشق1.
وقد تزوج الحاكم "هيرودس" بن "هيرودس الكبير" ابنة الحارث هذا وطلقها؛ ليتزوج راقصة كانت السبب الرئيسي في مقتل "يوحنا المعمدان"2، وكانت المملكة تضم في أقصى اتساعها جنوب فلسطين، وشرق الأردن، وسورية الجنوبية وشمال الجزيرة العربية.
ويمكن أن يرجع تاريخ الأماكن المرتفعة التي لا تزال قائمة في "البتراء" والقبور الجميلة التي تمثلها "قبور الحجر-مدائن صالح" في الحجاز إلى زمن حكمه وكانت "الحجر" مركزًا لقبيلة ثمود3.
ومن الحقائق المستخرجة من الكتابات الأثرية المحلية والنقود ومنذ حكم "عبيدة الثالث حوالي 28-9 ق. م" أخذت تظهر صورة الملكة مع الملك، واستمرت التماثيل النصفية المزدوجة للزوجين الملكيين حتى نهاية الملكية، وهناك كتابات أثرية على تمثال "لعبيدة الثالث تدعوه الإلهي"، ذلك مما يدل على أن الأنباط كانوا يؤلهون ملوكهم بعد الموت، وبموت "مالكو" ينتهي عصر الأنباط الذهبي الذي بدأ في عام "50 ق. م." ثم أصبحت بلاد الأنباط جزءًا من الولاية العربية الرومانية التي كانت "بصرى" فيها المدينة الرئيسية وكانت ملتقى هامًّا لطرق القوافل الذاهبة إلى دمشق والبحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج الفارسي، وبذلك أصبحت "البتراء" في ذمة التاريخ من حيث أتت وظهرت تدمر".
1 رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنشوس 11: 32.
2 إنجيل متى 14: 16-11.
3 القرآن سورة 10 آية: 8.
مملكة تدمر
مدخل
…
مملكة تدمر:
وبينما كانت شمس "البتراء" آخذة بالغروب كانت تشرق "شمس تذمر"، وهي: مدينة أخرى للقوافل، وكان الذين استقروا فيها بضع قبائل عربية بفضل نبع غزير يقوم في قلب الصحراء، وتصلح مياهه للشرب وكانت مملكة في واحة في صحراء الشام في الشمال الشرقي من دمشق، وتنسب هذه المملكة إلى عاصمتها "تدمر"
وكانت مدينة عامرة ذات شهرة واسعة في العصور القديمة بنيت لها الهياكل والمعابد الضخمة، وشقت الطرق الفسيحة وأقيمت الأسواق الواسعة وتظهر بهذا الاسم لأول مرة "حوالي 1800 ق. م." وتعود في الظهور إلى وثيقة أشورية لاصقة تقول:"إن: تيجلات فلاسر" حوالي 1100 ق، م. طارد أعداءه البدو حتى هذا الملجأ الصحراوي، ولا يزال الاسم السامي القديم يظهر في كلمة تدمر العربية.
والمؤرخ العبراني: "أخبار الأيام الثاني 8: 4" يروى: أن سليمان بني "تدمر"، والاسم باليوناني يعني مدينة النخيل؛ وهي: المدينة التي ذكرها القرآن، واستعمل سليمان الجن في بنائها؛ وكانت "تدمر" تقوم بين هاتين الإمبراطوريتين العالميتين، وساعد موقعها المنعزل في قلب الصحراء على عدم تمكن الرومانية من سهولها؛ للاستيلاء عليها1.
واستفاد تجارها من وضعها الفريد كمحطة رئيسية لنزول القوافل عند نقطة التقاء الطرق التي تعبر الصحراء من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وحصل الزعماء التدمريون من شيوخ القبائل في الصحراء على إذن بمرور قوافلهم بسلام، وكان الأدلاء يقودون هذه القوافل عبر المنطقة الجرداء كما كان يحميها ركب الرماة من غارات البدو، واستعيض بالتدريج عن أكواخها الطينية ببيوت من "الحجر الكلس" وأنشئت شوارع عريضة، وكان الشارع الرئيسي يؤدي إلى معبد "بعل" وقد أقيمت الأعمدة في الشوارع واتخذت المدينة مظهر مدينة رومانية يونانية مزدهرة، لم يكن سهلا لمدينة الصحراء أن تحافظ على سيادتها التامة في وجه النفوذ المتزايد للإمبراطورية الواقعة في غربها، وفي أوائل العصور المسيحية كانت قد اعترفت بسيادة "روما" وبدأ "تدمر" والدول التي تدور في فلكها عهدًا جديدًا من الازدهار الذي دام أكثر من قرن ونصف بعد أن أصبحت تابعة "لدومة"، وأخذ المواطنون البارزون في "تدمر" يضيفون أسماء "رومانية" إلى أسمائهم؛ كان التدمريون آراميين وإن كان بعض حكامهم يرجعون إلى أصل عربي، وقد تأثروا بالحضارة
1 تاريخ سورية جـ1 ص433.