المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لقريش محامد تنسب إليهم: - تاريخ الفكر الديني الجاهلي

[محمد إبراهيم الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مقدمة الطبعة الرابعة

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية:

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول: الشرق السامي وحدة حضارية ودينية

- ‌مدخل

- ‌الشرق وحدة حضارية ودينية:

- ‌نظريات ومذاهب في تحديد موطن الساميين الأصلي:

- ‌الأمة السامية بطونها، وتراثها الحضاري والديني:

- ‌مراجع هذا الباب:

- ‌الباب الثاني: العرب في طورهم التاريخي والسياسي

- ‌عرب" ومدلوله التاريخي:

- ‌رأي المستشرقين وعلماء التوراة:

- ‌الجاهلية:

- ‌أقسام العرب لدى الإخباريين

- ‌مدخل

- ‌العمالقة في العراف وفي مصر

- ‌إبراهيم عليه السلام مؤسس البيت العبري والعربي:

- ‌عرب الشمال عرب عدنان -الإسماعيليون: الحجاز

- ‌ عرب الجنوب عرب قحطان: اليمن

- ‌الدور المعيني:

- ‌ الدور السبئي:

- ‌الدور الحمير الثاني

- ‌الفروق بين القحطانية والإسماعيلية:

- ‌اللغة-الأسماء:

- ‌دول العرب قبل الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ الأنباط، عاصمتها بتراء:

- ‌مملكة تدمر

- ‌مدخل

- ‌من ملوك تدمر:

- ‌فيلسوف "تدمر" لونجينوس:

- ‌دولة الغساسنة، عاصمتها بصرى:

- ‌دولة المناذرة- الحيرة والأنبار-اللخميون في العراق:

- ‌حضارة الحيرة:

- ‌مملكة كندة:

- ‌مراجع هذا الباب:

- ‌الباب الثالث: العرب وروافد الفكر الديني

- ‌العلاقات التجارية والدبلوماسية:

- ‌البتراء:

- ‌ تدمر:

- ‌ دولة الغساسنة:

- ‌ دويلة المناذرة:

- ‌الأفلاطونية المحدثة:

- ‌فيلو الإسكندري" ونشأة الفلسفة الدينية والأصول العرفانية:

- ‌مدرسة إنطاكية

- ‌مدخل

- ‌نيقولاس وظهور الهرطقة في أنطاكية

- ‌برنابا في أنطاكية:

- ‌من أهم جهود برنابا:

- ‌مدرسة نصيبين، مدرس الرها، المدائن-المانوية216

- ‌جنديسابور:

- ‌آراء فلسفية للمستشرقين حول الهلينستية والسامية

- ‌اليهود في بلاد العرب

- ‌مدخل

- ‌عوامل هجرة اليهود إلى الجزيرة العربية:

- ‌ اليهودية في جزيرة العرب:

- ‌مصادر مناقشة العرب للرسول صلى الله عليه وسلم في مصدر القرآن:

- ‌المسيحية في بلاد العرب

- ‌مدخل

- ‌مدرسة الإسكندرية واللاهوت المسيحي:

- ‌الكنيسة السريانية الغربية، آباء الكنيسة اللاتين، أوغسطس 354

- ‌توسع الرهبنة، القديس مارون، أفرام السورياني 306-373:

- ‌كيف دخلت المسيحية مكة والجزيرة العربية:

- ‌ المسيحية والرسول:

- ‌أصحاب الطبيعة الواحدة:

- ‌رواية بحيرا:

- ‌التنظيم الديني:

- ‌الراهب:

- ‌الساعور-الدير:

- ‌المحراب، الهيكل، قنديل:

- ‌أثر النصرانية في الجاهليين:

- ‌الباب الرابع: الصابئة والمجوسية

- ‌تاريخ الصابئة وجغرافيتها الفكرية

- ‌مدخل

- ‌انتقالها إلى جزيرة العرب:

- ‌العرب وعبادة الكواكب:

- ‌معنى الصابئة وأقسامها:

- ‌أقسام الصابئة

- ‌صابئة بوداسف: أو الصابئة المشركون

- ‌صابئة الأشخاص:

- ‌صابئة الهند:

- ‌صابئة الفلاسفة:

- ‌صابئة أهل الكتاب:

- ‌صابئة البطائح:

- ‌حول نسبة مذاهب الصابئة:

- ‌بوداسف:

- ‌أصول فكر الصابئة الأولى:

- ‌أنواع الوساطات:

- ‌هياكلهم-رؤساؤهم:

- ‌تعقيب حول فكر الصابئة:

- ‌من قضايا الصابئة وموقف القرآن منها:

- ‌إبراهيم والصابئة:

- ‌الوساطة بين الإنسان والله

- ‌مدخل

- ‌ملاحظات على ما أورده الشهرستاني في المناظرة بين الصابئة والحنفاء:

- ‌ملاحظات على ما ذكره المسعودي:

- ‌الزندقة عند عرب الجاهلية:

- ‌المجوسية أقدم من زرادشت

- ‌زرادشت

- ‌مدخل

- ‌مضمون العقيدة:

- ‌الخير والشر:

- ‌زرادشت وكتاب الأفستا:

- ‌المجوسية والعرب

- ‌مدخل

- ‌علاقة الإسلام بهم:

- ‌القدرية والمجوس:

- ‌سحب الثقة من عبادة الأصنام:

- ‌ المتشككون في أوثانهم:

- ‌الباب الخامس: مكة عاصمةٌ ثقافية ودينية

- ‌الحجاز:

- ‌مكة والصراعات السياسية بين الفرس والرومان:

- ‌بناء البيت والدعوة إلى التوحيد:

- ‌نبي الله إبراهيم والجزيرة العربية:

- ‌إله إبراهيم الخليل غير إله اليهود:

- ‌النبوة الإلهية عربية لفظا ومعنى:

- ‌إلى وايل:

- ‌الاتجاه نحو الوثنية وأصنامها:

- ‌كيف نشأت:

- ‌الأصنام

- ‌اللات

- ‌ العزى:

- ‌ مناة:

- ‌ هبل:

- ‌ ود:

- ‌ سواع:

- ‌ يغوث:

- ‌ يعوق:

- ‌ عميانس:

- ‌ أساف ونائلة-رضى:

- ‌ مناف-ذو الخلصة:

- ‌ سعد-ذو الكفين:

- ‌ ذو الشرى-الأقيصر-نهم:

- ‌عائم-سعير-الغلس-اليعبوب-باجر-المحرق-شمس

- ‌ تيم:

- ‌ مرحب-رئام-الوثن:

- ‌سدنتها:

- ‌اتجاه قريش نحو الزعامة:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌ لقريش محامد تنسب إليهم:

- ‌معاهدتهم التجارية

- ‌ التحمس القرشي

- ‌ نتائج التحمس القرشي:

- ‌تقويم التحمس القرشي:

- ‌موقف القرآن من التحمس:

- ‌الباب السادس: من قضايا الفكر الديني الجاهلي

- ‌نظرات تحليلية في نشأة الديانة الوثنية

- ‌الشرك ومظاهره عند العرب:

- ‌موقفهم من الرسالة:

- ‌التأله والقرابين:

- ‌المقدس وغير المقدس:

- ‌بيوت العبادة:

- ‌رمزياتهم:

- ‌تسخير عالم الأرواح:

- ‌تعقيب:

- ‌المراجع

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: ‌ لقريش محامد تنسب إليهم:

يا معشر قريش: إنكم جيران الله، وأهل بيته، وأهل الحرم، وأن الحجاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعامًا وشرابًا أيام الحجيج، حتى يصدروا عنكم، ففعلوا ظلك سنة، حتى بعد الإسلام ولم تنقطع إلا في عصرنا هذا، وأصبح قصى في قومه لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه، فكان أمره من قريش في حياته، بعد مماته كالدين المتبع لا يعمل بغيره.

لاحظت تشريعات قصى هذه الاعتبارات فأعطت لقبيلة قريش إمكان السيطرة على من جاورهم من العرب، فأصبح لها الزعامة السياسية، والدينية، فزعامتها السياسية مكنتها من تخطيط مكة مرة ثانية، وحفظت عليها وضعها وقيادتها، وزعامتها الدينية أعطتها سلطة تشريعية في الدين، فشرعت مذهبها الديني وهو ما عرف بتشريع الحمس.

وهذا التشريع: حفظ عليها دينها، وعصبيتها القبلية، وساعد على انتشار ما ورثوه من وثنية عمرو بن لحي، وبقايا دين إسماعيل، وبفضل هذا أصبحت ذات كيان مقدس وذلك بمظهرها الطبقي الديني.

ص: 436

2-

‌ لقريش محامد تنسب إليهم:

- فمنهم كعب بن لؤي وهو أول من جمع يوم العروبة، ولم تسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام.

- وإلياس: أول من أهدى البدن للبيت.

- وعبد بن قصي: أول من أدخل الكتاب العربي أرض الحجاز قبل تعلمه بالحيرة، وتعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار.

- وأسعد الحميري: قال الرسول: "لا تسبوا أسعد الحميري؛ فإنه أول من كسا الكعبة".

- ودار قصي: هي دار الندوة، وقد جعل بابها إلى مسجد الكعبة ففيها كانت قريش تقضي أمورها.

ص: 436

- وهاشم: هو أول من سن الرحلتين لقريش: رحلتي الشتاء، والصيف، وأول من أطعم الثريد للحجيج وكان يسمى: الفيض؛ لسماحته.

وبجانب طبيعتها الدينية كانت ذات مظهر حضاري أيضا.

"ويبتدئ يقص التاريخ تاريخا جديدا ليس لقريش ولكنه لمكة كلها؛ فقد نظم أمور مكة على شكل مبتكر جمهوري قبلي، يمكن أن يشبه بجمهورتي: البندقية، وقرطاجة؛ لسيطرة الماليين من أرباب التجارة ورءوس الأموال عليها.

ولا يفترق قصي في وصفه هذا عن "الملك" في المملكة الرومانية الأولى، إلا أنه كان لا يحمل لقب ملك، والمؤرخون المسلمون منحوه فيما بعد هذا اللقب رمزًا لهذه السلطة الواسعة1 وكانت فوق ذلك تحوز أكبر الأصنام.

1-

العزى:

وكان الذين اتخذوا العزى إلهًا هو ظالم بن أسعد.

وكان بوادٍ من نخلة الشامية يقال له: حراض بإزاء الغمير عن يمين المصعد إلى العراق من مكة، وذلك فوق ذات عرق إلى البستان بتسعة أميال، فبنى عليها بسا -"يريد: بيتا"- وكانوا يسمعون فيه الصوت، وكانت العرب وقريش تسمي عبد العزى.

وكانت أعظم الأصنام عند قريش، وكانوا يزورونها ويهدون لها، ويتقربون عندها بالذبح، وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول2:

واللات والعزى

ومناة الثالثة الأخرى

فإنهن الغرانيق العلا

وإن شفاعتهن لتُرْتجى

وكانوا يقولون: إنها بنات الله وهن يشفعن إليه.

وكانت قريش قد هيأت لها شعبًا من وادي حراض يقال له: سقام، يضاهون به حرم الكعبة، وكان لها منحر: ينحرون فيه هداياهم، يقال له: الغبغب ويقسمون

1 الإسلام في حضارته ونظمة - ص52 الأستاذ أنور الرفاعي- دار الفكر.

2 يقول ابن الكلبي: وقد بلغنا أن رسول الله ذكر يوما فقال: لقد أهديت للعزى شاة عفراء وأنا على دين قومي ص19، ويكذب هذه الرواية حديث لرسول الله ورد فيه أنه ما عبد صنما قط.

ص: 437

لحوم هداياهم فيمن حضرها وكان عندها، وتخصها بالإعظام، وسدنة العزى: بنو شبيان ابن جابر بن مرة من بني سليم، وكان آخر من سدنها منهم دبية بن حرمي السلمي.

فلم تزل العزى كذلك حتى بعث الله نبيه فعابها وغيرها من الأصنام ونهاهم عن عبادتها ونزل القرآن فيها: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 19-23] .

فاشتد ذلك على قريش، ومرض أبو أحيحة مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه أبو لهب يعوده فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا أحيحة؟ أمن الموت تبكي ولا بد منه؟ قال: لا؛ ولكني أخاف ألا تعبد العزى بعد.

فقال أبو لهب: والله ما عبدت في حياتك لأجلك، ولا تترك عبادتها بعد لموتك.

وكانت للعزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة فلما فتح النبي مكة بعث خالد بن الوليد فقال له: "ايت بطن نخلة، فإنك تجد ثلاثا سمرات، فاعضد الأولى"، فأتاها فعضدها، فلما جاء إليه، قال:"هل رأيت شيئا؟ " قال: لا قال: "فأعضد الثانية"، فأتاها فعضدها، ثم أتى النبي فقال:"هل رأيت شيئا؟ " قال لا: فقال: "فاعضد الثالثة"، فأتها فإذا بحبشية نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتقها تصرف بأنيابها وخلفها دبية وكان سادنها.

فلما نظر إلى خالد قال:

أعزاه شدي شدة لا تكذَّبي

على خالد ألقي الخمار وشَمِّرِي

أيا عز إن لم تَقتلي المرء خالدًا

فبوئي بإثم عاجل أو تنصَّرِي

ص: 438

فقال خالد:

يا عزُّ كفرانك لا سبحانك

إني رأيت الله قد أهانك

ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة ثم عد الشجرة وقتل دبيةَ السادن، ثم أتى النبي فأخبره فقال: تلك العزى، ولا عزى بعدها للعرب؟ أما إنها لن تعبد بعد اليوم. قال أبو النذرة: ولم تكن قريش بمكة ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئًا من الأصنام إعظام العزَّى ثم اللات، ثم مناة، فأما العزى فكانت قريش تخصها دون غيرها بالزيارة والهدية، وذلك فيما أظن كان لقربها منها.

2-

هبل "بعل":

وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها وكان أعظمها عندهم هبل وكان يسمى "بعلا" كما سيأتي، وكان أول من نصبه خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وكان يقال له "هبل خزيمة" وكان في جوف الكعبة قدامه سبعة أقداح مكتوب في أولها: صريح، والآخر: ملصق.

فإذا شكوا في مولود أدوا له هدية ثم ضربوا بالقداح فإن خرج صريح ألحقوه وإن خرج ملصق دفعوه.

وقدح على الميت، وقدح على النكاح، وثلاثة1 لم تفسر لي على ما كانت، فإذا اختصموا في أمر، أو أرادوا سفرا، أو عملا أتوه فاستقسموا بالقداح عنده،

1 يقول ابن هشام: وكان عند هبل قداح سبعة كل قدح فيها كتب:

1-

قدح فيه "العقل" إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة فإن خرج العقل فعلى من خرج حمله.

2-

وقدح فيه "نعم" للأمر إذا أرادوه يضرب به القداح فإن خرج قدح نعم عملوا به.

3-

وقدح فيه "لا" إذا أرادوا أمرا ضربوا به في القداح فإن خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر.

4-

وقدح فيه "منكم".

5-

وقدح فيه "ملصق".

6-

وقدح فيه "من غيركم"

7-

وقدح فيه "المياه" إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقدح وفيها ذلك القدح فحيثما خرج ضربوا به.

ص: 439

فما خرج عملوا به وانتهوا إليه، وعنده ضرب عبد المطلب بالقداح على ابنه عبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال له أبو سفيان بن حرب حين ظفر يوم أحد: اعل هبل؟ أي علا دينك، فقال رسول الله: الله أعلى وأجل1.

وهبل هو الصنم الذي أتى به عمرو بن لحي ونصبه على البئر التي حرقها إبراهيم عليه السلام في بطن الكعبة وكان تمثالا من عقيق أحمر على صورة الإنسان مكسور اليد اليمنى أدركته قريش كذلك فجعلت له يدا من ذهب، وكما هو واضح في الرواية نرى أن الصنم واسمه مستعربان.

لذلك رأينا للمؤرخين خلافا حول أصل اشتقاق اسمه:

فبعضهم يذهب إلى أن أصل اشتقاقه من العربية ويقول: هبل، أظنه من الهابل وهو الكثير اللحم والشحم ويستأنس بقول عائشة: والنساء يومئذ لم يهبلن اللحم أي: لم يسمنَّ.

أو من الهبل والهبالة: وهو الغنيمة "أي" أنه يغتنم عبادته أو يغتنم من عبده2.

أو من الهبل والشكل يراد به أن لم يطعمه هبله: أي شكله.

ونلاحظ أن هذا التحليل فيه تكلف التوجيه ومشقة الرد إلى أصل عربي وخروج باللفظ عن حد الاعتدال في تأويله.

- وبعضهم يذهب إلى أن لفظ هبل لا اشتقاق له في العربية من معناه. فهو غير مشتق من لفظ عربي. ويقول: إنه عبراني أصله هبعل ومعنى بعل السيد.

وزاد على ذلك فقال: إن الهاء في التعبير العبري أداة التعريف مثل: "أل" في اللغة، فبإضافة هذه الأداة إلى بعل يريد الأكبر.

وقال: أما العين الزائدة، فسهل إهمالها بالتخفيف، ثم ضياعها بالاستعمال وخصوصا في لفظ بعل؛ لأن الكلدانيين كانوا يلفظونه "بل" بإهمال العين وهو اسم هذا الإله عندهم. وقيل أن هبل القرشي هو بعل الإسرائيلي3.

1 يراجع كتاب الأصنام 21، 22، 23، 24، 25.

2 معجم البلدان لياقوت "4: 97".

3 التاريخ الإسلامي العام ص244 د. علي حسن إبراهيم.

ص: 440

وعلى ذلك إذا صح تعليل الأستاذ جورجي زيدان اللغوي فلا يبقى شك في أن هبل هو بعل، والذي يؤكد صحة هذا الرأي أن الله أورده في التنزيل:"أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين".

فقال الله: "بعلا" ولم يقل هبلا.

وفي هذا ما يدل على أنه كان يسمى بعلا عند الإسرائيليين1.

والأوفق عندي من خلال البحوث الحديثة: أن بعلا كان إله العبرانيين ولكن متى عرف العبرانيون وثنية بعل؟ والجواب أن ذلك حدث عندما استقر العبرانيون في كنعان وتمت عملية امتزاج بطيئة تركت عرضا علامات في دين العبرانيين مثل عبادات آلهة الكنعانيين "بعليم: أسياد البلاد"، ولم يكن هؤلاء البعليم على غرار يهوه آلهة حرب ولكنهم كانوا آلهة طبيعة مسالمين تتمثل في شخوصهم قوي الخصب والحياة المنتجة ويتألفون أزواجًا: ذكر "بعلا" وأنثاه "عشتاروت".

ولهم ديانات محلية متباينة تصحبها الشهوة المخزية فربما كان دين العبريين قد هبط في يسر إلى مستوى الدين الكنعاني وكان يهوه قد اندمج في البعليم ولما ترك العبريون طابعا على تاريخ البشر الروحي، وظل يهوه بين كل ما تمثلوه من العبادات الكنعانية كالمرتفعات والصور الخشبية لعشتاروت أو العمد المقدسة إله شعبه المختار.

وهذا أثر كنعاني على العبريين.

وأما العبراني فهو أقدم من بني إسرائييل وإن كان إسرائيل منهم غير أن العبراني أعم من جهة ثانية؛ لأنه يشمل إبراهيم وقومه وهم غير اليهود، فكان بعل هذا هو إله قوم إبراهيم ويققارب أن يكون اسمه "هبعل البعل" ولعله يقابل "مردوخ" البابليين وبعل الكلدانيين، فأصله لا شك دخيل"2.

حاول عمرو بن لحي أن يجعله إله الجزيرة الأكبر، إذ بمقارنة وظائف هذه الآلهة مع ما روي عن هبل يتضح لنا أنه كان إله الخصب، والرزق، ومن ثم إله

1 المرجع نفسه.

2 الإسلام في نظمه ص41 الأستاذ أنور الرفاعي.

ص: 441