الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأيضًا: لا منافاة بين قصد المبالغة والعموم، فالجمع بين المقصودين أولى من تعطيل أحدهما.
فإن قيل: قصد المبالغة إنما يحصل إذا لم يكن عموم وذكر بلفظ العموم، كما لو قال:«ضرب كل واحد منهم»
قلنا: قصد المبالغة في الحث أو الزجر هو الذي لا ينافي العموم، لا قصد المبالغة مطلقًا.
قال:
(التخصيص:
قصر العام على بعض مسمياته.
أبو الحسين: إخراج بعض ما يتناوله الخطاب عنه.
وأراد متناوله بتقدير عدم المخصص، كقولهم: خصّ العام.
وقيل: تعريف أن العموم للخصوص، وأورد الدور.
أجيب: بأن المراد في الحدّ التخصيص اللغوي، ويطلق التخصيص على قصر اللفظ وإن لم يكن عامًا، كما يطلق عليه عام لتعدده، كعشرة والمسلمين لمعهودين، وضمائر الجمع، ولا يستقيم تخصيص إلا فيما يستقيم توكيده بكل).
أقول: لما فرغ من بحث العام والعموم، شرع في التخصيص والمخصص.
وعرّف المصنف التخصيص بأنه: قصر العام على بعض مسمياته، وهو
متناول ما أريد به جميع المسميات أولا، ثم أخرج بعض في الاستثناء، وما لم يرد إلا بعض المسميات ابتداء، كما في غيره.
والمراد من المسميات متناولات العام، إذ مسمى العام شيء واحد.
ولو قال: قصر العام على بعض مسماه لكان أحسن، وقد يكون المراد على بعض مسميات دلّ عليها العام.
وعرّفه أبو الحسين البصري بأنه: إخراج بعض ما يتناوله الخطاب عنه.
وأورد عليه: أن ما أخرج بالخطاب غير متناول له.
فأجاب: بأن المراد ما يتناوله الخطاب بتقدير عدم المخصص، كقولهم: خصص العام، وهذا عام مخصوص، ولا شك أن المخصص ليس بعام، لكن المراد أنه عام لولا تخصيصه، وكأن المصنف إنما عدل عن هذا الحدّ لما فيه من المجاز والدور.
والحق: أن الخطاب في نفسه متناول لذلك البعض، وباعتبار المخصص غير متناول له، فالعام على تقدير وجود المخصص شامل لجميع الأفراد في نفسه، والمخصص أخرج بعضها عنه، فلا حاجة إلى هذا التقدير.
والظاهر أن المصنف إنما ذكر هذا التقدير جوابًا عما اعترض به الآمدي على الحدّ، لا أنه ذكر لأبطاله.
وعرّف أيضًا التخصيص بأنه: تعريف أن العموم للخصوص، أي
تعريف أن اللفظ الموضوع لجميع الأفراد أريد بعضها.
وأورد: أنه تعريف التخصيص بالخصوص، وهو دور.
والجواب: أن المراد بالتخصيص المحدود هو الاصطلاحي، وبالخصوص هو اللغوي، واللغوي أعرف، فلا دور، ولا يندفع عن تعريف أبي الحسين لأنهما اصطلاحيان.
قلت: والظاهر أن المصنف إنما عدل عن هذا الحدّ لعدم اضطراده، إذ يلزم أن يكون قولنا: هذا العموم مخصوص تخصيصًا، وليس كذلك، إذ ليس من مقولة أن يفعل.
واعلم أنه يطلق التخصيص أيضًا على قصر اللفظ على بعض متناولاته وإن لم يكن عامًا، كما يطلق اللفظ أنه عام بحسب / تعدد أفراده وإن لم يكن عامًا، كعشرة يقال: إنه عام باعتبار آحاده، فإذا قصر على خمسة بالاستثناء قيل: خصَّ، وكذا المسلمين للمعهودين نحو:«أكرمت المسلمين إلا زيدًا» فإنهم يسمون المسلمين هنا عامًا، والاستثناء منه تخصيصًا له.
وذكر المصنف في أمثلة العام غير المصطلح ضمائر الجمع، بناء على أن صيغ العموم ما دلّ بنفسه، وليس كذلك، إذ الموصول عام ويحتاج إلى قرينة الصلة، فضمير الغائب تابع لمضمره.
ثم قال: «ولا يستقيم تخصيص» يعنى بشيء من التفاسير المذكورة، إلا فيما يستقيم توكيده بكل، وهو ما كان ذا أجزاء يصح افتراقها حسًا،