الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فهذا مثله].
قلنا: قد قال أبو حنيفة وسحنون: لا قضاء عليه، وإن سلم فالقضاء بأمر جديد، فلا يستلزم وجوبًا قبله، كقضاء صوم الحائض.
ولنا أيضًا: أنه لو ثبت حكمه - قبل تبليغ الرسول - لثبت قبل تبليغ جبريل، واللازم باطل اتفاقًا، بيان اللزوم: أنهما سواء في وجود الناسخ وعدم علم المكلف به، ووجوده مقتض لحكمه، وعدم علم المكلف لا يصلح مانعًا فيثبت.
قالوا: حكم تجدد، فلا يعتبر علم المكلف به، وأيضًا: حق الشارع فلا يعتبر في إسقاطه عن المكلف علمه به، كما في عزل الموكل.
الجواب: أن العلم ليس بمعتبر، لكن التمكن من العلم معتبر، وإلا كان تكليفًا بالمحال، والتمكن منتف فلا يثبت حكمه، لا لعدم علمه، بل لعدم تمكنه من العلم وهو شرط التكليف، هذا أقرب إلى لفظه.
والحق: منع ثبوت الوجوب عليه إذا لم يعلم؛ لأنه لابد في الإيجاب عليه من اعتبار تمكنه من الامتثال، وإلا لزم تكليف ما لا يطاق، لكن التمكن منتف لانتفاء شرط امتثال الحكم، وهو العلم به، لعدم العلم بدليله.
قال:
(مسألة: العبادات المستقلة ليست نسخًا
.
وعن بعضهم: صلاة سادسة تنسخ.
وأما زيادة جزء مشترط، أو زيادة شرط، أو زيادة ترفع مفهوم المخالفة، فالشافعية والحنابلة: ليس بنسخ، والحنفية: نسخ.
وقيل: الثالث نسخ.
عبد الجبار: إن غيرته حتى صار وجوده كالعدم شرعًا، كزيادة ركعة في الفجر وكعشرين في القذف، وكتخيير في ثالث بعد اثنين، فنسخ.
والغزالي: إن اتحدت كركعة في الفجر فنسخ، بخلاف عشرين على القذف.
والمختار: إن رفعت حكمًا شرعيًا بعد ثبوته بدليل شرعي فنسخ، لأنه حقيقة، وما خالفه ليس بنسخ.
فلو قال: «في السائمة زكاة» ، ثم قال:«في المعلوفة الزكاة» فلا نسخ فإن تحقق أن المفهوم مراد فنسخ، وإلا فلا، ولو زيدت ركعة في الصبح فنسخ، لتحريم الزيادة ثم وجوبها، والتغريب على الحدّ كذلك.
فإن قيل: منفي بحكم الأصل.
قلنا: هذا لو لم يثبت تحريمه، فلو خبر في المسح بعد وجوب الغسل فنسخ التخيير بعد الوجوب، ولو قال:{واستشهدوا شهيدين} ، ثم ثبت الحكم بالنص بشاهد ويمين فليس بنسخ، إذ لا رفع لشيء.
ولو ثبت مفهومه ومفهوم {فإن لم يكونا رجلين} ، إذ ليس فيه منع الحكم بغيره.
ولو زيد في الوضوء اشتراط غسل عضو فليس بنسخ؛ لأنه إنما حصل وجوب مباح الأصل.
قالوا: كانت مجزئة ثم صارت غير مجزئة.
قلنا: معنى مجزئة امتثال الأمر بفعلها ولم يرتفع، وارتفع عدم توقفها على شرط آخر، وذلك مسند إلى حكم الأصل، وكذلك لو زيد في الصلاة ما لم يكن محرمًا).
أقول: هذه المسألة في الكتب مترجمة: بالزيادة على النص، هل تكون نسخًا؟ .
واعلم أن زيادة عبادة على ما قد شرع من العبادات، إن كان مستقلًا فليس بنسخ، وعن بعض العراقيين: إن إيجاب صلاة سادسة نسخ؛ لأنه يخرج الوسطى من كونها وسطى، فيبطل تأكيد المحافظة عليها الثابت بقوله:{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} ، وهو حكم شرعي وهذا معنى النسخ، وهو فاسد، إذ لا يبطل تأكد ما صدق عليه أنها وسطى، وإنما يبطل كونها وسطى، وهو أمر حقيقي لا حكم شرعي، وأما غير هذه الزيادة فعلى وجوه:
منها: أن تكون الزيادة مع الأولى جزئين لعبادة، بحيث / لا تعتبر الأولى دونها، فتكتون شرطًا لصحة المزيد عليه، كزيادة ركعة في الفجر.
ومنها: أن تكون شرطًا في الأولى ولا تكون جزءًا، كزيادة شرط الإيمان في رقبة الكفارة.
ومنها: أن ترفع مفهوم مخالفة الأولى، كقوله:«في المعلوفة زكاة» بعد قوله: «في الغنم السائمة زكاة» .
قلت: وهذا المثال من المستقل ولم يذكره الآمدي، هذا مع أن الحنفية لا يقولون بالمفهوم.
فقال مالك، والشافعي، والحنابلة، والجبائي، وابنه: ليس بنسخ.
وقال الحنفية: إنه نسخ، ونعني في الأولين.
وقال قوم: الثالث - وهو ما يرفع مفهوم المخالفة - نسخ دون الأولين.
وقال عبد الجبار: إن غيرت الزيادة الأصل تغييرًا شرعيًا حتى صار وجوده كالعدم شرعًا فنسخ، وإلا فلا، وذكر أمثلة:
منها: زيادة ركعة على ركعتين في الفجر، فإنهما لا يجزئان دونها.
ومنها: زيادة التغريب على الجلد، فإنه لا يحصل الحدّ بالجلد وحده.
ومنها: زيادة عشرين جلدة على حدّ القذف، فإنه لا يحصل الحدّ بدون العشرين.
ومنها: أن يخير المكلف في أمرين، ثم يخير فيهما وفي ثالث، فإن فِعْل الثالث مع ترك الأولين غير محرم، وقد كان فهو كالعدم في انتفاء الحرمة
بنفيهما.
وما قيل من أن المثال الثاني والثالث لا يصح؛ لأن وجود الثمانين لا يكون كالعدم بل يضم إليها عشرين ويحصل الإجزاء، وكذا لو أتى بأحد الأولين بعد التخيير في الثالث، لم يكن وجوده كالعدم فوارد، إلا أن يتأول على ما ذكرنا.
وقال الغزالي: إن غيرت حكم المزيد عليه ورفعت جواز اقتصار عليه، وأنه لابد في امتثال الأمر من الزيادة فنسخ، كزيادة ركعتين في الصبح، فإن الركعتين الأوليين ارتفع موجب الأمر بهما، فليس الأربع اثنين وزيادة، إذ لو أتى بالصبح أربعًا لم يجزه، ولو كانت الأربع اثنين وزيادة لأجزأته، كما لو أمر أن يتصدق بدرهم فتصدق بدرهمين، أما لو لم تتصل هذا الاتصال، كعشرين على القذف فليس بنسخ، إذ لو حده بعد الزيادة ثمانين لي يبطل إجزاء الثمانين عن نفسها، بل يطالب بالعشرين فقط.
فزيادة الشرط نسخ على قول عبد الجبار، وليس بنسخ على قول الغزالي.
والمختار: أن الزيادة إن رفعت حكمًا شرعيًا بعد ثبوته بدليل شرعي فنسخ؛ لأنه حقيقة النسخ.
وقوله: (بدليل) يتعلق برفعت لا بثبوت، وإلا لزم التكرار، إذ الحكم الشرعي لا يكون إلا بدليل شرعي، مع أن النسخ لا يتحقق حتى يكون
الرافع شرعيًا، وما خالف المذكور / وهو ألا يكون المرفوع حكمًا شرعيًا، إن كان حكمًا شرعيًا لكن الزيادة لم تتأخر، فليس بنسخ لانتفائه بانتفاء كل منهما.
فلو قال: «في الغنم السائمة الزكاة» ، ثم قال:«في المعلوفة الزكاة» ، فإن ثبت المفهوم وتحقق أنه كان مرادًا فنسخ، وإلا فلا إذ لا رفع، إنما هو دفع للمفهوم إن ثبت.
وإنما قال أولًا: (فلا نسخ) أي لمنطوق الأول بمفهوم الثاني.
ثم قال: (فإن تحقق إرادة مفهوم الأول) فمنطوق الثاني ناسخ له، وإلا فهو دفع إن قلنا بالمفهوم، فلو زيد في صلاة الصبح ركعة فنسخ؛ لأنه ثبت تحريم الزيادة عليها ثم ارتفع بوجوبها، وكلاهما حكم شرعي.
وكذا زيادة التغريب على الجلد؛ لأنه ثبت تحريم الزيادة، ثم ثبت وجوبها، كلاهما بدليل شرعي.
فإن قيل: التغريب كان منفيًا بالأصل، فرفعه رفع لحكم الأصل، وهو لا يكون نسخًا.
قلنا: إنما يصح لو لم يثبت تحريمه بدليل شرعي، وعلى هذا زيادة عشرين على القذف نسخ.
فلو أوجب غسل الرجلين معينًا، ثم خير بين غسلهما ومسحهما فهو نسخ؛ لأنه رفع الوجوب عينًا بوجوب أحد الأمرين مخيرًا وهو غيره، وقد ثبتا بدليل شرعي.
فلو قال: {واستشهدوا شهيدين} ، ثم ورد نص بجواز الحكم بشاهد ويمين فلا نسخ؛ لأن المرفوع عدم جواز الحكم بشاهد ويمين، وقوله:{واستشهدوا شهيدين} لم يثبته حتى يكون نسخًا للقرآن بخبر الواحد.
فإن قيل: مفهوم قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين} ، ومفهوم قوله تعالى:{فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} يمنع الحكم بالشاهد واليمين لأنه غيرهما، والنص قد نفى الغير بالمفهوم.
قلنا: دلّ على طلب الاستشهاد لرجلين ما أمكن، ولرجل وامرأتين إذا تعذر، فإن سلم مفهومهما فهو أن غيره غير مطلوب، وإما أنه لا يحكم بغيرهما إذا حصل، فلا يدل عليه لا بمنطوق ولا بمفهوم.
فلو زيد في الوضوء اشتراط غسل عضو، فليس بنسخ على الأصح؛ لأنه رفع مباح الأصل.
قالوا: نسخ؛ لأن الأربعة دونه كانت مجزية ولم تبق الآن مجزية، والإجزاء حكم شرعي وقد ارتفع.
الجواب: أن الإجزاء بدونه يدل على الامتثال بفعله وعدم توقفه على شرط آخر، أما الامتثال بفعله فلم يرتفع، وأما عدم توقفه على شرط آخر وإن ارتفع فليس حكمًا شرعيًا، بل هو مستند إلى حكم البراءة الأصلية.
ولو زيد في الصلاة ركن، فإن كان محرمًا قَبْلُ، فنسخ لحرمته لا للصلاة وإن لم يكن محرمًا فليس بنسخ؛ لأنه رفع لحكم الأصل، ونعني به إذا لم يرد