الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: والأظهر أن النزاع لفظي، فإنه يلزم من رفع الجزء أو الشرط رفع الكل، لا رفع كل واحد، وإلا لاحتيج في الباقي إلى تجدد وجوب، فمن قال إنه نسخ للعبادة، إن أراد أنه يرتفع المجموع من حيث هو مجموع بارتفاع الجزء أو الشرط، وإذا ارتفع المجموع - الذي هو العبادة - صدق أنها نسخت فمسلم ولا يخالف الآخر، وإن أراد أنه نسخ للباقي فمعلوم أنه لا يلزم من رفع جزء رفع جميع الأجزاء.
احتج للمختار: بأنه لو كان نسخًا للباقي إذا نقص الجزء، أو نسخًا للمشروط إذا نقص الشرط، لافتقر الباقي في وجوبه إلى دليل غير الأول، أما الملازمة؛ فلأن الوجوب السابق قد ارتفع، فالوجوب الثاني لابد له من دليل لأنه حكم شرعي، فلابد له من دليل.
وأما بطلان الثاني؛ فبالاتفاق.
قالوا: ثبت تحريمها تغير الركعتين وبغير الطهارة، وهذا التحريم بالشرع إذ لا مجال للعقل، فإذا نقص الجزء أو الشرط، فقد ثبت جوازها بدون الشرط ووجوبها بدون الجزء، فارتفع التحريم بالإباحة أو الوجوب، وهو معنى النسخ.
الجواب: الفرض أنه لم يتجدد وجوب الباقي، بل أبطل وجوب ما نقص وهو نسخ، ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في نسخ وجوب الباقي، ووجوبه باق كما كان لم يتغير.
قال:
(مسألة: المختار جواز نسخ وجوب معرفته
، وتحريم الكفر وغيره خلافًا للمعتزلة، وهي فرع التحسين والتقبيح.
والمختار: نسخ جميع التكاليف، خلافًا للغزالي.
لنا: أحكام غيرها.
قالوا: لا ينفك عن وجوب معرفة النسخ والناسخ.
وأجيب: بأنه يعلمها، وينقطع التكليف بهما وبغيرهما).
أقول: اتفقوا على جواز رفع جميع التكاليف بإعدام العقل، وعلى امتناع النهي عن معرفته إلا عند من يجوز تكليف المحال؛ لأن العلم بنهيه يستدعي معرفته، فيتوقف تحريم معرفته على معرفته فيدور.
واختلفوا في جواز نسخ وجوب معرفته، وتحريم الكفر وغيره من المعاصي، فجوزه أصحابنا، ومنعه المعتزلة، والمسألة فرع التحسين والتقبيح العقليين، إذ لو ثبتا لم تتغير هذه الأمور من وجوب إلى تحريم وبالعكس؛ لأن ما بالذات لا يتغير، وقد مرّ بطلانه.
واختلف أصحابنا، هل يجوز نسخ جميع التكاليف عن المكلف بعد ثبوتها مع بقاء شرائط التكليف؟ .
والمختار: جوازه، خلافًا للغزالي.
لنا: أنها أحكام، فما جاز على بعضها جاز على جميعها.
قالوا: لو جاز نسخ جميع التكاليف لأدى إلى عدم جواز نسخ جميعها.
أما الملازمة؛ فلأن المنسوخ عنه لابد له من معرفة النسخ والناسخ ليعلم أنه غير مكلف بشيء، وهذا نوع من التكليف، فيلزم خلاف الفرض.
الجواب: أنّا وإن سلمنا أن النسخ لا يحصل في حق المكلف بدون علمه، فلا يمتنع تحقق النسخ لجميع التكاليف عند علمه بالنسخ، وإن لم يكن مكلفًا بمعرفة النسخ والناسخ.
ولئن سلمنا لزوم كونه مكلفًا بمعرفتهما، فيجوز أن يعملهما ثم ينقطع التكليف بهما وبغيرهما.
وقول من قال الانقطاع إن كان بنفسه لا يكون نسخًا وإن كان بغيره تسلسل، فاسد بما مرّ.