المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسألة: العموم من عوارض الألفاظ حقيقة - تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول - جـ ٣

[يحيى بن موسى الرهوني]

فهرس الكتاب

- ‌(الأمر

- ‌(مسألة: صيغة الأمر بمجردها لا تدل على تكرار

- ‌(مسألة: الأمر إذا علق على علة ثابتة

- ‌(مسألة: صيغة الأمر بعد الحظر للإباحة على الأكثر

- ‌(مسألة: القضاء بأمر جديد

- ‌(مسألة: إذا أمر بفعل مطلق، فالمطلوب الفعل الممكن

- ‌(مسألة: النهي يقتضي الدوام ظاهرًا

- ‌(العام والخاص

- ‌(مسألة: العموم من عوارض الألفاظ حقيقة

- ‌(مسألة: الجمع المنكر ليس بعام

- ‌(مسألة: أبنية الجمع لاثنين

- ‌(مسألة: العام بعد التخصيص

- ‌(مسألة: جواب السائل غير المستقل

- ‌(مسألة: المشترك يصح إطلاقه على معنييه

- ‌(مسألة: نفي المساواة

- ‌(مسألة: المقتضي

- ‌(مسألة: الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامه

- ‌(مسألة: إذا علق الحكم على علة، عمّ بالقياس شرعًا لا بالصيغة

- ‌(مسألة: الخلاف في أن المفهوم له عموم لا يتحقق

- ‌(مسألة: «من» الشرطية تشمل المؤنث عند الأكثر

- ‌(مسألة: الخطاب بالناس والمؤمنين يشمل العبيد

- ‌(مسألة: العام بمعنى المدح والذم

- ‌(التخصيص:

- ‌(مسألة: التخصيص جائز إلا عند شذوذ

- ‌(مسألة: المخصص: متصل، ومنفصل

- ‌(مسألة: شرط الاستثناء الاتصال لفظًا

- ‌(مسألة: الاستثناء المستغرق باطل باتفاق

- ‌(مسألة: الاستثناء بعد جمل بالواو

- ‌(مسألة: الاستثناء من الإثبات نفي وبالعكس

- ‌(مسألة: يجوز تخصيص السنة بالسنة

- ‌(مسألة: الإجماع يخصص القرآن والسنة

- ‌(مسألة: العام يخص بالمفهوم

- ‌(مسألة: فعله عليه السلام يخصص العموم

- ‌(مسألة: الجمهور: إذا علم صلى الله عليه وسلم بفعل مخالف للعموم

- ‌(مسألة: الجمهور: مذهب الصحابي ليس بمخصص

- ‌(مسألة: الجمهور: إذا وافق الخاص حكم العام فلا تخصيص

- ‌(مسألة: رجوع الضمير إلى البعض ليس بتخصيص

- ‌(مسألة: المطلق: ما دلّ على شائع في جنسه

- ‌ مسألة: إذا ورد مطلق ومقيد

- ‌(المجمل:

- ‌(مسألة: لا إجمال في نحو: {حرمت عليكم الميتة}

- ‌(مسألة: لا إجمال في نحو: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»

- ‌(مسألة: لا إجمال في نحو: «لا صلاة إلا بطهور»

- ‌(مسألة: لا إجمال في نحو: {والسارق والسارقة فاقطعوا

- ‌(مسألة: المختار أن اللفظ لمعنى تارة، ولمعنيين أخرى

- ‌(مسألة: لا إجمال فيما له محمل لغوي

- ‌(مسألة: لا إجمال فيما له مسمى لغوي ومسمى شرعي

- ‌(البيان والمبين

- ‌(مسألة: المختار أن الفعل يكون بيانًا

- ‌(مسألة: إذا ورد بعد المجمل قول وفعل

- ‌(مسألة: المختار: أن البيان أقوى

- ‌(مسألة: تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع

- ‌(مسألة: المختار على المنع، جواز تأخير إسماع المخصص الموجود

- ‌(مسألة: المختار على المنع، جواز تأخيره عليه السلام تبليغ الحكم

- ‌(مسألة: المختار على التجويز: جواز بعض دون بعض

- ‌(مسألة: يمتنع العمل بالعموم قبل البحث عن المخصص

- ‌(الظاهر والمؤول

- ‌(المفهوم والمنطوق:

- ‌(النسخ:

- ‌(مسألة: المختار جواز النسخ قبل وقت الفعل

- ‌(مسألة: المختار جواز نسخ «صوموا أبدًا»

- ‌(مسألة: الجمهور: جواز النسخ من غير بدل

- ‌(مسألة: الجمهور: جواز النسخ بأثقل

- ‌(مسألة: يجوز نسخ القرآن بالقرآن

- ‌(مسألة: الجمهور على جواز نسخ القرآن بالخبر المتواتر

- ‌(مسألة: الجمهور على أن الإجماع لا ينسخ

- ‌(مسألة: المختار أن القياس المظنون لا يكون ناسخًا، ولا منسوخًا

- ‌(مسألة: المختار جواز نسخ أصل الفحوى

- ‌(مسألة: العبادات المستقلة ليست نسخًا

- ‌(مسألة: إذا نقص جزء العبادة أو شرطها

- ‌(مسألة: المختار جواز نسخ وجوب معرفته

الفصل: ‌(مسألة: العموم من عوارض الألفاظ حقيقة

باعتبار أمر اشتركت فيه، وهو الذَّكَرُ من بني آدم، إذ لا يريد مسميات باسم العام، إذ لا مسمى له إلا شيء واحد.

وقال: (باعتبار أمر اشتركت فيه) ليخرج نحو عشرة، فإن العشرة دلّت على آحادها لا باعتبار أمر اشتركت فيه؛ لأن آحاد العشرة أجزاء لها لا جزئيات لها، فلا يصدق على واحد أنه عشرة.

وقال: (مطلقًا) أي لا بقرينة خارجية، احترازًا من المسلمين لمعهودين.

وإنما قال: (ضربة) ليخرج نحو رجل، فإنه دلّ على مسميات لكن لا دفعة واحدة، بل على البدل.

ثم قال: (والخاص بخلافه) أي ما دلّ لا على مسميات

إلى آخره.

قال: ‌

‌(مسألة: العموم من عوارض الألفاظ حقيقة

.

وأما في المعاني، فثالثها الصحيح كذلك.

لنا: أن العموم حقيقة في شمول أمر لمتعدد، وهو في المعاني كعموم المطر والخصب ونحوه. ولذلك قيل: عمّ المطر والخصب ونحوه.

وكذلك المعنى الكلي لشمول الجزئيات.

ومن ثم قيل: العام ما لا يمنع تصوره من الشركة.

فإن قيل: أمر واحد شامل، وعموم المطر ونحوه ليس كذلك.

قلنا: ليس العموم بهذا الشرط لغة.

وأيضًا: فإن ذلك ثابت في عموم الصوت، والأمر، والنهي، والمعنى الكلي).

ص: 80

أقول: العموم من عوارض الألفاظ، فإذا قيل: لفظ عام، صرف على سبيل الحقيقة، أما في المعنى، كما لو قيل: هذا معنى عام، فقيل: لا يصدق حقيقة ولا مجازًا، وقيل: يصدق مجازًا.

والصحيح عنده: أنه يصدق حقيقة.

لنا: أنا لعموم حقيقة في شمول أمر لمتعدد، فكما صح في الألفاظ باعتبار شموله بحسب الوضع لمعان متعددة، يصح في المعاني، بل هو في المعنى أظهر؛ إذ اشتراك الأشخاص في الإنسانية ليس في مجرد الاسم، وليس في وقوع الإنسان عليها كوقوع زيد على جمع تسموا به، فإن زيدًا لم يسم به إلا لأنه هو، لا لمعنى كلي، ولو رأيت رجلًا مجهول / الاسم حكمت أنه إنسان، ولم تحكم أنه زيد حتى تسأل عنه.

فأنت في الأول متمثل صورة كلية تطابق كل إنسان فلذا حكمت، ولم تتمثل من زيد صورة تطابق شخصًا آخر، فلذا لم تحكم بوقوع اسم الليث على الأسد، ولا يمنع الشركة، ووقوعه على شخص إنسان يمنعها، فإذن: العموم من عوارض المعاني، وإنما يعرض للألفاظ من حيث أنها ذوات معان تطابق كثرة.

ص: 81

فالعموم للفظ من حيث وقوع الشركة في المفهوم لا في اللفظ، ومن شمول أمر معنوي لمتعدد عموم المطر والخصب والقحط للبلاد.

ولذلك يقال: «عمَّ المطر» ، و «عمَّ الخصب» ، وكذلك ما تصوره من المعاني الكلية الشاملة لجزئياتها المتعددة الداخلة تحتها؛ ولأجل عروض العموم للمعنى، فسّر المنطقيون العام بما فسّر به الكلي.

فقالوا: العام ما لا يمنع تصوره الشركة.

فإن قيل: المراد من العموم أمر واحد شامل لمتعدد، وشمول المطر والخصب ليس كذلك، إذ الموجود في مكان غير الموجود في الآخر، وإنما هي أفراد من المطر والخصب، لأفراد من الأمكنة والأشخاص، ولو نسب المطر إلى جزئياته لا إلى أجزائه، لكان أمرًا واحدًا شاملًا، إلا أنه لا يكون المراد من قول العرب:«عمَّ المطر» ، ولا كذلك «الرجال» ، فإنه أمر واحد شامل لمراتب العدد.

الجواب: أنه لا يعتبر في اللغة في العموم هذا القيد، بل يكفي الشمول، سواء كان هناك أمر واحد، أو لم يكن.

سلمنا، لكن العموم بذلك المعنى ثابت في الصوت يسمعه طائفة، وهو أمر واحد يعمهم.

وفيه نظر؛ إذ لا يشمل أصواتًا، وكذلك الأمر والنهي النفسيان يعمّان المكلفين، وكذلك المعنى الكلي فإن عمومه باعتبار أمر واحد شامل لأفراده.

واعلم أن الإطلاق اللغوي يسهل، إنما النزاع في واحد يشتمل على متعدد، وكذلك لا يتصور في الأعيان الخارجية، إنما يتصور في المعاني

ص: 82

الذهنية، والأصوليون ينكرون [الوجود الذهني].

والنزاع لفظي؛ لأن العموم إن كان شمول لفظ لمتعدد، كان من عوارض الألفاظ فقط، وإن كان شمول معنى لمتعدد، كان من عوارض المعاني فقط، وعروضه للفظ بالتبعية، وإن كان شمول أمر لمتعدد، كان من عوارضهما.

وكأن المصنف استشعر أن يقال له: لو عرض للمعنى حقيقة أيضًا لزم الاشتراك، فأشار إلى أنه للقدر المشترك، وهو شمول أمر لمتعدد، وهو بناء على أنه استعمال / المتواطئ في أفراده حقيقة، وفيه ما فيه.

قال: (مسألة: قال الشافعي والمحققون: للعموم صيغة.

والخلاف في عمومها وخصوصها: كما في الأمر.

وقيل: مشتركة، وقيل: موقوفة بالوقف في الأخبار لا في الأمر والنهي. والوقف إما على معنى لا ندري، وإما نعلم أنه وضع ولا ندري أحقيقة أم مجاز.

وهي: أسماء الشروط، والاستفهام، والموصولات، والجموع المعرفة

ص: 83

تعريف جنس، والمضاف، واسم الجنس كذلك، والنكرة في النفي.

لنا: القطع في: لا تضرب أحدًا.

وأيضًا: لم تزل الطمأنينة بمثل: {والسارق والسارقة} ، {الزانية والزاني} ، {يوصيكم الله في أولادكم} ، وكاحتجاج عمر في قتال أبي بكر مانعي الزكاة:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها حقنوا مني دماءهم وأموالهم» ، وكذلك:«الأئمة من قريش» ، و «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» ، وشاع وذاع ولم ينكره أحد.

قولهم: فهم بالقرائن، يؤدي إلى أن لا يثبت للفظ مدلول ظاهر أبدًا.

والاتفاق فيمن دخل داري فهو حر، أو طالق، أنه يعم.

وأيضًا: كثرة الوقائع.

واستدل: بأنه معنى ظاهر محتاج إلى التعبير عنه كغيره.

وأجيب: بأنه قد يستغنى بالمجاز وبالمشترك).

أقول: ذهب المرجئة إلى أن معنى العموم لا صيغة له في لسان العرب.

ص: 84

وذهب المحققون إلى أنه له صيغة، ثم اختلفوا:

فقال الأكثر: الصيغ الآتي ذكرها حقيقة في العموم، مجاز في الخصوص وعكس قوم، وإلى هذا أشار بقوله:(والخلاف في عمومها وخصوصها كالأمر) أي الخلاف في أنها للعموم أو للخصوص، وهذا ظاهر الإحكام.

وقيل: المعنى أن الصيغ المستعملة للعموم، هل هي خاصة بالعموم، أو عامة له ولغيره كالأمر؟ ، وكلام المصنف يحتملها، يظهر بالتأمل.

وعن الأشعري: أنها مشتركة بين العموم والخصوص.

وعنه أيضًا قول بالوقف، إما على معنى لا ندري أوضع له صيغة أم لا؟

أو ندري أنه وضع له، ولا ندري أحقيقة منفردة أو مشتركة أو مجاز؟ بناءً على أن المجاز موضوع.

وقيل: بالوقف إن استعملت في الأخبار.

وإن استعملت في الأمر والنهي، مثل:{ولا تنكحوا المشركات} .

ص: 85

{فاقتلوا المشركين} ، فهي للعموم.

ثم الصيغ: أسماء الشروط، والاستفهام، نحو:«من» ، و «ما» ، و «مهما» ، و «حيثما» ، و «أيمنا» ، و «الذي» ، و «التي» ، و «أي» ، والجموع المعرفة تعريف الجنس والمضافة نحو:«العلماء» ، و «علماء الإسلام» واسم / الجنس كذلك نحو:«التمتر» ، و «تمر الحجاز» هكذا في المنتهى، والنكرة في النفي نحون:«لا رجل في الدار» ، ولم يذكر «كل» لظهورها فيه.

لنا: أن السيد إذا قال لعبده: «لا تضرب أحدًا» فهم منه العموم، حتى لو ضرب واحدًا عُدّ مخالفًا، والتبادر دليل الحقيقة، فالنكرة في النفي للعموم حقيقة، فللعموم صيغة.

وهذا لا ينهض على من وقف في الخبر.

وأيضًا: القطع بأن العلماء لم يزالوا يستدلون بمثل? والسارق والسارقة فاقطعوا? ،? الزانية والزاني فاجلدوا? ،? يوصيكم الله في أولادكم? .

وقد يقال: إنما فهم ذلك في الاثنين الأولين من ترتيب الحكم على الوصف المعشر بعليته.

ص: 86

وكاحتجاج عمر في قضية قتال أبي بكر مانعي الزكاة بقوله عليه السلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» ، وأقره أبو بكر وعدل إلى الاستثناء في قوله:«إلا بحقها» ، فقال:«والزكاة من حقها» ، ففهما وجوب قتال الجميع قبل «لا إله إلا الله» ، وعدمه بعده. رواه الجماعة.

وأيضًا: احتج أبو بكر على الأنصار بقوله عليه السلام: «الأئمة من قريش» أخرجه النسائي وأذعنوا فكان إجماعًا على أن الصيغة للعموم، إذ لو قلت:«بعض الأئمة من قريش» ، لم يلزم ألا يكون من غيرهم إمام.

وكذا احتجاج أبي بكر على فاطمة بقوله عليه السلام: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» لم يثبت بهذا اللفظ، ورواه مسلم:«لا نورث، ما تركناه صدقة» ، ويكفي الظهور في مدلول اللفظ.

وقد يقال في احتجاج عمر: إن ذلك فهم من العلة الموجبة لعصمة الدم والمال، وهو قوله:«لا إله إلا الله» ؛ لأنه وصف مناسب، وكاحتجاج أبي بكر على فاطمة فهم من «نحن» ، ولا مدخل للفظ الأنبياء فيه، وفهم التعميم

ص: 87

في «الأئمة من قريش» من تفضيل النبي عليه السلام قريشًا على من سواهم، وعلى وجه لا يشاركهم فيه غيرهم، فلو لم يدل على اختصاص ذلك بهم، لما حصل الشرف لهم، وإلى ما ذكرنا أشار بقوله:(واعترض بأن العموم لم يفهم من اللفظ، وإنما فهم من القرائن).

والجواب: أن فتح هذا الباب يؤدي إلى ألا يثبت للفظ مدلول ظاهر أبدًا لجواز أن يفهم بالقرائن، فإن الناقلين لم ينقلوا نص الواضع، وإنما أخذوه من تتبع موارد الاستعمال، مع أن [التجويز] لا ينافي الظهور.

وأيضًا: أسماء الشروط عامة؛ لأنهم اتفقوا على أن من قال: «من دخل داري فهو حر» ، أو «فهي طالق» ، عمّ جميع عبيده وجميع ونسائه.

وأيضًا: «لا إله إلا الله» ، يفهم / منه نفي جميع ما سوى الله.

واستدل: بأن العموم معنى ظاهر يعقله الأكثر، والحاجة ماسة إلى التعبير عنه، فوجب الوضع له عادة كغيره من المعاني الظاهرة.

الجواب: أن الاحتياج إلى التعبير لا يقتضي أن يكون له لفظ منفرد على سبيل الحقيقة، فإنه يجوز أن يستغني بالمجاز وبالمشترك، كالروائح والطعوم، استغني بالتقييد بالإضافة، كرائحة المسك - مثلًا - ولم يهمل.

قال: (الخصوص متيقن، فجعله له حقيقة أولى.

ردّ: بأنه إثبات لغة بالترجيح، وبأن العموم أحوط فكان أولى.

قالوا: لا عام إلا مخصص، فيظهر أنه الأغلب.

أجيب: بأن احتياج تخصيصها لدليل مشعر بأنها للعموم.

ص: 88

وأيضًا: فإنما يكون ذلك عند عدم دليل الاشتراك إضافة لهما، والأصل الحقيقة.

وأجيب: بأنه على خلاف الأصل، وقد تقدم مثله.

الفارق: الإجماع على التكليف للعام، وذلك بالأمر والنهي.

وأجيب: بأن الإجماع على الإخبار للعام).

أقول: احتج القائلون بأن الصيغ حقيقة في الخصوص: بأن الخصوص متيقن؛ لأن الصيغ إن كانت له فظاهر، وإن كانت للعموم فداخل في المراد ولا كذلك العموم؛ إذ ربما كان للخصوص، فكان العموم غير مراد وغير داخل، فجعله حقيقة للخصوص المتيقن أولى من جعله للعموم المشكوك فيه.

الجواب أولًا: إنه إثبات اللغة بالترجيح، وطريقها النقل.

وثانيًا: أن العموم أحوط؛ لاحتمال أن يراد العموم، فلو حمل على الخصوص لضاع الغير فعصى الأمر، والأحوط أولى. وفيهما نظر.

أما الأول: فلأنه إثبات لهما بما تركب من العقل والنقل؛ لأنه أثبت الاستعمال في العموم والخصوص بالنقل، وضم إليه الترجيح.

وأما الثاني: فلأن الاحتياط يكون بالخصوص أيضًا؛ إذ قد يكون بعض الأفراد ممنوعًا.

قالوا ثانيًا: ما من عام إلا وهو مخصوص، فالظاهر أنه للأغلب حقيقة،

ص: 89

وفي الأقل مجاز، تقليلًا للمجاز.

الجواب: أن احتياج خروج البعض عنها إلى دليل وهو المخصص، دليل ظاهر بأنها للعموم حقيقة، ولا يحمل على الخصوص إلا لدليل، وذلك دليل المجاز في الخصوص، والحقيقة في العموم؛ إذ المجاز لا يحمل عليه إلا لدليل.

وأيضًا: ظهور كونها للأغلب حقيقة إنما يكون عند عدم الدليل على أنها للأقل، وهاهنا قد دلّت / أدلتنا عليه.

القائل بالاشتراك احتج: بأنها أطلقت للعموم والخصوص، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فتكون حقيقة فيهما، وهو معنى الاشتراك.

الجواب: إنه خلاف الأصل، فيكون مجازًا في أحدهما؛ لأنه أولى من الاشتراك، وقد تقدم مثله.

القائل بأنها للعموم في الأمر والنهي، وأنه يتوقف في الأخبار قال: الإجماع على أن التكليف لعامة المكلفين، والتكليف إنما يكون بالأمر والنهي فلولا أن صيغها للعموم لما كان التكليف عامًا.

الجواب: المعارضة بمثله في الأخبار، للإجماع على أن الإخبار يكون

ص: 90