الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأن يحمل العام على غير الفاعل، والتقرير على الفاعل، والحديث على الصور التي وجد فيها المعنى، وقرر تعذره.
أيضًا: بأن «حكمي على الواحد» مخصوص إجماعًا، مما علم فيه عدم الفارق، وللاختلاف في الأحكام قطعًا، وهنا لم نعلمه.
قال:
(مسألة: الجمهور: مذهب الصحابي ليس بمخصص
ولو كان الراوي، خلافًا للحنفية والحنابلة.
لنا: ليس بحجة.
قالوا: يستلزم دليلًا، وإلا كان قياسًا فيجب الجمع.
قلنا: يستلزم في ظنه، فلا يجوز لغيره اتباعه.
قالوا: لو كان ظنيًا لبينه.
قلنا: ولو كان قطعيًا لبينه.
وأيضًا: لم يخف عن غيره.
وأيضًا: لم يجز لصحابي آخر مخالفته، وهو اتفاق).
أقول: مذهب الصحابي لا يخصص العموم عندنا، وذهب بعض أصحابنا، وبعض الشافعية، وأكثر الحنفية والحنابلة إلى أنه مخصص، والخلاف فيه ينبني على حجيته.
احتجوا: بأن مخالفة الصحابي للعام لا تكون إلا بدليل وإلا كان فاسقًا، لكنهم عدول، فيعتبر ذلك الدليل - وإن لم يعرف بعينه - ويخصص به جمعًا بين الدليلين، وهذا الدليل إنما ينهض إذا كان الصحابي هو الراوي، وإلا [فقد] يكون اطلع عليه، إلا أن يغير الدليل بأن يقول: قول الصحابي لا يكون إلا لدليل وإلا كان فاسقًا، وذلك الدليل مخصص جمعًا بين الأدلة.
الجواب: أنه يستدعي دليلًا في ظنه، وما ظنه المجتهد دليلا لا يكون دليلًا على غيره ما لم يعلمه بعينه مع وجه دلالته، فلا يجوز لغيره اتباعه في اعتباره والتخصيص به؛ لأنه تقليد من مجتهد، وهو لا يجوز.
قالوا – دفعًا / لهذا الجواب -: دليل قطعي، إذ لو كان ظنيًا لبينه للتهمة.
الجواب من وجوه ثلاثة:
الأول: المعارضة، بأنه لو كان قطعيًا لبينه دفعًا للتهمة.
وأيضًا: لو كان قطعيًا لم يخف على غيره عادة.
وأيضًا: لو كان قطعيًا لم يجز لصحابي آخر مخالفته، لكن مخالفته جائزة اتفاقًا.
قال: (مسألة: الجمهور: أن العادة في تناول بعض خاص ليس
بمخصص، خلافًا للحنفية، مثل: حرمت الربا في الطعام، وعادتهم تناول البر.
لنا: أن اللفظ عام لغة وعرفًا، ولا مخصص.
قالوا: يخص به، كتخصيص الدابة بالعرف، والنقد بالغالب.
قلنا: إن غلب الاسم عليه كالدابة اختص به، بخلاف غلبة تناوله والفرض فيه.
قالوا: لو قال: «اشتر لحمًا» وعادتهم تناول الضأن، لم يفهم سواه.
قلنا: تلك قرينة في المطلق، والكلام في العموم).
أقول: المعروف من مذهب مالك، أن العادة مخصصة للعموم، وبه قال أبو حنيفة، وذهب بعض أصحابنا، وجمهور الشافعية إلى أنها غير مخصصة، وهذا إذا كان عادة المخاطبين تناول طعام خاص، فورد خطاب عام بتحريم الطعام، كقوله:«حرمت عليكم الطعام» والفرض أنه عادتهم زمن الخطاب تناول البُر، فهل يعم جميع الطعام أو يخص البر؟ . فيه خلاف. والعجب من المصنف كيف غفل عما ذكر في كتابه في الفقه في باب الوكالة، حيث قال:«وكذلك المخصص بالعرف» ، وفي كتاب العارية من المدونة في الذي يسأل رجلًا يسرج له دابة ليركبها في حاجة، فيقول له
ربها: «اركبها حيث شئت» ، فهذا يعلم أنه لم يسرجها إلى الشام ولا إلى إفريقية.
احتج: بأن اللفظ عام لغة، ولم يطرأ عليه عرف نقله، إذ الفرض أن المعتاد أكلهم البر، والطعام باق على عمومه، فيجب العمل بالمقتضي السالم عن المعارض.
قلت: الحق أنه ظاهر في إرادة المجاز العرفي.
احتج القائل بأنها تخصيص بوجهين:
الأول: قالوا: يخص بها، كتخصيص الدابة بذوات الأربع، وهو كونه في اللغة لكل ما دبّ، وكما يخص بها النقد بالغالب بعد كونه في اللغة لكل نقد.
الجواب: أن ذلك لتخصيص بذلك المسمى عرفًا، بخلاف ما نحن فيه، فإن العادة في تناوله لا في غلبة الاسم عليه، ولو فرضنا غلبة الاسم لاختص به كما في الدابة، وكان المخصص غلبة الاسم لا غلبة العادة، والفرض إنما وقع في غلبة العادة فقط.
فقلت: يلزم من غلبة التناول غلبة الاسم، فيرجع إلى خلاف في حال.
قالوا أيضًا: لو قال: «اشتر لحمًا» والمعتاد في البدو تناول لحم الضأن، لم يفهم سواه، فعلم أن غلبة التناول يستلزم غلبة الاسم.
الجواب: أن ذلك غير محل النزاع، لأن «لحمًا» مطلق نزل على قيد بقرينة، فليس فيه ترك المطلق / وإنما الكلام في العموم هل يحمل على الخصوص فيترك به الظاهر، وأين أحدهما من الآخر؟ .