الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقيدًا من وجه.
وبين تعريفي المقيد عموم من وجه، لصدق الأول على زيد دون الثاني وصدق الثاني في رقبة مؤمنة دون الأول، وصدقهما معًا في عبدي، وكذا بين تعريف المطلق والمقيد بالتفسير الثاني، لصدق المطلق في رقبة وصدق المقيد في عبدي، وصدقهما في رقبة مؤمنة، وفيه نظر.
ثم جميع ما ذكر من مخصصات العموم المتفق عليها والمختلف فيها والمزيف والمختار، جار في تقييد المطلق به، وزيد في المطلق مسألة واحدة، وهي مسألة حمل المطلق على المقيد، على أنها مذكورة، ثم فيما إذا وافق الخاص حكم العام، لكن لم يقل هناك بحمل العام على الخاص إلا شذوذًا، بخلاف هذا، فلذلك لم يستغن عنها بتلك.
(قال: ويزيد
مسألة: إذا ورد مطلق ومقيد
، فإن اختلف حكمهما، مثل:«اكس وأطعم» ، فلا يحمل أحدهما على الآخر بوجه اتفاقًا، ومثل:«إن ظاهرت فأعتق رقبة» ، مع:«لا تملك رقبة كافرة» ، واضح.
فإن لم يختلف حكمهما، فإن اتحد موجبهما مثبتين، حمل المطلق على المقيد لا العكس، بيانًا لا نسخًا.
وقيل: نسخ إن تأخر المقيد.
لنا: أنه جمع بينهما؛ لأن العمل بالمقيد عمل بالمطلق.
وأيضًا: يخرج بيقين وليس بنسخ؛ لأنه لو كان التقييد نسخًا لكان
التخصيص نسخًا.
وأيضًا: لكان تأخير المطلق نسخًا.
قالوا: لو كان تقييدًا لوجب دلالة رقبة على مؤمنة مجازًا.
وأجيب: بأنه لازم لهم إذا تقدم المقيد، وفي التقييد بالسلامة.
والتحقيق: أن المعنى: رقبة من الرقاب، فيرجع إلى ضرب من التخصيص يسمى تقييدًا.
وإن كان منفيين، عمل بهما، مثل:«لا تعتق مكاتبًا» ، «لا تعتق مكاتبًا كافرًا» .
فإن اختلف موجبهما كالظهار والقتل، فعن الشافعي: حمل المطلق على المقيد.
فقيل: بجامع - وهو المختار - فيصير كالتخصيص بالقياس على محل التخصيص.
وشدّ عنه بغير جامع.
وأبو حنيفة: لا يحمل).
أقول: إذا ورد مطلق ومقيد، فإن اختلف حكمهما، نحو:«اكس تميميًا عالمًا» ، «أطعم تميميًا عالمًا» فلا يحمل أحدهما على الآخر بوجه اتفاقًا، كانا مأمورًا بهما أو منهيًا عنهما / أو مختلفين، وسواء اتحد موجبهما أو اختلف، إلا في مثل:«إن ظاهرت فأعتق رقبة» ، مع:«لا تملك رقبة كافرة» فإن المطلق يقيد بالإيمان، وإن كان الظهار والملك حكمين مختلفين، لكن
لتوقف الإعتاق على الملك، وإلا لم يجمع الإتيان بالمأمور به والاجتناب عن المنهي عنه.
أما لو لم يختلف حكمهما، فإما أن يتحد موجبهما أو يختلف، فإن اتحد فإما أن يكونا منفيين أو مثبتين.
الأول: أن يتحد موجبهما مثبتين، مثل:«إن ظاهرت فأعتق رقبة» ، «إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة» ، فقال الآمدي:«لا خلاف أنه يحمل المطلق على المقيد» ، وحكى المصنف فيه خلافًا، اختار أنه يحمل المطلق على المقيد، [ويكون المقيد بيانًا للمطلق لاستحسانه، سواء تقدم أو تأخر.
القول الثاني: أنه إن تأخر المقيد كان نسخًا للمطلق.
لنا: أن حمل المطلق على المقيد] جمع بينهما؛ لأن العمل بالمقيد يلزم منه العمل بالمطلق، والعمل بالمطلق لا يلزم منه العمل بالمقيد، إذ قد يحصل في ضمن مقيد آخر.
وأيضًا: يخرج بالعمل بالمقيد عن العهدة، سواء كان مكلفًا بالمطلق أو بالمقيد، بخلاف العمل بالمطلق؛ إذ قد يكون مكلفًا بالمقيد، فإذا لم يأت به لا يخرج عن العهدة.
وإما أنه بيان لا نسخ، فلأنه لو كان التقييد نسخًا لكان التخصيص نسخًا بطريق الأخرى؛ لأن دلالة المطلق على المقيد دلالة الجزء على الكل،
ودلالة العام على الخاص دلالة الكل على الجزء، فإن كان رفع الأضعف نسخًا، فأحرى رفع الأقوى، أو تقول: هو نوع من المجاز مثله، وليس التخصيص بنسخ بما سلمتم.
وأيضًا: لو كان نسخًا للمطلق، لكان تأخير المطلق نسخًا للمقيد؛ لأن التنافي إنما يتصور من الطرفين، وهو الموجب لذلك، وأنتم لا تقولون به.
وقد يفرق بينهما بأن التقييد حكم شرعي لم يكن ثابتًا قبل، أما التخصيص فهو دفع لبعض الحكم الأول، وتأخير المقيد رفع لإطلاقه بإيجاب المقيد، وتأخير المطلق ليس فيه إلا عدم التعرض للقيد.
احتج القائلون بأن تأخير المقيد نسخ، قال: لو كان بيانًا لكان المراد بالمطلق هو المقيد، فيجب أن يكون مجازًا فيه، وهو فرع الدلالة وأنها منتفية إذ المطلق لا دلالة له على مقيد خاص.
والجواب: أنه لازم لهم إذا تقدم المقيد، فإنهم يقولون: المراد بالمطلق المقيد فيجب دلالته عليه مجازًا، وأيضًا: لازم لهم في تقييد الرقبة بالسالمة مجازًا، فما هو جوابكم في الصورتين، فهو جوابنا.
ثم أفاد أن الحق أن «رقبة» معناه: أي رقبة كانت من الرقاب، فيصير عامًا إلا أنه على البدل، ويصير تقييده بالمؤمنة أو السالمة تخصيصًا وإخراجًا لبعض المسميات / عن أن يصلح على طريق البدل، فالتقييد يرجع إلى نوع من التخصيص يسمى تقييدًا اصطلاحًا، ولا شك أنه مجاز، وكما يقدم الخاص بيانًا للعام، كذلك يقدم المقيد بيانًا للمطلق.
أما لو اتحد موجبهما منفيين، فإنه يعمل بهما، كما لو قال في الظهار:«لا تعتق مكاتبًا» ، «لا تعتق مكاتبًا كافرًا» ، فلا يجزئ إعتاق المكاتب أصلًا، وهذا المثال من تخصيص العام، لا من تقييد المطلق، ولا يتصور مطلق في طريق النفي، بل يصير عامًا.
أما إن اختلف موجبهما، كالظهار والقتل، قال تعالى - في الظهار -:{فتحرير رقبة} ، وقال - في القتل -:{فتحرير رقبة مؤمنة} .
فقال الشافعي، وبعض أصحابنا: يحمل المطلق على المقيد.
وقال أكثر أصحابنا، والحنفية: لا يحمل أحدهما على الآخر.
ثم اختلف أصحاب الشافعي في معنى قوله: يحمل عليه، فقال