الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المصنف في المنتهى: «ولا يكون مجازًا على المختار» .
وعلى قول الأكثرين يكون مجازًا، والمصنف وإن كان ك لامه أولًا يقتضي أن الاستثناء تخصيص، حيث قسم المخصص المتصل إلى خمسة أقسام لكن يحمل على أن ذلك على مذهب الأكثرين.
قال:
(مسألة: شرط الاستثناء الاتصال لفظًا
، أو ما في حكمه، كقطعه لتنفس أو سعال ونحوه.
وعن ابن عباس: يصح وإن طال شهرًا.
وقيل: يجوز بالنية كغيره، وحمل عليه مذهب ابن عباس لقربه.
وقيل: يصح في القرآن خاصة.
لنا: لو صح، لم يقل عليه السلام:«فليكفر عن يمينه» معنيًا؛ لأن الاستثناء أسهل، وكذلك جميع الإقرارات، والطلاق، والعتق.
وأيضًا: فإنه يؤدي إلى أن لا يعلم صدق ولا كذب.
قالوا: قال: «والله لأغزون قريش» ثم سكت، وقال بعد:«إن شاء الله» .
قلنا: يحمل على السكوت العارض، لما تقدم.
قالوا: سأله اليهود عن لبث أهل الكهف، فقال:«غدًا أجيبكم» ، فتأخر الوحي بضعة عشر يومًا، ثم نزل {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله} ، فقال:«إن شاء الله» .
قلنا: يحمل على «أفعل إن شاء الله» ، وقول ابن عباس مؤول بما
تقدم، أو بمعنى المأمور به).
أقول: اشترطوا في الاستثناء اتصاله بالمستثنى منه لفظًا، أو ما هو في حكم الاتصال، فلا يضر قطعه بتنفس أو سعال ونحوهما، مما لا يعد انفصالًا عرفًا، وروي عن ابن عباس: يصح الاستثناء وإن طال الزمان شهرًا.
وقيل: لا يجب الاتصال لفظًا، بل يكفي الاتصال بالنية ويمين الحالف.
قال المصنف: كما في التخصيص بغير استثناء، وهذا أحد الأقوال عندنا.
قال ابن يونس: وقد اختلف في «إلا» خاصة، فقيل: تجزئه بها النية، كما تجزي في محاشاته امرأته إذا قال:«الحلال عليّ حرام» ونوى إلا امرأتي.
قال المصنف: وحمل مذهب ابن عباس على هذا القول، لقربه من الصواب، وليس ببعيد من كلام ابن عباس.
وقيل: يصح الانفصال في كتاب الله تعالى فقط، بناء على أنه شيء واحد، ولا معنى لهذا القول.
احتج الجمهور بوجوه:
الأول: لو صح انفصال الاستثناء، لما قال عليه السلام:«من حلف على يمين فرأى خبرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير» ، أخرجه مسلم.
بيان اللزوم: أنه أوجب الكفارة عينًا، فلو كان الاستثناء المنفصل جائزًا لما عين الكفارة طريقًا للخلاص عن اليمين، بل كان يرشد إلى الاستثناء، لأن الإرشاد إلى طريق أسهل أولى، ولا أقل من أن يخيره في الاستثناء وفي الكفارة، وكذلك جميع الإقرارات، والطلاق، والعتق، كان ينبغي أن يستثنى منها، نفيًا لأحكامها بأسهل الطرق.
وهو باطل؛ لأنه لو قال: «لفلان عليّ عشرة» ، وقال بعد شهر:«إلا ثلاثة» ، حكم عليه بعشرة، وعُدّ لاغيًا اتفاقًا.
قيل في تقريره: لو جاز الاستثناء بعد زمان لما ثبت إقرار ولا طلاق ولا عتق، لعدم الجزم بثبوت شيء منها لجواز الاستثناء، وهو بعيد من كلام المصنف، مع أن الدليل الثالث يفيد هذا المعنى.
وأيضًا: يؤدي إلى ألا يعلم صدق ولا كذب؛ لجواز استثناء يرد عليه فيصرفه عن ظاهره إلى ما يصيره صادقًا، وإن كان ظاهره كاذبًا.
قيل على الأول: جاز أن يكون عدم الإرشاد لعلم النبي عليه السلام بعلم الأمة به، لأنه لغوي، فعرفهم الشرعي فقط؛ لأنه بعث لتعريف الأحكام لا لتعريف / اللغة.
قلت: وفيه نظر؛ لأنه لو كان كذلك، لم يكن مطلوبًا، وظاهر الحديث أنه مطلوب، لتوقف الإتيان بالخبر عليه.
قلت: ولا يصح العموم في الثالث، إذ من الكلام ما لا يقبل الاستثناء، أو يعلم بأن يخبر أنه لا استثناء بعد كلامه هذا.
احتج الآخرون بوجوه:
الأول: قوله عليه السلام: «والله لأغزون قريشًا» ثم سكت، ثم قال:«إن شاء الله» ، أخرجه أبو داود، ولولا صحة الاستثناء بعد زمان، لم يأت به.
الجواب: أنه يحمل على السكوت العارض من تنفس أو سعال، جمعًا بينه وبين أدلتنا.
قلت: الأولى في الجواب: أنه قاله للتبرك لا لحل اليمين؛ لأن في الحديث: حلف واستثنى، وحلف واستثنى، وحلف وسكت ثم قال، ولو
كان لسعال لما قال: وسكت، ولو كان لتنفس لما أتى بثم.
لا يقال: هذا شرط والكلام في الاستثناء، إذ لا فرق؛ ولذلك سمى العلماء ذلك بالاستثناء بالمشيئة.
قالوا: سأله اليهود عن مدة لبث أهل الكهف، فقال:«غدًا أجيبكم» ، فتأخر الوحي بضعة عشر يومًا، ثم نزل {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله} ، فقال:«إن شاء الله» ، أخرجه ابن إسحاق في السيرة، ولا كلام يعود إليه الاستثناء إلا قوله عليه السلام:«غدا أجيبكم» .
الجواب: لا نسلم عوده إلى «غدًا أجيبكم» ؛ لجواز أن يكون المراد: أفعل إن شاء الله، أي أعلق كلما أذكر أني فاعل غدًا بمشيئة الله، أو راجع إلى قوله:{واذكر ربك إذا نسيت} ، فقال:«إن شاء الله» ، أي أذكر إن شاء الله.
قالوا ثالثًا: قال به ابن عباس وهو عربي عالم، فيتبع.
الجواب أولًا: أنه محجوج بما سبق، أو قوله مؤول بما تقدم، أي إذا نواه، أو يكون المراد الاستثناء المأمور به في قوله تعالى:{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله} ، أي إذا أخره إلى شهر من قوله:{إني فاعل ذلك غدًا} بحيث لم يقله معه، ثم ذكر ذلك بعد شهر، كان ممتثلًا لذلك الأمر.