الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن عباس: (الغاشية من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده) . {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} ، قال قتادة: ذليلة، {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ} ، قال الحسن: لم تعمل لله في الدنيا فأعملها في النار، {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} ، قال: أنى طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا. {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ} ، قال ابن عباس: الضريع: الشبرق. قال عكرمة: هي شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض، فإذا كان الربيع سمتها قريش الشبرق، فإذا هاج العود سمتها الضريع {لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ} .
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} أي: يعرف النعيم فيها {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} قال سفيان: قد رضيت بعملها {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} قال ابن عباس: يقول لا تسمع أذى ولا باطلاً {فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ} . أي: سارحة. قال ابن كثير: وهذه نكرة في سياق الإثبات وليس المراد بها عينًا واحدة، وإنما هذا جنس، يعني: فيها عيون جاريات {فِيهَا
سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ} ، قال ابن عباس: ألواحها من ذهب، مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة ما لم يجيء أهلها، فإذا أراد أن
يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها ثم ترتفع إلى موضعها؛ {وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ} عندهم {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ} قال قتادة: والنمارق الوسائد {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} قال ابن عباس: الزرابي: البسط. قال البغوي: يعني: البسط العريضة. قال ابن عباس: هي الطنافس التي لها خمل، واحدتها: زربية، {مَبْثُوثَةٌ} مبسوطة. انتهى.
قلت: وهي الزوالي بلسان بعض أهل الوقت.
قال البغوي: قال أهل التفسير: لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة، عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه، فذكر لهم الله تعالى صنعه فقال:{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} . وكانت الإبل أعظم عيش العرب لهم فيها منافع كثيرة، فلما صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع، وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات، فقال مقاتل: لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها، ولم يشاهد الفيل إلا الشاذ منهم. وقال الكلبي: لأنها تنهض بحملها وهي
باركة. وقال قتادة: ذكر الله ارتفاع سرر الجنة وفرشها فقالوا: كيف نصعدها؟ فأنزل الله هذه الآية. وسئل الحسن عن هذه الآية، وقيل له: الفيل أعظم في الأعجوبة، فقال: أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها، ثم هو خنزير لا يركب ظهرها ولا يؤكل لحمها، ولا يحلب درها، والإبل من أعز مال العرب وأنفسها، تأكل النوى والقت، وتخرج اللبن، وهو مع عظمها تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء. وكان شريح القاضي
يقول: اخرجوا بنا إلى كناسة حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت.
وقوله تعالى: {وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ} أي: عن الأرض حتى لا ينالها شيء يغيرها، كما قال تعالى:{أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} ؟ وعن قتادة: {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} تصاعد إلى الجبل الصخر عامة يومك فإذا أفضيت إلى أعلاه أفضيت إلى عيون متفجرة وثمار متهدلة ثم لم تحرثه الأيدي ولم تعمله نعمة من الله وبلغة إلى أجل، {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} ، أي: بسطت، يقول: أليس الذي خلق هذا بقادر على أن يخلق ما أراد في الجنة؟
{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} قال ابن كثير: أي: فذكر يا محمد الناس بما أرسلت به إليهم، فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب. ولهذا قال:{لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} قال ابن عباس: يقول: لست عليهم بجبار.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، - ثم قرأ -: {إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطرٍ} » . رواه ابن جرير وغيره.
وعن مجاهد: قوله: {إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ} ، قال: حسابه على الله {فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} ، قال ابن جرير: وهو عذاب جهنم. وعن قتادة: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ، يقول: إن إلى الله الإياب وعليه الحساب.
* * *