المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الدرس السابع والستون بعد المائتين ‌ ‌[سورة ق] مكية، وهي خمس وأربعون آية قال - توفيق الرحمن في دروس القرآن - جـ ٤

[فيصل آل مبارك]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس الخمسون بعد المائتين

- ‌[سورة الشورى]

- ‌الدرس الحادي والخمسون بعد المائتين

- ‌الدرس الثاني والخمسون بعد المائتين

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌الدرس الثالث والخمسون بعد المائتين

- ‌الدرس الرابع والخمسون بعد المائتين

- ‌الدرس الخامس والخمسون بعد المائتين

- ‌[سورة الدخان]

- ‌الدرس السادس والخمسون بعد المائتين

- ‌الدرس السابع والخمسون بعد المائتين

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌الدرس الثامن والخمسون بعد المائتين

- ‌الدرس التاسع والخمسون بعد المائتين

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌الدرس الستون بعد المائتين

- ‌الدرس الحادي والستون بعد المائتين

- ‌[سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس الثاني والستون بعد المائتين

- ‌الدرس الثالث والستون بعد المائتين

- ‌[سورة الفتح]

- ‌الدرس الرابع والستون بعد المائتين

- ‌الدرس الخامس والستون بعد المائتين

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌الدرس السادس والستون بعد المائتين

- ‌الدرس السابع والستون بعد المائتين

- ‌[سورة ق]

- ‌الدرس الثامن والستون بعد المائتين

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌الدرس التاسع والستون بعد المائتين

- ‌[سورة الطور]

- ‌الدرس السبعون بعد المائتين

- ‌[سورة النجم]

- ‌الدرس الحادي والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة القمر]

- ‌الدرس الثاني والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌الدرس الثالث والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌الدرس الرابع والسبعون بعد المائتين

- ‌الدرس الخامس والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة الحديد]

- ‌الدرس السادس والسبعون بعد المائتين

- ‌الدرس السابع والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌الدرس الثامن والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة الحشر]

- ‌الدرس التاسع والسبعون بعد المائتين

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌الدرس الثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة الصف]

- ‌الدرس الحادي والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌الدرس الثاني والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة المنافقون]

- ‌الدرس الثالث والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌الدرس الرابع والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌الدرس الخامس والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة التحريم]

- ‌الدرس السادس والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة الملك]

- ‌الدرس السابع والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة نون]

- ‌الدرس الثامن والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌الدرس التاسع والثمانون بعد المائتين

- ‌[سورة المعارج]

- ‌الدرس التسعون بعد المائتين

- ‌[سورة نوح]

- ‌الدرس الحادي والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة الجن]

- ‌الدرس الثاني والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة المزمل]

- ‌الدرس الثالث والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة المدثر]

- ‌الدرس الرابع والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة القيامة]

- ‌الدرس الخامس والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌الدرس السادس والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة الْمُرْسَلَاتِ]

- ‌الدرس السابع والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة النبأ]

- ‌الدرس الثامن والتسعون بعد المائتين

- ‌[سورة النازعات]

- ‌الدرس التاسع والتسعين بعد المائتين

- ‌[سورة عبس]

- ‌الدرس الثلاثمائة

- ‌[سورة التكوير]

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌الدرس الواحد بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة المطففين]

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌الدرس الثاني بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة البروج]

- ‌[سورة الطارق]

- ‌الدرس الثالث بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌الدرس الرابع بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الفجر]

- ‌[سورة البلد]

- ‌الدرس الخامس بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الشمس]

- ‌[سورة الليل]

- ‌الدرس السادس بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الضحى]

- ‌[سورة الشرح]

- ‌[سورة التين]

- ‌الدرس السابع بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة العلق]

- ‌[سورة القدر]

- ‌الدرس الثامن بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة البينة]

- ‌[سورة الزلزلة]

- ‌الدرس التاسع بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة العاديات]

- ‌[سورة القارعة]

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌[سورة العصر]

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌الدرس العاشر بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌[سورة قريش]

- ‌الدرس الحادي عشر بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الماعون]

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌[سورة النصر]

- ‌[سورة المسد]

- ‌الدرس الثاني عشر بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌الدرس الثالث عشر بعد الثلاثمائة

- ‌[سورة الفلق]

- ‌[سورة الناس]

الفصل: ‌ ‌الدرس السابع والستون بعد المائتين ‌ ‌[سورة ق] مكية، وهي خمس وأربعون آية قال

‌الدرس السابع والستون بعد المائتين

[سورة ق]

مكية، وهي خمس وأربعون آية

قال ابن كثير: هذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح وروى أبو داود وغيره عن أوس الثقفي قال: (سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن؟ فقالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده) . وروى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في العيد بـ (ق) و (اقتربت)، وكان يخطب (بقاف) كل جمعة) . قال ابن كثير: والقصد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع مع الكبار كالعيد والجمع، لاشتمالها على ابتداء الخلق، والبعث والنشور، والمعاد والقيام، والحساب والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب. والله أعلم.

ص: 139

بسم الله الرحمن الرحيم

{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ

جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ

ص: 140

الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ

مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45) } .

* * *

ص: 141

قوله عز وجل: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) } .

عن سعيد بن جبير: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ، يقول: والقرآن الكريم، {بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ} ، قال البغوي: يعرفون نسبه وصدقه وأمانته، {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} غريب، {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} ، قال الضحاك: قالوا: كيف يحيينا الله وقد صرنا عظامًا ورفاتًا وضللنا في الأرض؟ وعن ابن عباس قوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ} ، يقول: ما تأكل الأرض من لحومهم وأبصارهم وعظامهم وأشعارهم، {وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} قال البغوي: وهو اللوح المحفوظ. وقال ابن كثير: {وَعِندَنَا كِتَابٌ

حَفِيظٌ} وحافظ لذلك، فالعلم

ص: 142

شامل والكتاب أيضًا فيه كل الأشياء مضبوطة. وعن قتادة: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ} ، أي: كذبوا بالقرآن، {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ} ، يقول: فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس، لا يعرفون حقه من باطله، {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} ، أي: ليس فيها شقوق، كقوله تعالى:{فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ} . {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي: بسطناها {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} قال قتادة: والرواسي الجبال {وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: من كل نوع حسن.

وعن قتادة: قوله: {تَبْصِرَةً} نعمة من الله يبصرها العباد،

{وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} ، أي: مقبل إلى الله بقلبه، {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ} بساتين، {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} قال ابن جرير: من البر والشعير وسائر أنواع الحبوب. وعن ابن عباس قوله: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} ، قال: النخل الطوال {لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ} يقول: بعض على بعض، {رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} أي: كما أحيينا الأرض بعد موتها كذلك نحيي الموتى بعد ذهابهم {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} قال البغوي: وجب لهم عذابي. ثم أنزل جوابًا لقولهم: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} ، {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} يعني: أعجزنا حين خلقناهم

أولاً فنعيا بالإعادة؟ وهذا تقريع لهم لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ} ، أي: في شك {مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} وهو البعث بعد الموت. قال قتادة: فصار الناس فيه رجلين: مكذب ومصدق.

ص: 143

قوله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن

مَّحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) } .

قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} ما تحدث به نفسه، فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ، قال مجاهد: هو الذي يكون في الحلق. قال البغوي: لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضًا، ولا يحجب علم الله شيء. {إِذْ يَتَلَقَّى

ص: 144

الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} ، قال مجاهد: رصيد، عن اليمين الذي يكتب الحسنات، وعن الشمال الذي يكتب السئات. قال سفيان: بلغني أن كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات، فإذا أذنب قال له: لا تعجل لعله يستغفر.

وقال ابن زيد في قوله: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ، قال: جعل معه من يكتب كل ما لفظ به، وهو معه رقيب. قال البغوي: رقيب: حافظ. عتيد: حاضر أينما كان. وعن أبي وائل قال: لما كان أبو بكر رضي الله عنه يقضي قالت عائشة رضي الله عنها: هذا كما قال الشاعر: إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر. وقال أبو بكر رضي الله عنه: لا تقولي ذلك، ولكنه كما قال عز وجل:{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} . وعن عثمان رضي الله عنه أنه خطب فقرأ هذه الآية: {وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} ، قال: سائق يسوقها إلى الله، وشاهد يشهد عليها بما

عملت. وعن قتادة: قوله: {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} ، قال: عاين الآخرة {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} ، قال ابن كثير: أي: قوي، قال الله تعالى:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} ، وقال ابن زيد في قوله:

ص: 145

{وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} إلى آخر الآية، قال: هذا سائقه الذي وكل به.

وقال ابن كثير: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} ، أي: معد محضر بلا زيادة ولا نقصان. واختار ابن جرير أن يعم السائق والشهيد. قال مجاهد يقول: هذا الذي وكلتني به من ابن آدم حاضر عندي، وقد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله.

وقوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} ، قال الزجاج: هذا أمر للسائق والشهيد. وعن ابن عباس: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} ، قال: قرينه: شيطانه. قال ابن زيد: تبرأ منه. وعن ابن عباس في قوله: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} ، قال: إنهم اعتذروا بغير عذر، فأبطل الله حجتهم ورد عليهم قولهم. وقال أبو عمران في قول الله:{وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ} ، قال: بالقرآن. وعن مجاهد قوله: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} قد قضيت ما أنا قاض، {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} . وعن ابن عباس قوله:{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} ؟ قال ابن عباس: إن الله الملك تبارك وتعالى قد سبقت كلمته: {لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فلما بعث الناس وأحضروا، وسيق أعداء الله إلى النار زمرًا، جعلوا يقتحمون في جهنم فوجًا فوجًا، لا يلقى

في جهنم شيء إلا ذهب فيها، ولا يملأها شيء، قالت: ألست قد أقسمت لتملأني من الجنة والناس أجمعين؟ فوضع قدمه، فقالت حين وضع قدمه فيها: قد قد فإني قد امتلأت فليس لي مزيد؛ ولم يكن يملأها شيء حتى وجدت مس ما وضع عليها، فتضايقت حين جعل عليها ما جعل فامتلأت، فما فيها موضع إبرة. وعن قتادة: قوله: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} يقول: وأدنيت {غَيْرَ بَعِيدٍ} ، {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} قال قتادة: أي: مطيع لله كثير الصلاة {حَفِيظٍ} لما استودعه الله من حقه ونعمته. وقال ابن زيد: الأواب: التواب الذي يؤوب إلى طاعة الله ويرجع إليها؛ {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء

ص: 146

بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} قال قتادة: أي: منيب إلى ربه مقبل {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} قال: سلموا من عذاب الله وسلم عليهم. {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} خلدوا والله فلا يموتون، وأقاموا فلا يظعنون ونعموا فلا يبأسون؛ {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} ، قال أنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله الكريم.

وقوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ} ، قال مجاهد: عملوا. وعن قتادة: قوله: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ} ، قال: حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركًا. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} ، قال بعض المفسرين: وفي الآية ترتيب حسن، لأنه إن كان ذا

قلب ذكي يستخرج المعاني بتدبره وفكره فذاك، وإلا فلا بد أن يكون مستمعًا مصغيًا إلى كلام المنذر ليحصل له التذكر.

قوله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا

ص: 147

يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45) } .

عن قتادة: قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} الآية. أكذب الله اليهود والنصارى وأهل الفرى على الله، وذلك أنهم قالوا: أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السابع، وذلك عندهم يوم السبت وهم يسمونه يوم الراحة، قال: فأكذبهم الله وقال: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} ، قال مجاهد: نصب.

وقال ابن زيد: لم يمسنا في ذلك عناء، ذلك اللغوب {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} ، قال قتادة: صلاة الفجر، وصلاة العصر. وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «أما إنكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر لا تضامون

في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا؛ - ثم قرأ -:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} » . متفق عليه.

وقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} أي: صل له {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} قال ابن عباس: هو التسبيح بعد الصلاة. وعن قتادة:

{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} ، قال: كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض، قال بريدة: ملك ينادي يقول: يا أيها الناس هلموا إلى الحساب، قال فيقبلون كما قال الله:{كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} ، {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ} قال البغوي: وهي الصيحة الأخيرة، {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} من القبور {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ

ص: 148

أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} فيه تهديد للكفار وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. وعن قتادة: قوله: {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ} فإن الله عز وجل كره الجبرية ونهى عنها وقدم فيها. وعن ابن عباس قال قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} ، وكان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك، ويرجو موعودك يا بر يا رحيم.

* * *

ص: 149