الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الليل]
مكية، وهي إحدى وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
…
* * *
عن قتادة: قوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} ، قال: آيتان عظيمان يكورهما الله على الخلائق، {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} ، قال في بعض الحروف:(والذكر والأنثى) . وعن الحسن أنه كان يقرؤها: (وما خلق الذكر والأنثى)، يقول:
والذي خلق الذكر والأنثى. قال أبو عمرو: وأهل مكة يقولون للرب: سبحان ما سبحت له.
وعن قتادة: قوله: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} ، يقول: لمختلف؛ قال وقع القسم ها هنا: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى} حق الله واتقى محارم الله التي نهى عنها {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} أي: بالمجازاة على ذلك. وقال ابن عباس: {وَصَدَّقَ} بالخلف من الله. وقال مجاهد: بالجنة. {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} قال ابن عباس: يعني: للخير. قال ابن القيم: (فسرت الحسنى: بلا إله إلا الله، وبالجنة، وبالخلف، وهي ترجع إلى أفضل الأعمال وأفضل الجزاء، فرجع التصديق بالحسنى إلى التصديق بالإيمان وجزائه) . انتهى ملخصًا.
{وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} أي: بخل بماله، واستغنى عن ربه عز وجل، {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} أي: بالجزاء في الدار الآخرة {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} أي: لطريق الشر {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} قال قتادة: إذا تردى في النار. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة في بقيع الغرقد، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال:«ما منكم من واحد وما من نفس منفوسة، إلا كتب مكانها من الجنة والنار - أو - إلا قد كتبت شقية أو سعيدة» . فقال رجل: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى أهل الشقاء. فقال:«أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاء فييسرون إلى عمل أهل الشقاء - ثم قرأ -: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} » . رواه الجماعة. وفي
رواية: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» .
عن قتادة: قوله: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} ، يقول: على الله البيان: بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى * فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى} ، قال مجاهد: توهج، {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} ، قال ابن كثير: أي: لا يدخلها دخولاً يحيط به من جميع جوانبه {إِلَّا الْأَشْقَى} ثم فسره فقال: {الَّذِي كَذَّبَ} ، أي: بقلبه، {وَتَوَلَّى} ، أي: عن العمل بجوارحه وأركانه؛ {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} ، قال البغوي: يطلب أن يكون عند الله زاكيًا لا رياء ولا سمعة.
{وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى} يد يكافئه عليها، {إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} بما يعطيه الله عز وجل في الآخرة من الجنة والكرامة جزاء على ما فعل. قال ابن إسحاق: (كان بلال لبعض بني جمح، وكان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، فيقول وهو في ذلك البلاء: أحد أحد. قال: فمر به أبو بكر يومًا وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح، فقال لأمية: ألا تتقي الله تعالى في هذا المسكين؟ قال: أنت أفسدته فأنقذه مما
ترى. قال أبو بكر: أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى، على دينك أعطيكه. قال: قد فعلت: فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذه فأعتقه، ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر ست
رقاب، بلال سابعهم، فقال المشركون: ما فعل ذلك أبو بكر لبلال إلا ليدٍ كانت لبلال عنده، فأنزل الله:{وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} .
* * *