الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عبد الله بن الزبير أنه قال: {وَالْفَجْرِ} : قسم أقسم الله به. وقال عكرمة: الفجر فجر الصبح. {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} ، قال ابن عباس: هن الليالي الأول من ذي الحجة. قال مسروق: هي أفضل أيام السنة. وعن مجاهد: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} ، قال: كل خلق الله شفع: السماء والأرض والبر والبحر، والجن والإنس، والشمس والقمر، والله الوتر وحده. وعن قتادة: قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} إن من الصلاة شفعًا، وإن منها وترًا. وعن ابن عباس:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} ، يقول: إذا ذهب. {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} ، قال: لذي عقل، لذي نهى.
قال ابن جرير: وقوله: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} ، يقول تعالى ذكره: هل فيما أقسمت به من هذه الأمور مقنع لذي حجر. وإنما عنى بذلك: أن في هذا القرآن مكتفى لمن عقل عن ربه بما هو أغلظ منه في الأقسام. وقال ابن كثير: وقوله تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} أي: لذي عقل ولبّ ودين وحجى، وإنما سميّ العقل حجرًا
لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من
الأفعال والأقوال. انتهى. قال بعض الحكماء: العقل للقلب بمنزلة الروح للجسد.
وعن قتادة: قوله {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} قال: كنا نحدّث أن إرم قبيلة من عاد مملكة عاد. وقال ابن إسحاق: عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح. وعن قتادة: قوله: {ذَاتِ الْعِمَادِ} ، قال: كانوا أهل عمود لا يقيمون سيارة. وقال الكلبيّ: وكانوا أهل عمد وخيام، وماشية سيارة في الربيع، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا أهل جنان وزرع.
وعن قتادة: قوله: {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} ذكر أنهم كانوا اثنتي عشرة ذراعاً طولاً في السماء. وقال البغوي: أي: لم يخلق مثل تلك القبيلة في الطول والقوّة وهم الذين قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} وعن ابن عباس: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} ، يعني: ثمود قوم صالح كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً، وقال قتادة: نقبوا الصخر. وعن مجاهد: قوله: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} ، قال: كان يوتد الناس بالأوتاد، {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ} ، قال البغوي: يعني: عادًا، وثمود، وفرعون عملوا في الأرض بالمعاصي وتجبّروا، {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} ، قال مجاهد: ما عذّبوا به. {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} ، قال ابن عباس: يقول: يرى ويسمع.
قوله عز وجل: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي
أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً (20) } .
وعن قتادة: قوله: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} وحقّ له {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} ما أسرع كفر بني آدم! يقول الله جلّ ثناؤه: {كَلَّا} إني لا أكرم من أكرمت بكثرة الدنيا، ولا أهين من أهنت بقلّتها، ولكن إنما أكرم من أكرمت بطاعتي، وأهين من أهنت بمعصيتي.
{بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً} ، قال: الميراث، {أَكْلاً لَّمّاً} ، أي: شديداً. وقال بكر بن عبد الله: اللمّ الاعتداء في الميراث، يأكل ميراثه وميراث غيره. {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} ، قال قتادة: أي: حبًّا شديدًا.
قال ابن كثير: يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فقال تعالى:{كَلَّا} ، أي: حقاً، {إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً} ، قال ابن جرير: يعني: إذا رجت وزلزلت وحرّكت تحريكاً بعد تحريك، {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} ، يقول تعالى ذكره: وإذ جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفًا صفًّا بعد صفّ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد جنَّهمُ وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر
من أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزعوا منهم فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربنا، ليس فينا وهو آت؛ ثم تقاض السماء الثانية، ولأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بضعف جنهم وإنسهم.
فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربنا، ليس فينا وهو آت، ثم تقاض السموات سماء سماء، كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك حتى تقاض السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة أكثر من أهل ست سموات ومن جميع أهل الأرض بضعف
فيجيء الله فيهم والأمم جثيّ صفوف، وينادي مناد: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال.
قال: فيقومون فيسرحون إلى الجنة؛ ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون؟ فيسرحون إلى الجنة؛ ثم ينادي الثالثة: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار؟ فيقومون فيسرحون إلى الجنة.
فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق له عينان تبصران، ولسان فصيح فيقول: إني وكلت منكم بثلاثة: بكل جبار عنيد، فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثانية فيقول: إني وكلت منكم بمن آذى الله ورسوله، فيلتقطهم لقط الطير حب السمسم، فيحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثالثة - قال عوف: قال أبو المنهال: حسبت أنه يقول -: وكلت
بأصحاب التصاوير فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة، نشرت الصحف، ووضعت الموازين، ودعي الخلائق للحساب) . رواه ابن جرير.
وقال الضحاك ابن مزاحم: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا بأهلها ونزل من فيها من الملائكة وأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية
، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصفوا صفًا دون صف، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رأها أهل الأرض ندوا، فلا يأتون قطرًا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله:{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} ، وذلك قوله:{وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} . وعن ابن مسعود في قوله: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} ، قال:(جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يقودونها) .
{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} ، قال ابن عباس: يقول: وكيف له؟ وعن الحسن في قوله: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} ، قال: علم الله أنه صادق، هناك حياة طويلة لا موت فيها آخر ما عليه؛ {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} ، قال: قد علم الله أن في الدنيا عذابًا ووثاقًا فقال: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ} في الدنيا، {وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} في الدنيا.
وعن قتادة: قوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله، {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} ، قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب قال:
حدثنا ابن يمان عن أسامة بن زيد عن أبيه قال: (بشرت بالجنة عند الموت، ويوم الجمع، وعند البعث) . وعن
قتادة: قوله: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} ، قال: ادخلي في عبادي الصالحين {وَادْخُلِي جَنَّتِي} .
* * *