الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الطارق]
مكية، وهي سبع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
…
* * *
قال ابن كثير: يقسم تبارك وتعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة، ولهذا قال تعالى:{وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ} ثم قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} ثم فسره بقوله: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقًا لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار. {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} قال البغوي: ما كل نفس إلا عليها حافظ وهي لغة هذيل يجعلون {لَّمَّا} بمنزلة (إلا) يقولون: نشدتك الله لما قمت أي: إلا قمت. وعن قتادة: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك، إذا توفيته يا ابن آدم قبضت إلى ربك. وقال الكلبي: حافظ من الله يحفظها ويحفظ قولها وفعلها، حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير، ثم يخلي عنها.
{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ} ، قال البغوي: أي: فليتفكر من أيّ شيء خلقه ربه {خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ} مدفوق: أي: مصبوب في الرحم، وهو: المني. وقال ابن كثير: يخرج دفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله عز وجل؛
ولهذا قال: {يَخْرُجُ مِن بَيْنِ
الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} ، يعني: صلب الرجل، وترائب المرأة وهو صدرها. وقال قتادة: يخرج من بين صلب الرجل ونحره.
{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} ، قال: على بعثه وإعادته. {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} ، قال: إن هذه السرائر مختبرة، فأسروا خيرًا أو أعلنوه إن استطعتم ولا قوة إلا بالله، {فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} ، قال:{مِن قُوَّةٍ} يمتنع بها {وَلَا نَاصِرٍ} ينصره من الله.
عن قتادة: قوله: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ} قال: ترجع بأرزاق العباد كل عام، لولا ذلك هلكوا وهلكت مواشيهم. وقال الضحاك: يعني: المطر. {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} قال قتادة: تصدع عن الثمار وعن النبات كما رأيتم. {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} ، قال ابن عباس: يقول: حق.
{وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} قال مجاهد: باللعب، وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون فتن» ، قلنا: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله» . الحديث.
قال ابن كثير: ثم أخبر عن الكافرين بأنهم يكذبون به ويصدون عن سبيله فقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} ، أي: يمكرون بالناس في دعوتهم إلى خلاف القرآن،
{وَأَكِيدُ كَيْداً} ، قال البغوي: وكيد الله استدراجه إياهم من حيث لا يعلمون. قال ابن كثير: ثم قال تعالى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} أي: أَنْظِرْهُمْ ولا تستعجل لهم {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} أي: قليلاً. أي: وسترى ماذا حلّ بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك كما قال تعالى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} . وقال في جامع البيان: {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} إمهالاً يسيراً كرّر وخالف بين الفعلين لزيادة التسكين والتصبير، والحمد لله رب العالمين.
* * *