المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في زمان الغفلة - جمهرة مقالات محمود شاكر - جـ ٢

[محمود شاكر، أبو فهر]

فهرس الكتاب

- ‌الناسخون الماسخون

- ‌إكمال ثلاثة خروم من كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

- ‌من خط البغدادي *

- ‌مقاليد الكتب

- ‌أدب الجاحظ

- ‌الصاحب بن عباد

- ‌أبو نواس

- ‌ضحى الإسلام

- ‌الشريف الكتانى

- ‌نابغة بني شيبان

- ‌مقاليد الكتب

- ‌1 - كتاب "حافظ وشوقي

- ‌2 - كتاب الرثاء

- ‌3 - كتاب الخط الكوفي *

- ‌4 - صلاح الدين وشوقي *

- ‌5 - كتاب الشخصية *

- ‌6 - كتاب أمير الشعراء شوقي *

- ‌مقاليد الكتب

- ‌حاضر العالم الإسلامي

- ‌ذكرى الشاعرين

- ‌ماضي الحجاز وحاضره

- ‌الوحي المحمدي

- ‌مقاليد الكتب

- ‌1 - ملوك المسلمين المعاصرون ودولهم

- ‌2 - ابن عبد ربه وعقده

- ‌3 - رحلة إلى بلاد المجد المفقود

- ‌4 - تنبيهات اليازجي على محيط البستاني جمعها وحل رموزها

- ‌مقاليد الكتب

- ‌1 - أنتم الشعراء

- ‌2 - تاريخ مصر الإسلامية

- ‌3 - آلاء الرحمن في تفسير القرآن

- ‌مقاليد الكتب

- ‌1 - ابن خلدون: حياته وتراثه الفكرى

- ‌2 - قلب جزيرة العرب

- ‌الينبوع

- ‌النثر الفني في القرن الرابع

- ‌مقاليد الكتب

- ‌1 - ديوان عبد المطلب

- ‌2 - مرشد المتعلم

- ‌3 - مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام

- ‌ ملوك الطوائف، ونظرات في تاريخ الإسلام

- ‌الإسلام والحضارة العربية

- ‌وَحْيُ القلم

- ‌علم معاني أصوات الحروف سر من أسرار العربية نرجو أن نصل إلى حقيقته في السليقة العربية (1)

- ‌علم معاني أصوات الحروف سر من أسرار العربية نرجو أن نصل إلى حقيقته في السليقة العربية (2)

- ‌علم معاني أصوات الحروف سر من أسرار العربية نرجو أن نصل إلى حقيقته في السليقة العربية (3)

- ‌عبقرية عمر

- ‌شاعر الحب والفلوات ذو الرُّمَّة- 1

- ‌شاعر الحب والفلوات ذو الرُّمَّة- 2

- ‌شاعر الحب والفلوات ذو الرُّمَّة- 3

- ‌ جمعية الشبان المسلمين

- ‌ تاريخ اليوم الأول

- ‌ دعوة الشباب إلى الجمعية

- ‌ الاجتماع الأول

- ‌ الاجتماع الثاني والثالث

- ‌ انتخاب مجلس الإدارة

- ‌في حلبة الأدب

- ‌كتاب تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي

- ‌ عن كتاب تطور الأساليب النثرية" رد على مؤلفه

- ‌ترجمة القرآن وكتاب البخاري

- ‌ترجمة القرآن في صحيح البخاري

- ‌من أين؟ وإلى أين

- ‌لماذا، لماذا

- ‌تهيئة الشرق لوراثة الحضارات والمدنيات

- ‌شكر

- ‌أنا وحدى

- ‌الطريق إلى الأدب- 1

- ‌الطريق إلى الأدب- 2

- ‌فوضى الأدب وأدب الفوضى

- ‌الأدب والحرب

- ‌إلى على ماهر باشا

- ‌لا تبكوا. .! لا تنوحوا

- ‌تجديد التاريخ المصري ساعة واحدة

- ‌أحلام مبعثرة

- ‌أهوال النفس

- ‌وقاحة الأدب أدباء الطابور الخامس

- ‌قلوب جديدة

- ‌القلم المعطَّل

- ‌اللغة والمجتمع

- ‌أوطانَ

- ‌(حول قصيدة القوس العذراء)

- ‌صَدَى النقد طبقات فحول الشعراء رد على نقد

- ‌[الاستعمار البريطاني لمصر]

- ‌المتنبي

- ‌حديث رمضان. عبادة الأحرار

- ‌مع الشيطان الأخرس

- ‌ يحيى حقي صديق الحياة الذي افتقدته

- ‌لا تنسوا

- ‌عدوى وعدوكم واحد

- ‌أندية لا ناد واحد

- ‌لا تخدعونا

- ‌احذروا أعداءكم

- ‌في خدمة الاستعمار

- ‌حكم بلا بينة

- ‌تاريخ بلا إيمان

- ‌المسلمون

- ‌ لا تسبُوا أصحَابي

- ‌طلب الدراهم من الحجارة

- ‌ألسنَةُ المفترين

- ‌جرأة العلماء

- ‌أحمد محمد شاكر إمام المحدّثين

- ‌ قُرَىَ عَرَبِيَّةَ

- ‌كانت الجامعة. . . هي طه حسين

- ‌مواقف

- ‌في الطريق إلى حضارتنا

- ‌الأندلس تاريخ اسم وتطوره

- ‌المتنبي ليتني ما عرفته- 1

- ‌المتنبي ليتني ما عرفته- 2

- ‌القول في "تذوق الشعر

- ‌القول في "الشعر

- ‌القول في "التذوق

- ‌المتنبي ليتني ما عرفته- 3

- ‌تتمة القول في التذوق

- ‌قضية "التذوق" عندي

- ‌تاريخ "التذوق" عندي

- ‌من هؤلاء

- ‌قضية اللغة العربية

- ‌في زمان الغفلة

- ‌هؤلاء الخمسة

- ‌الفقيه الجليل ورموز التكنولوجيا

- ‌النكبات الثلاث

- ‌الجبرتى الكبير

- ‌الألفاظ المكشوفة في هذا الكتاب طبيعية وينبغي ألا يجهلها البشر

- ‌ذكريات مع محبى المخطوطات

- ‌[تعقيب]

- ‌كلام منقول بنصه

- ‌في الطبعة الجديدة "للمتنبى

- ‌ الجيل المفرغ

- ‌كتاب الشعر الجاهلي

- ‌هل يبقى الاتهام

- ‌تهمة أكبر

- ‌ليس شكا أزهريا

الفصل: ‌في زمان الغفلة

ومع أن هذا هو ما تجده مستكنا في صريح الدعوة إلى هذا المؤتمر وفي وصاياه، فإنه انعقد أياما ثم انفض، وتلقته بعض أجهزة الإعلام خبرا ضئيلا ينشر ثم يطوى، وكأنه كان لغوًا لا يحرك ساكنًا، ولا يثير أحدا، ولا ينذر بخطر، ولا يستحق أن ينال أسطرا قلائل من الآلاف المؤلفة من الأسطر التي تحوزها مشاكل الاقتصاد والإسكان والمرور، أو كرة القدم على الأقل. وهذا وحده نذير بشرّ لا يعلم إلَّا الله مداه.

أمر محزن أن تبلغ الاستهانة بشأن اللغة هذا المبلغ. موقف لا مثيل له في تاريخ أمم العالم، لأنه يخالف طبيعة الإنسان الذي ميزه الله من سائر خلقه باللغة والبيان، في قصة طويلة معقدة، منذ دب على الأرض أبونا آدم عليه السلام .. وتكاثر أبناؤه حتى عمروا وجه الأرض، واختلفت ألسنتهم وألوانهم، وصاروا شعوبا وقبائل وأممًا تتعارف وتتناكر على مر آلاف مؤلفة من السنين.

ضعف في اللغة يستشرى جيلا بعد جيل، واستهانة بما يصيب اللغة تتفاقم جيلا بعد جيل. موقف فريد مناقض للطبيعة، تقفه أمة العرب ومن ينتمون إليهم بالدين الواحد والحضارة الواحدة، أو باللسان الواحد والحضارة الواحدة وإن خالفوهم في الدين.

كيف تم هذا كله؟ لابد من تفسير لما حدث كيف حدث، وإلاّ فلا علاج لعلة لا يعرف الطيب أسبابها ولا نشأتها ولا تاريخها، وكفى بالطيب جهلًا أن يعالج أعراض الداء، والداء في مكمنه حي طليق مسيطر مستبد.

‌في زمان الغفلة

منذ أربعة قرون ماضية، كان العالم العربي والإِسلامى أرضا واحدة، تحيى حضارة واحدة، تمدها ثقافة واحدة، من أقصى المغرب إلى حدود الصين، ومن أطراف تركية دار الخلافة إلى أغوار أفريقية وآسية، أمة واحدة وارثة لأسلافها، ولكن الورثة كانوا في غفلة، استناموا إلى ميراثهم الجليل الضخم، فهمدوا همود الجمرة تحت الرماد.

وفي زمان غفلتهم واستنامتهم، دبت الحياة دبيبها في ناحية أخرى على

ص: 1198

أطراف دولتهم. حركة حياة لم يلقوا إليها بالا في أول الأمر، مع أن الله تعالى كان قد أنذرهم قبل ذلك بقليل، فسلَّط الهمج البرابرة على طرف من أطراف دولتهم في أرض الأندلس، بعد أن عمروها ثمانية قرون "93 - 897 هـ/ 712 - 1492 م" فأبادوا ملكهم، واستباحوا حضارتهم، ونهبوا ما في أيديهم من ثروة وعلم وبشر، ودمروا أكثر ما شيدوه من بنيان. عظة وعبرة، لم تجد مستمعا ولا مستجيبا.

والآن، وهم في غفلة واستنامة، كان قدر الله سبحانه يعد لهم بعد المغل "المغول" والتتر الذين انصبوا عليهم من الشمال الشرقي. مغل العصور الحديثة وتترها من الشمال الغربى ليرسلهم عليهم .. لن يكونوا مغلا جهلة كأهل الشمال الشرقي، بل مغلا مدربين قد استفاقوا من جهالة ظلوا غارقين في مستنقعها اثنى عشر قرنا، "هي القرون الوسطى، كما يسمونها". بعد أن أيقظتهم حضارة العالم العربي والإِسلامي، وأمدتهم بما يحييهم. وبعد أن وضع لهم نيكولو مكيافيلى "874 - 933 هـ / 1469 - 1527 م" دستورهم الأخلاقى السياسي. الذي لا تزال تسرى شروره في شرايين الحضارة الأوروبية الحديثة إلى هذا اليوم.

بدأ زحف المغل "المغول" المحدثين على دولة الخلافة الإِسلامية بحذر شديد، وبدأ تطويق العالم العربي الإِسلامى من سواحل البحار البعيدة في أفريقية وآسية والهند وجزيرة العرب. ثم بدأ التغلغل في حواشى الأرض اليابسة من أطراف العالم الإِسلامى. ومرت السنون، وشيئا فشيئا نفذت سطوة المغل المحدثين في كيان دولة الخلافة، وبدأت دولة الخلافة تفقد سلطانها على نفسها، وأحس العالم الإِسلامى بالنكبة إحساس التوجس المبهم، وخامر الآذان دوى خفي ينبعث من تقوض أركان دولة الخلافة، وخالط الفزع الغفوة، وبدأ التحدى الأكبر واضحًا في ناحية، مبهما في الناحية الأخرى.

لن أقص تفاصيل تاريخ غريب مخيف، ولكني أشير إلى جزء يسير من حركة أمة فزعت من خطر، فأخذت تمسح النوم عن عيونها بأيد فيها فتور النعاس

ص: 1199