المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كل عمل. وإنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء أحكام الله، - الأساس في التفسير - جـ ٥

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌ قسم المئين

- ‌[المجموعة الأولى من القسم المئين]

- ‌كلمة في قسم المئين:

- ‌سورة يونس

- ‌كلمة في سورة يونس ومحورها:

- ‌القسم الأول من سورة يونس

- ‌مقدمة السورة والمقطع الأول من القسم الأول

- ‌ملاحظة حول طريقتنا في تفسير ما سيأتي من القرآن:

- ‌كلمة بين يدي الآيات:

- ‌المعنى الحرفي لمقدمة السورة وللمقطع الأول من القسم الأول فيها:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الأولى

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ملاحظة:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثالثة

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الرابعة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌ المجموعة الخامسة

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة السادسة

- ‌فائدة:

- ‌ كلمة حول السياق

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌المجموعة الأولى

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌السؤال الأول وجوابه:

- ‌السؤال الثاني وجوابه:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌القسم الثاني من سورة يونس عليه السلام

- ‌المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌كلمة بين يدي هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في القصة القرآنية:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌القسم الثالث: وهو خاتمة السورة

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌ الفقرة الأولى

- ‌فوائد:

- ‌ الفقرة الثانية:

- ‌كلمة في سورة يونس:

- ‌سورة هود

- ‌ما ورد فيها:

- ‌كلمة في سورة هود ومحورها:

- ‌نقول عن السورة:

- ‌المقدمة والمقطع الأول:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني

- ‌المجموعة الأولى

- ‌المجموعة الثانية

- ‌المجموعة الثالثة

- ‌تفسير المجموعة الأولى

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌نقول من الظلال:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تفسير المجموعة الثانية

- ‌تفسير المجموعة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌نقل عن الظلال حول قصة صالح عليه السلام

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثالث

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ في الإصحاح الثامن عشر

- ‌وفي الإصحاح التاسع عشر:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الخامس

- ‌بين يدي هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المقطع السادس

- ‌بين يدي المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة أخيره في سورة هود:

- ‌سورة يوسف

- ‌نقل عن الألوسي في سورة يوسف عليه السلام:

- ‌كلمة في سورة يوسف ومحورها:

- ‌مقدمة سورة يوسف عليه السلام

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المشهد الأول

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المشهد الثاني

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المشهد الثالث من قصة يوسف عليه السلام

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ملاحظات:

- ‌ المشهد الرابع

- ‌التفسير:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌نقل عن الظلال:

- ‌المشهد الخامس

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌المشهد السادس

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌فوائد:

- ‌مختارات من تعليقات صاحب الظلال على قصة يوسف:

- ‌كلمة في السياق

- ‌خاتمة السورة

- ‌التفسير:

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول من الظلال:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سورة يوسف:

- ‌سورة الرعد

- ‌قال الألوسي في تقديمه لسورة الرعد:

- ‌كلمة في سورة الرعد ومحورها في السياق القرآني العام:

- ‌المقدمة:

- ‌[سورة الرعد (13): آية 1]

- ‌التفسير:

- ‌المقطع الأول

- ‌التفسير:

- ‌الموقف الأول:

- ‌الموقف الثاني:

- ‌الموقف الثالث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة الرعد

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفوائد:

- ‌المقطع الثالث والأخير من سورة الرعد

- ‌ملاحظة حول المضمون والسياق:

- ‌تفسير المقطع الثالث:

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في محل سورة الرعد:

- ‌سورة إبراهيم

- ‌قال الألوسي في تقديمه لسورة إبراهيم عليه السلام:

- ‌كلمة في سورة إبراهيم ومحورها:

- ‌المجموعة الأولى

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة الثانية

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌الإصحاح التاسع والعشرون

- ‌الإصحاح الثلاثون

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المجموعة الثالثة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌الفوائد:

- ‌المجموعة الرابعة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة الخامسة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة السادسة

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة السابعة

- ‌التفسير:

- ‌الفوائد:

- ‌المجموعة الثامنة

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌خاتمة السورة

- ‌[سورة إبراهيم (14): آية 52]

- ‌التفسير:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سورة إبراهيم:

- ‌كلمة في المجموعة الأولى من قسم المئين:

الفصل: كل عمل. وإنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء أحكام الله،

كل عمل. وإنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء أحكام الله، وإقامة الحق، وبسط العدل، والتمكن مما لأجله بعث الأنبياء إلى العباد، ولعلمه أن أحدا غيره لا يقوم مقامه في ذلك، فطلبه ابتغاء وجه الله، لا لحب الملك والدنيا. قال النسفي. (قالوا: وفيه دليل على أنه يجوز أن يتولى الإنسان عمالة من يد سلطان جائر، وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة الظلمة، وإذا علم النبي، أو العالم أنه لا سبيل إلى الحكم بأمر الله، ودفع الظلم إلا بتمكين الملك الكافر أو الفاسق فله أن يستظهر به، وقيل: كان الملك يصدر عن رأيه، ولا يعترض عليه في كل ما رأى، وكان في حكم التابع له).

وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ أي ومثل ذلك التمكين الظاهر مكنا ليوسف في الأرض. أرض مصر. والتمكين الإقدار وإعطاء المكنة يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ أي كل مكان أراد أن يتخذه منزلا لم يمنع منه لاستيلائه على جميعها، ودخولها تحت سلطانه نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا أي بعطائنا في الدنيا من الملك والغنى وغيرهما من النعم مَنْ نَشاءُ أي من اقتضت الحكمة أن نشاء له ذلك وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ كما لم نضع صبر يوسف على أذى إخوته، وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز، فلهذا أعقبه الله عز وجل النصر والتأييد في الدنيا

وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ يخبر تعالى أن ما ادخره لنبيه يوسف عليه السلام، ومن كان على قدمه من المؤمنين المتقين في الدار الآخرة أعظم وأكثر وأجل مما خوله من التصرف، والنفوذ في الدنيا.

‌فوائد:

1 -

هذا المشهد الذي مر معنا موجود في التوراة الحالية في الإصحاح الحادي والأربعين وليس في الإصحاح كثير من التفصيلات فليس فيه أن رئيس السقاة يقص على يوسف الرؤيا، ثم يرجع بذلك إلى الملك، وليس فيه طلب يوسف سؤال النسوة وما جرى فيه، وذلك غير مستغرب. لأن التوراة الحالية روايات مجموعة بعد زمن طويل من نزولها. ولعل من أعظم الأدلة على أن التوراة الحقيقية كانت ضائعة، هذا النص الموجود في سفر الملوك الثاني في الإصحاح الثاني والعشرين والإصحاح الثالث والعشرين وفيهما: (فقال حلقيا الكاهن العظيم لشافان الكاتب قد وجدت سفر الشريعة في بيت الرب. وسلم حلقيا السفر لشافان فقرأه .... فلما سمع الملك كلام سفر الشريعة مزق ثيابه

اذهبوا واسألوا الرب لأجلي ولأجل الشعب ولأجل كل يهوذا من جهة كلام

ص: 2667

هذا السفر الذي وجد لأنه عظيم هو غضب الرب الذي اشتعل علينا من أجل أن آباءنا لم يسمعوا لكلام هذا السفر ..... وقرأ في آذانهم كل كلام سفر الشريعة الذي وجد في بيت الرب .... ) فإذا كان سفر الشريعة قد عثر عليه في زمن الملك يوشيا الذي لم يكن بينه وبين سبي بابل إلا ملكان هما: يهوآحاز، ويهوياتيم فما بالك ببقية التوراة، وما بالك بما جرى لها بعد سبي بابل، فإذا عرفنا أن المعروف أن التوراة قد جمعت من الروايات الشفهية بعد غزو بابل، أدركنا ما طرأ عليها، وعرفنا نعمة الله الذي أنزل هذا القرآن، مستوعبا التوراة والإنجيل والزبور، وزائدا على الجميع، بمجموع ما فيه، ومن ثم نجد فيه مثل هذا الكمال. فهذا الفصل الذي رأيناه من قصة يوسف يستوعب ما ورد في الإصحاح الحادي والأربعين: ويزيد عليه بتفصيلات كثيرة هي من اللباب في باب الهداية. هذا مع الدقة والصدق والخلو من الحشو والخطأ والباطل، وتحريفات أقلام النساخ الكاذبة، ونلاحظ أن الإصحاح الحادي والأربعين في التوراة الحالية يقص قصة زواج يوسف عليه السلام من بنت كاهن أون، وليس في ذلك أي إشارة إلى أن زوجته هذه هي زوجة سيده، وإنما أشرنا إلى هذا المعنى لأن بعض المفسرين يستطردون في هذا المقام فينقلون نقولا إما أنها من روايات أهل الكتاب، أو من اختلاق القصاص، وليس عليها من دليل قائم من كتاب أو سنة أو حتى رواية توراة مختلطة، فإذا استقرت هذه المعاني أصبح بإمكاننا أن ننقل الإصحاح كله، ومن قراءته يدرك القارئ الفارق العظيم بين القرآن وغيره، ويرى مظهرا من مظاهر الإعجاز، ويعرف بذلك كيف أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عند بشر، ويعرف لم كانت سورة يوسف نموذجا على الإعجاز الذي ينفي الريب عما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو الإصحاح الحادي والأربعون:(وحدث من بعد سنتين (1) من الزمان أن فرعون رأى حلما. وإذا هو واقف عند النهر. وهو ذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم.

فارتعت في روضة. ثم هو ذا سبع بقرات أخرى طالعة وراءها من النهر قبيحة المنظر ورقيقة اللحم. فوقفت بجانب البقرات الأولى على شاطئ النهر فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة. واستيقظ فرعون ثم نام فحلم ثانية، وهو ذا سبع سنابل طالعة في ساق واحد سمينة وحسنة، ثم هو ذا سبع سنابل رقيقة وملفوفة بالريح الشرقية ثابتة، وراءها. فابتلعت السنابل الرقيقة السنابل

(1) أي بعد خروج الفتيين من السجن بسنتين.

ص: 2668

السبع السمينة الممتلئة، واستيقظ فرعون وإذا هو حلم. وكان في الصباح أن نفسه انزعجت فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها، وقص عليهم فرعون حلمه، فلم يكن من يعبره لفرعون: ثم كلم رئيس السقاة فرعون قائلا أنا أتذكر اليوم خطاياي. فرعون سخط على عبديه فجعلني في حبس بيت رئيس الشرط أنا ورئيس الخبازين، فحلمنا حلما في ليلة واحدة. أنا وهو حلمنا كل واحد بحسب تعبير حلمه.

وكان هناك معنا غلام عبراني عبد لرئيس الشرط فقصصنا عليه فعبر لنا حليمنا. عبر لكل واحد بحسب حلمه. وكما عبر لنا هكذا حدث. ردني أنا إلى مقامي، وأما هو فعلقه فأرسل فرعون ودعا يوسف فأسرعوا به من السجن، فحلق وأبدل ثيابه ودخل على فرعون فقال فرعون ليوسف حلمت حلما وليس من يعبره. وأنا سمعت عنك قولا إنك تسمع أحلاما لتعبرها فأجاب يوسف فرعون قائلا ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون.

فقال فرعون ليوسف إني كنت في حلمي واقفا على شاطئ النهر. وهو ذا سبع بقرات طالعة من النهر سمينة اللحم وحسنة الصورة فارتعت في روضة، ثم هو ذا سبع بقرات أخرى طالعة وراءها مهزولة وقبيحة الصورة جدا ورقيقة اللحم. لم انظر في كل أرض مصر مثلها في القباحة. فأكلت البقرات الرقيقة والقبيحة البقرات السبع الأولى السمينة. فدخلت أجوافها ولم يعلم أنها دخلت في أجوافها فكان منظرها قبيحا كما في الأول. واستيقظت ثم رأيت في حلمي، وهو ذا سبع سنابل طالعة في ساق واحد ممتلئة وحسنة ثم هو ذا سبع سنابل يابسة رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها فابتلعت السنابل الرقيقة السبع الحسنة فقلت للسحرة ولم يكن من يخبرني.

فقال يوسف لفرعون حلم فرعون واحد، قد أخبر الله فرعون بما هو صانع، البقرات السبع الحسنة، هي سبع سنين، والسنابل السبع الحسنة هي سبع سنين، هو حلم واحد، والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين، والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية تكون سبع سنين جوعا، هو الأمر الذي كلمت به فرعون. قد أظهر الله لفرعون ما هو صانع هو ذا سبع سنين قادمة شبعا عظيما في كل أرض مصر ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعا. فينسى كل الشبع في أرض مصر، ويتلف الجوع الأرض ولا يعرف الشبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده.

لأنه يكون شديدا جدا. وأما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين فلأن الأمر مقرر من قبل الله والله مسرع ليصنعه.

ص: 2669

فالآن لينظر فرعون رجلا بصيرا ويجعله على أرض مصر. يفعل فرعون فيوكل نظارا على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض مصر فى سبع سني الشبع، فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه.

فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر. فلا تنقرض الأرض بالجوع. فحسن الكلام في عيني فرعون. وفى عيون عبيده، فقال فرعون لعبيده هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله. ثم قال فرعون ليوسف بعد ما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك، أنت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي.

إلا أن الكرسي أكون فيه أعظم منك. ثم قال فرعون ليوسف انظر. قد جعلتك على كل أرض مصر. وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف. وألبسه ثياب بوص ووضع طوق ذهب في عنقه. وأركبه في مركبته الثانية. ونادوا أمامه اركعوا. وجعله على كل أرض مصر. وقال فرعون ليوسف أنا فرعون فبدونك لا يرفع إنسان يده ولا رجله في كل أرض مصر.

ودعا فرعون اسم يوسف صفنات فعنيح وأعطاه أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون زوجة. فخرج يوسف على أرض مصر، وكان يوسف ابن ثلاثين سنة لما وقف قدام فرعون ملك مصر، فخرج يوسف من لدن فرعون واجتاز في كل أرض مصر.

وأثمرت الأرض في سبع سني الشبع بحزم. فجمع كل طعام السبع الذي حواليها جعله فيها، وخزن يوسف قمحا كرمل البحر كثيرا جدا حتى ترك العدد إذ لم يكن له عدد وولد ليوسف ابنان قبل أن تأتي سنة الجوع. ولدتهما له أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون. ودعا يوسف اسم البكر قنسى قائلا لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي، ودعا اسم الثاني أفرايم قائلا لأن الله جعلنى مثمرا في أرض مذلتي.

ثم كملت سبع سني الشبع الذي كان في أرض مصر. وابتدأت سبع سني الجوع تأتي كما قال يوسف. فكان جوع في جميع البلدان. وأما جميع أرض مصر فكان فيها خبز. ولما جاعت جميع أرض مصر وصرخ الشعب إلى فرعون لأجل الخبز قال فرعون لكل المصريين اذهبوا إلى يوسف. والذي يقول لكم افعلوا وكان الجوع على كل وجه الأرض. وفتح يوسف جميع ما فيه طعام وباع للمصريين. واشتد الجوع في أرض مصر. وجاءت كل الأرض إلى مصر إلى يوسف لتشتري قمحا. لأن الجوع كان شديدا في كل الأرض.).

ص: 2670

2 -

لفت نظرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مواقف في قصة يوسف عليه السلام، رحمة بهذه الأمة. فلنر ذلك:

في المسند والصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى الآية (والمعنى: وإذ لم نشك نحن فإن إبراهيم لم يقل كلمة شكا) ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» وفي هذا الشأن بيان للرخصة رحمة بأفراد هذه الأمة، حتى لا يظن أحد من هذه الأمة أن عليه أن يقف موقف يوسف في رفض الخروج حتى تثبت البراءة، وفي لفظ الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر» .

وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب، ولكنه أراد أن يكون له العذر» قال ابن كثير: هذا حديث مرسل. وكما قلنا فإن رسولنا عليه الصلاة والسلام يعطي هذه الأمة رخصة في هذا المقام: وإلا فما أوقف الله رسوله صلى الله عليه وسلم موقفا إلا وتصرف فيه التصرف الأعلى والأكمل والأرقى.

3 -

في طلب يوسف الولاية من سلطة كافرة بناء على كفايته، وأمانته في القيام بمضمونها، وقبوله ما يشبه الوزارة في دولة كافرة، وهو محل القدوة، دليل على أن حكم الله في هذا الموضوع مرتبط بمصلحة الإسلام والمسلمين ومصلحة الخلق، وهو موضوع يحتاج إلى موازنات كثيرة، وشورى من أهلها إن وجدوا، وقد غلط ناس ظنوا أن المشاركة في وزارة أو غيرها في كل سلطة كافرة حرام بإطلاق، وفى ثناء يوسف عليه السلام على نفسه دليل على أنه يجوز للرجل ذلك إذا جهل أمره للحاجة.

وهاتان قضيتان مهمتان في عصرنا. ففي عصرنا حيث يتحكم الكفر ويحكم.

وحيث فرضت أنظمة كافرة على أقطار إسلامية، تجد بعض المسلمين يترددون في المشاركة في الحكم، أو في رفضه، وتجدهم يترددون في ترشيح أنفسهم لمناصب

ص: 2671

الدولة، والذي نفهمه من قصة يوسف عليه السلام أنه يستطيع المسلم أن يزكي نفسه في بعض الحالات، وأن يستلم منصبا من مناصب الدولة إذا كان في ذلك خدمة لدين الله، أو مصلحة للمسلمين، أو منفعة عامة للخلق، لا يرافقها إثم، ويتدخل في هذا الموضوع عامل النية، وموقف أهل الحق. فإذا ارتأى أهل الحق لأحدهم أن يفعل شيئا فعليه أن يفعل على شرط تصحيح النية. وفى كتابنا (دروس في العمل الإسلامى) بيان لهذا الموضوع، وليس كلامنا في عمل يتنافى مع العقيدة، أو يضطر صاحبه للنفاق، أو لعمل آثم. والموازنة دائما بين الجيد والأجود، والعزيمة والرخصة، واختيار أخف الشرين، وأهون الضررين صعبة. وتحتاج إلى توفيق إلهي. إن الذين يخطئون المسلم الصالح الذي يقبل وزارة في بلد كالهند الحالية يحكمون على الإسلام بالدمار هناك، والذين يقبلون النعال ويركبون متن النفاق للوصول إلى وزارة لا يخدمون فيها إلا الكفر، ليسوا إلا طلاب دنيا.

والقاعدة: إذا وجد أهل الشورى من أهل الحق، ورأوا رأيا، أو رأت أكثريتهم رأيا فهو الفيصل في كل زمان ومكان. لأن قضايا الحياة من التعقيد بحيث لا يسع المسلمين فيها موقف لين، أو موقف صلب. ولقد قال الألوسي عند قوله تعالى حكاية عن يوسف اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (وفيه دليل على جواز مدح الإنسان نفسه بالحق إذا جهل أمره، وجواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل، وإجراء أحكام الشريعة، وإن كان من يد الجائر أو الكافر، وربما يجب عليه الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلا وكان متعينا لذلك، وما في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فأنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها» والمراد في غير ما ذكر) اهـ كلام الالوسي

4 -

مر معنا أن الرؤيا لأول عابر، ونلاحظ أن حاشية فرعون ومن عرض عليهم رؤياه قالوا عنها أضغاث أحلام، وهم أول من قال فيها كلمة، ومع ذلك لم تعتبر كلمتهم، ومن هنا نفهم، أن الرؤيا لأول عابر بعلم، أما الجهلة فهؤلاء ليسوا معبرين، وإنما هم متقولون، فالعبرة للعابر الأول الذي اتصف بأهلية التعبير.

5 -

للآلوسي تحقيق في التفريق بين الرؤيا والحلم يذكره بمناسبة قوله تعالى قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وهذا هو كلامه قال: (والأحلام جمع حلم بضمة وبضمتين المنامات الباطلة على ما نص عليه جمع، وقال بعضهم: الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم

ص: 2672

مطلقا، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشئ الحسن، وغلب الحلم على خلافه، وفي الحديث «الرؤيا من الله تعالى والحلم من الشيطان» وقال التوربشتي:

الحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا، والتفريق من الاصطلاحات التي سنها الشارع صلى الله عليه وسلم للفصل بين الحق والباطل كأنه كره أن يسمى ما كان من الله تعالى وما كان من الشيطان باسم واحد، فجعل الرؤيا عبارة عن القسم الصالح؛ لما فيها من الدلالة على مشاهدة الشئ بالبصر والبصيرة، وجعل الحلم عبارة عما كان من الشيطان؛ لأن أصل الكلمة لم تستعمل إلا فيما يخيل للحالم في منامه من قضاء الشهوة بما لا حقيقة له) أهـ وهو كلام حسن.

ولننتقل إلى المشهد السادس:

***

ص: 2673