الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من ذلك يبقى الكافرون في شركهم وضلالهم ويترددون بما يمهلهم الله، ويفيض عليهم النعمة- مع طغيانهم- إلزاما للحجة عليهم.
ملاحظة:
لاحظ الصلة بين قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا الآية الثانية من الآيات الخمس الأخيرة وبين قوله تعالى فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ في الآية الحادية عشرة التي هي آخر آية في المجموعة الأولى من المقطع، مما يشير إلى أن الآيات الخمس الأخيرة متكاملة في مجموع تقريراتها، وقد ذكرنا من قبل محل هذه التقريرات في السياق
فائدة:
بمناسبة قوله تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ذكر ابن كثير ما رواه البزار في مسنده عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم» .
كلمة في السياق:
رأينا أن سورة يونس مبدوءة بمقدمة هي الآية الأولى منها، ثم ذكرت موقفا من مواقف الكافرين من الوحي والرسول والقرآن أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ ثم جاءت المجموعة الأولى من المقطع الأول وهي التي مرت معنا فهدمت عجبهم، وهدمت دعواهم، والآن تأتي مجموعة أخرى تهدم العجب والاستبعاد، وتهدم اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بالسحر
فلنر
المجموعة الثانية
من المقطع الأول من القسم الأول من سورة يونس:
المجموعة الثانية
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ أي أصابه الضر دَعانا أي دعا الله لإزالته لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً معناه أن المضرور لا يزال داعيا لا يفتر عن الدعاء حتى
يزول عنه الضر، فهو يدعونا في حالاته كلها، سواء كان مضطجعا عاجزا عن النهوض، أو قاعدا لا يقدر على القيام، أو قائما لا يطيق المشي فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ أي أزلنا ما به مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ أي مضى على طريقته الأولى قبل مس الضر ونسي، أو مر عن موقف الابتهال والتضرع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له به، كأنه لم يدعنا، أخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا أصابه الضر وأصابته الشدة، وكيف أنه يجزع ويكثر الدعاء عند ذلك. فإذا فرج الله شدته، وكشف كربته، أعرض وذهب كأنه ما كان به من ذلك شئ. ثم ذم تعالى من هذه صفته وطريقته كَذلِكَ أي مثل ذلك التزيين زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ أي للمجاوزين الحد في الكفر، والمزين هو الشيطان بوسوسته ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الإعراض عن الذكر، والصد عن سبيل الله، واتباع الكفر.
وهكذا بدأت هذه المجموعة تكمل الحجج على الكافرين في إنكارهم الوحي. فكأنها قالت: أنتم أيها الكافرون إذا أصابكم الضر تجأرون إلى الله في الدعاء، مما يدلل على أنكم تعتقدون أن الله لا يهملكم، فكيف إذن تتعجبون أن ينزل وحيا ويرسل رسولا؟! فكما أنكم إذا دعوتموه فأجابكم تنسون نعمته عليكم فهكذا هنا تنسون وحيه وتعجبون منه هذا شأنكم الإسراف في كل شئ.
وفي هذا السياق ذكرهم بأن إرسال الرسل سنته في الأمم السابقة، وهددهم أن إهلاك المكذبين كذلك سنته، وذكرهم أنهم سائرون في الطريق نفسه فليحذروا.
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ أي الأمم مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا أي لما أشركوا وظلموا بالتكذيب وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي المعجزات الدالات على صدقهم وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا ولذلك استحقوا الهلاك، فمهما بقوا فإنهم مصرون على الكفر يعني: أن السبب في إهلاكهم تكذيبهم للرسل، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجة ببعثة الرسل، ففي الآية إخبار عما أحل بالقرون الماضية في تكذيبهم الرسل فيما جاءوهم من البينات والحجج الواضحات كَذلِكَ أي مثل ذلك يعني الإهلاك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ وهو وعيد لمن كذب برسالة محمد عليه الصلاة والسلام
ثُمَّ جَعَلْناكُمْ يا من بعث إليهم محمد عليه الصلاة والسلام خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكناها لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ أي لننظر أتعملون خيرا أو شرا، فنعاملكم على حسب عملكم، أي