الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقبول هذه الرحمة وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ أي لا تريدونها
وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على تبليغ الرسالة مالًا أي أجرة يثقل عليكم إن أديتموه إلي، أو يثقل علي إن أبيتم دفعه، وإنما أنا مبلغ عن الله، ومبتغ بذلك وجهه إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ فإنه المأمول منه عز وجل، وكأنهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين عنه احتشاما وأنفة من المجالسة معهم، ونفاسة منهم أن يكونوا كهؤلاء، ولذلك قال: وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ فيشكونني إليه إن طردتهم، وهو مجازيهم إن كانوا مقصرين وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ أي تتسافهون على المؤمنين، وتدعونهم أراذل، أو تجهلون لقاء ربكم، أو تجهلون أن المؤمنين خير منكم
وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ أي من يمنعني من انتقامه إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ أي أفلا تتعظون
وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ فأدعي فضلا بذلك وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ حتى أطلع على ما في نفوس أتباعي وضمائر قلوبهم وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ حتى تقولوا لي ما أنت إلا بشر مثلنا وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ أي تحتقرهم وتعيبهم لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً أي ولا أحكم على من استرذلتم من المؤمنين لفقرهم أن الله لن يؤتيهم خيرا في الدنيا والآخرة لهوانهم عليه، مساعدة لكم ونزولا على هواكم اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ من صدق الاعتقاد، وإنما علي قبول ظاهر إقرارهم؛ إذ لا أطلع على خفي أسرارهم إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ إن قلت شيئا من ذلك، وهكذا رد عليهم ما قالوه.
هذا الرد البليغ الحازم الجازم اللطيف اللين- في الوقت نفسه- فلم تبق كلمة لهم إلا رد عليها، ولا زعما إلا دحضه، وبين موقفه الرباني الذي لا يتزحزح عنه، وعلمنا من جملة ما علمنا ألا نبيع المؤمنين بالمتكبرين، وألا يكون هذا محل مساومة مهما كان وضع المؤمنين، ومهما ادعي أن فيهم ما فيهم، وهذا درس عظيم للدعاة، فقد لا يستجيب لشأنهم إلا أقل الناس في مقاييس الناس، فهؤلاء ينبغي أن يكونوا عند الداعية أغلى الناس، وألا يميل عنهم إلى غيرهم.
ولنعد إلى السياق:
فبعد أن قامت عليهم الحجة اتخذوا الموقف الذي يتخذه كل مبطل، وهو رفض الحق والإعراض عن أهله قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا أي حاججتنا فأكثرت من ذلك فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في وعدك
قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ أي ليس الإتيان بالعذاب إلي، وإنما هو إلى
من كفرتم به، فهو الذي يتولى عقابكم وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ أي فلا تقدرون على الهروب منه فإنه لا يعجزه شئ
وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ أي يضلكم والتقدير: إن كان الله يريد أن يغويكم لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم، أي لا شئ يجدي معكم بإبلاغي لكم وإنذاري إياكم ونصحي، إذا كان الله مريدا إغواءكم ودماركم؛ بسبب من ظلمكم وكبركم هُوَ رَبُّكُمْ فيتصرف فيكم؛ لأنه مالك أزمة الأمور، المتصرف الحاكم العادل الذي لا يجور، له الخلق وله الأمر وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازيكم على أعمالكم فهو المبدئ المعيد، مالك الدنيا والآخرة، وهكذا تقابل الحجة بالحجة. والموقف يقابل بموقف، والحسم يقابل بحسم.
فإذا وصلت قصة نوح إلى هذا تأتي الآن آية معترضة تتحدث عن قوم محمد صلى الله عليه وسلم، وكلامهم والجواب عليهم بما يناسب السياق، ومجئ هذه الآية هنا مذكر بأن القصة هنا هادفة، في التوجيه والإرشاد، ولفت النظر والتمثيل، بما يناسب الدعوة الجديدة، وبما يخدم سياق السورة بشكل عام. أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أي بل يقولون:
اختلقه، أي بل يقول هؤلاء الكافرون الجاحدون افترى هذا وافتعله من عنده قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي أي إن صح أني افتريته فعلي عقوبة إجرامي أي افترائي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أي وأنا برئ من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي، أي ليس ذلك مفتعلا ولا مفترى، لأني أعلم ما عند الله من العقوبة لمن كذب عليه. قال ابن كثير في هذه الآية: (هذا كلام معترض في وسط القصة مؤكد لها
…
) أقول: قد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآية ليست معترضة بل هي جزء من الحوار بين نوح عليه السلام وقومه، والمقام محتمل. ثم يعود السياق.
فبعد أن تبينت المواقف قال تعالى: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ هذا تقنيط من الله لنوح عليه السلام من إيمانهم، وأنه غير متوقع فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ أي فلا تحزن عليهم، ولا يهمنك أمرهم، وأصل المعنى: فلا تحزن حزن بائس مستكين بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك، فقد حان وقت الانتقام من أعدائك
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ أي السفينة بِأَعْيُنِنا قال ابن كثير: (بمرأى منا) أقول: في ذلك تطمين له من أن يزيغ في صنعته عن الصواب وَوَحْيِنا أي وإنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع، أي وتعليمنا لك ما تصنعه وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أي ولا تدعني في شأن قومك، واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك إِنَّهُمْ
مُغْرَقُونَ أي محكوم عليهم بالإغراق، وقد قضي به وجف القلم، فلا سبيل إلى كفه، وقام نوح بالأمر
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ أي من عمله السفينة فكانوا يهزءون به ويكذبون بما يتوعدهم به من الغرق قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ عند رؤية الهلاك، وهو محقق عندنا من الآن كَما تَسْخَرُونَ منا عند رؤية الفلك
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ أي يهينه في الدنيا وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ أي دائم مستمر أبدا فالمراد بالعذاب الأول عذاب الدنيا وهو الغرق، والمراد بالعذاب الثاني عذاب الآخرة.
ثم قص الله علينا كيف جاء العذاب حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا أي عذابنا وَفارَ التَّنُّورُ للمفسرين هنا أقوال فبعضهم قال: المراد بالتنور الإشعار باشتداد الأمر وصعوبته ففي الكلام كناية، وبعضهم قال: المراد به تنور خبز بعينه، وبعضهم قال: المراد به وجه الأرض، والظاهر أنها علامة لنوح من الله، فإذا كان الأمر كذلك فهو تنور بعينه قُلْنَا احْمِلْ فِيها أي في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أي من كل صنف زوجين وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ أنه من أهل النار، وما سبق عليه القول بذلك إلا للعلم بأنه يختار الكفر بتقديره وإرادته، جل خالق العباد عن أن يقع في الكون خلاف ما أراد وَمَنْ آمَنَ أي واحمل مع المؤمنين من أهلك من آمن من غيرهم وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ أي نزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما، كما سنرى في سورة (العنكبوت)، وليس هناك من رواية عن رسولنا عليه الصلاة والسلام في تحديد عدد من ركب في السفينة، وسنذكر في الفوائد شيئا له علاقة في هذا الموضوع
وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها أي مسمين الله، أو قائلين بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها، أي بسم الله يكون جريها على وجه الماء، وبسم الله يكون منتهى سيرها وهو رسوها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ لمن آمن منهم رَحِيمٌ حين خلصهم
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ كأنه قيل: فركبوا فيها يقولون: بسم الله، والسفينة تجري، وهم فيها، وموج الطوفان كأنه الجبال. والموج: هو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه بسبب الرياح الشديدة، شبه كل موجة منه بالجبل في تراكمها وارتفاعها وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ أي عن أبيه وعن السفينة، أو في معزل عن دينه يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا في السفينة، أي أسلم واركب ولذلك قال:
وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فتغرق وتدخل النار
قالَ سَآوِي أي سآتي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ أي يمنعني من الغرق قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
أي من الطوفان والغرق إِلَّا مَنْ رَحِمَ أي إلا من رحمه الله، اعتقد- بجهله- أن الطوفان لا يبلغ إلى رءوس الجبال، وأنه لو تعلق في رأس جبل لنجاه ذلك من الغرق فقال له أبوه ما معناه إنه لا يعصمك اليوم معتصم قط من جبل ونحوه سوى معتصم واحد وهو مكان من رحمهم الله ونجاهم يعني السفينة، أو لا يعصمك اليوم إلا الله لأن من رحمه الله وحده فهو المعصوم وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ أي بين ابنه والجبل أو بين نوح وابنه فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ أي فصار من المغرقين، وهكذا كانت نهاية الكافرين والظالمين،
وتأتي الآن قصة نهاية الطوفان وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ أي انشقي ماءك وتشربي وَيا سَماءُ أَقْلِعِي أي أمسكي وَغِيضَ الْماءُ أي شرع في النقص وَقُضِيَ الْأَمْرُ أي وأنجز ما وعد الله نوحا من إهلاك قومه وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ أي واستقرت السفينة على المسمى بالجودي وَقِيلَ بُعْداً أي سحقا، والمراد البعد البعيد من حيث الهلاك والموت، ولذلك تخص هذه الكلمة بدعاء السوء لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي قوم نوح الذين غرقوا، ويسأل نوح ربه مستعلما وكاشفا عن حال ولده الذي غرق
وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي أي وقد وعدتني بنجاة أهلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ الذي لا يخلف فكيف غرق وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ أي أعلم الحكام وأعدلهم
قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي الذين وعدت إنجاءهم لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك ولهذا قال: وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحا عليه السلام إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ هذا تعليل لانتفاء كونه من أهله، وفيه إيذان بأن قرابة الدين غامرة لقرابة
النسب، وأن نسيبك في دينك- وإن كان حبشيا وكنت قرشيا- لصيقك، ومن لم يكن على دينك وإن كان أمس أقاربك رحما فهو أبعد بعيد منك، وجعلت ذاته عملا غير صالح للإشعار بمبالغته في السوء فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ أي بجواز مسألته عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فتسأل ما لا يجوز لك أن تسأله
قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ أي استجيرك من أن أطلب منك في المستقبل ما لا علم لي بصحته، تأدبا بأدبك، واتعاظا بموعظتك وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي ما فرط مني وَتَرْحَمْنِي بالعصمة عن العود إلى مثله أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ الذين خسروا الدنيا والآخرة
قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا أي بتحية منا أو سلامة من الغرق وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ البركات: هى الخيرات النامية، وهي في حقه بكثرة ذريته وأتباعه. قال
النسفي: فقد جعل أكثر الأنبياء من ذريته وأئمة الدين في القرون الباقية من نسله وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ المراد إما الأمم الذين كانوا معه في السفينة لأنهم كانوا معه جماعات، أو سموا أمما لأن الأمم تتشعب منهم، أو المراد وعلى أمم ناشئة ممن معك وهي الأمم إلى آخر الدهر وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ في الدنيا بالسعة في الرزق والخفض في العيش، والتقدير: وممن معك أمم سنمتعهم ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ أي في الآخرة.
والمعنى: أن السلام منا والبركات عليك وعلى أمم مؤمنين ينشئون معك، ومن ذرية من معك أمم ممتعون بالدنيا، منقلبون إلى النار. ثم عقب الله عز وجل على قصة نوح مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم لتأخذ القصة مكانها في السياق، ولتؤدي دورها في التمثيل على بعض المعاني الموجودة في المقطع الأول
تِلْكَ أي قصة نوح مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ أي تلك القصة بعض أنباء الغيب موحاة إليك مجهولة عندك وعند قومك مِنْ قَبْلِ هذا أي من قبل هذا الوقت، أو من قبل إيحائي إليك وإخبارك بها فَاصْبِرْ على تبليغ الرسالة، وأذى قومك، كما صبر نوح، وتوقع في العاقبة لك ولمن كذبك نحو ما كان لنوح ولقومه إِنَّ الْعاقِبَةَ في الفوز والنصر والغلبة لِلْمُتَّقِينَ الذين عبدوا الله حق العبادة وأطاعوه حق الطاعة. قال ابن كثير في هذه الآية: يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: هذه القصة وأشباهها مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ يعني من أنباء الغيوب السالفة، نوحيها إليك على وجهها كأنك شاهدها، نُوحِيها إِلَيْكَ أي نعلمك بها وحيا منا إليك ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها، حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه، بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح، كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك، فاصبر على تكذيب من كذبك من قومك، وأذاهم لك، فإننا سننصرك، ونحوطك بعنايتنا، ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة، كما فعلنا بالمرسلين، حيث نصرناهم على أعدائهم إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا الآية (غافر: 51)، وقال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ الآية (الصفات: 171، 172)، وقال تعالى فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.
قال صاحب الظلال في هذه الآية: (فيحقق هذا التعقيب من أهداف القصص القرآنى في هذه السورة:
حقيقة الوحي التي ينكرها المشركون. فهذا القصص غيب من الغيب، ما كان يعلمه