الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة السورة
وهي آية واحدة وهي الآية (الثانية والخمسون) وهذه هي:
[سورة إبراهيم (14): آية 52]
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)
التفسير:
هذا أي الذي ورد في السورة بَلاغٌ لِلنَّاسِ أي كفاية في التذكير والموعظة، وبه تقوم الحجة الكاملة عليهم وَلِيُنْذَرُوا بِهِ أي بهذا البلاغ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ بمجموع ما جاء في السورة وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ أي ذوو العقول فيخرجون بهذا البلاغ من الظلمات إلى النور.
وبمناسبة هذه الآية قال صاحب الظلال:
(إن الشرك بالله- المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله- يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن من شئون الحياة خالصة لله وحده، ويكفي أن يدين العبد لله في جوانب من حياته بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله. حتى تتحقق صورة الشرك حقيقة وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة، والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي للشرك في أعماق طبيعته. إن العبد الذي لا يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر الشعائر بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لشرائع من عند غير الله، ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات من صنع غير الله. ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والعادات والتقاليد والأزياء- مخالفة لشرع الله وأمره- إن هذا العبد يزاول الشرك (الخفي أو الجلي) فى أخص حقيقته ويخالف عن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في أخص حقيقتها هذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخيص وتميع، وهم لا يحسبونه
الشرك الذي كان يزاوله المشركون في كل زمان ومكان.
والأصنام .. ليس من الضروري أن تتمثل في تلك الصورة الأولية الساذجة ..
فالأصنام ليست سوى شعارات للطاغوت، يتحفى وراءها لتبعيد الناس باسمها- وضمان دينونتهم له من خلالها
إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصر .. إنما كان السادن أو الكاهن أو الحاكم يقوم من ورائها يتمتم حولها بالتعاويذ والرقى .. ثم ينطق باسمها بما يريد هو أن ينطق لتعبيد الجماهير وتذليلها
فاذا رفعت في أي أرض وفي أي وقت شعارات ينطق باسمها الحكام والكهان ويقررون باسمها ما لم يأذن به الله من الشرائع والقوانين والقيم والموازين والتصرفات والأعمال
…
فهذه هي الأصنام في طبيعتها وحقيقتها ووظيفتها!
إذا رفعت «القومية» شعارا أو رفع «الوطن» شعارا أو رفع «الشعب» شعارا أو رفعت «الطبقية» شعارا .. ثم أريد الناس على عبادة هذه الشعارات من دون الله وعلى التضحية لها بالنفوس والأموال والأخلاق والأعراض. بحيث كلما تعارضت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعليماته مع مطالب تلك الشعارات ومقتضياتها، نحيت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعاليمه ونفذت إرادة تلك الشعارات- أو بالتعبير الصحيح الدقيق:
إرادة الطواغيت الواقفة وراء هذه الشعارات كانت هذه هي عبادة الأصنام من دون الله .. فالصنم ليس من الضروري أن يتمثل في حجر أو خشبة. ولقد يكون الصنم مذهبا أو شعارا
إن الإسلام لم يجئ لمجرد تحطيم الأصنام الحجرية والخشبية ولم تبذل فيه تلك الجهود الموصولة من موكب الرسل الموصول ولم تقدم من أجله تلك التضحيات الجسام وتلك العذابات والآلام لمجرد تحطيم الأصنام من الأحجار والأخشاب.
إنما جاء الإسلام ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن، وبين الدينونة لغيره في كل هيئة وفي كل صورة .. ولا بد من تتبع الهيئات والصور في كل وضع وفي كل وقت لإدراك طبيعة الأنظمة والمناهج القائمة، وتقرير ما إذا كانت توحيدا أم شركا؟ ودينونة لله وحده أم دينونة لشتى الطواغيت والأرباب والأصنام!
والذين يظنون أنفسهم في «دين الله» لأنهم يقولون بأفواههم «نشهد أن لا إله إلا