الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإسراع النار في جلودهم، واللون الوحش ونتن الريح. على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين. وكل ما وعده الله أو أوعد به في الآخرة فبينه وبين ما نشاهد من جنسه ما لا يقدر، وكأنه ما عندنا منه إلا الأسامي والمسميات ثمة نعوذ بالله من سخطه وعذابه» اهـ النسفي
وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ أي وتعلوها باشتعالها، وخص الوجه لأنه أعز موضع في ظاهر البدن كالقلب في باطنه
لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ أي يفعل بالمجرمين ما يفعل ليجزي كل نفس مجرمة ما كسبت أو كل نفس من مجرمة ومطيعة سيجازيها لأنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم، فسيثيب المؤمنين على طاعتهم إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أي يحاسب جميع العباد في أسرع من لمح البصر.
فوائد:
1 -
هذه المجموعة توجه الداعية نحو الثقة المطلقة بوعد الله في النصرة في الآخرة وفي الدنيا؛ لأن مقتضى اتصافه بأسمائه: العزيز، ذي الانتقام، الواحد، القهار، يقتضي أن يكون ما أخبر عنه حاصلا، ومقتضى عدله أن يجازي الأنفس على عملها، ومن ثم فالثقة بوعد الله سمة رئيسية من سمات الداعية ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
2 -
بمناسبة قوله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ
قال ابن كثير: (جاء في الصحيحين من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي (1) ليس فيها معلم لأحد» وقال الإمام أحمد
…
عن عائشة أنها قالت: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ قالت:
قلت أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: «على الصراط» . وقال قتادة عن حسان ابن بلال المزني عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله:
يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ قال: قالت: يا رسول الله فأين الناس يومئذ؟ قال: «لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد من أمتي، ذاك أن الناس على جسر
جهنم»)
(1) قرصة النقي: خبز نخل مرة بعد مرة.
وبمناسبة هذه الآية يثور سؤال: هل التبديل- الذي هو التغيير- تغيير ذات، أو تغيير أوصاف؟ قولان قال النسفي: (واختلف في تبديل الأرض والسماوات فقيل:
تبدل أوصافها، وتسير عن الأرض جبالها، وتفجر بحارها وتسوى ولا ترى فيها عوجا ولا أمتا. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هي تلك الأرض وإنما تغير. وتبدل السماء بانتثار كواكبها وكسوف شمسها، وخسوف قمرها وانشقاقها وكونها أبوابا وقيل:
تخلق بدلها أرض وسماوات أخر
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: يحشر الناس على بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة
…
)
وقال الألوسي: (والتبديل قد يكون في الذات كما في بدلت الدراهم دنانير ومن قوله تعالى: بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها وقد يكون في الصفات كما في قولك: «بدلت الحلقة خاتما» إذا غيرت شكلها ومنه قوله سبحانه: يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ والآية الكريمة ليست بنص في أحد الوجهين)
ثم ذكر الألوسي أقوالا كثيرة للمفسرين عن هذا التبديل ثم قال: ولا مانع أن يكون هنا تبديلات على أنحاء شتى، وعلقه على الحديث الذي رواه مسلم والذي فيه «هم في الظلمة دون الجسر»: ولعل المراد من هذا التبديل نحو خاص منه)
3 -
قال الألوسي عن القطران:
(هو ما يحلب من شجر الأبهل فيطبخ وتهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بما فيه من الحرة الشديدة، وقد تصل حرارته إلى الجوف، وهو أسود منتن يسرع فيه اشتعال النار حتى قيل إنه أسرع الأشياء اشتعالا. وفي التذكرة أنه نوعان
…
وأنه إن سل بنفسه يقال زفت وإن كان بالصناعة فقطران)
4 -
بمناسبة قوله تعالى: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ يذكر ابن كثير هذين الحديثين:
- روى الإمام أحمد والإمام مسلم عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» .
- وفي حديث القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعه:
«النائحة إذا لم تتب توقف في طريق بين الجنة والنار سرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار» .
***