الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد:
1 -
قال النسفي: (والكلمة الطيبة كلمة التوحيد، أصلها تصديق بالجنان، وفرعها إقرار باللسان، وأكلها عمل الأركان، وكما أن الشجرة شجرة وإن لم تكن حاملا، فالمؤمن مؤمن وإن لم يكن عاملا، ولكن الأشجار لا تراد إلا للثمار، فما أقوات النار إلا ثمار من الأشجار إذا اعتادت الإخفار في عهد الإثمار).
2 -
رأينا أن الكلمة الطيبة وهي «لا إله إلا الله» وأن القول الثابت هو «لا إله إلا الله» والفطرة هي الأرض، فلا إله إلا الله جذورها ضاربة عميقة في الفطرة، وثمارها كل
عمل صالح، وكل خلق طيب، وساقها وورقها وكل شئ فيها يستفاد منه، وبهذه الكلمة يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ومن ثم فبقدر فهمها وتردادها تقوى جذورها، وتبسق فروعها، ويطيب أكلها، ففي حديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«جددوا إيمانكم قيل: يا رسول الله كيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله» . وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن قتادة أن رجلا قال: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، فقال «أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا فركب بعضه على بعض أكان يبلغ السماء؟ أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: «تقول لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، عشر مرات، في دبر كل صلاة، فذاك أصله في الأرض، وفرعه في السماء» .
3 -
هل الشجرة الطيبة التي ضرب الله بها مثلا شجرة بعينها، أو كل شجرة متصفة بما ذكر القرآن؟، قولان للمفسرين، وهل كل شجرة خبيثة تتصف بما وصف الله تدخل تحت قوله الشجرة الخبيثة أو أنها شجرة بعينها؟. قولان للمفسرين، والنصوص تشير إلى النخلة والحنظلة. فهل الأحاديث النبوية تحدد أو تمثل؟ قولان. وعلى كل فالشجرتان: النخلة والحنظلة نموذجان كاملان للمثلين
- روى أبو يعلى بمسنده عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بقناع عليه بسر فقال:
«مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» فقال «هي النخلة» (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) قال: «هي الحنظل» قال شعيب: فأخبرت بذلك أبا العالية فقال:
كذلك كنا نسمع»
- وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أخبروني عن شجرة تشبه- أو- كالرجل المسلم لا يتحات ورقها صيفا ولا شتاء، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» قال ابن عمر فوقع في نفسي أنها النخلة ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان؛ فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولوا شيئا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هي النخلة» فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة. قال ما منعك أن تتكلم؟ قلت لم أركم تتكلمون فكرهت أن أتكلم وأقول شيئا، قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا.
4 -
بمناسبة قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ يذكر ابن كثير أحاديث كثيرة نجتزئ منها ما يلي:
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد
…
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ورواه مسلم أيضا وبقية الجماعة كلهم من حديث شعبة به، وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية
…
عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، كأن على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال:«استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين أو ثلاثا ثم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط (1) من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها يعني- على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب؟
فيقولون: فلان ابن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي
(1) - الحنوط: ما يطيب به الميت.
تليها، حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة، فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام. فيقولان: له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله. فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء، أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال فيأتي من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي. قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، سود الوجوه، معهم المسوح (1)، فجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت، فيجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها، على ملأ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون:
فلان ابن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تُفَتَّحُ لَهُمْ
أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
(الأعراف: 40) فيقول الله اكتبوا كتابه في سجين، في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا ثم قرأ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (الحج: 31) فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول هاه هاه لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره، حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر
(1) - المسوح: جمع مسح: كساء من الشعر.
بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجئ بالشر فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول: رب لا تقم الساعة». ورواه أبو داود من حديث الأعمش والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال بن عمرو به.
وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق
…
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فذكر نحوه. وفيه بالنسبة للمؤمنين «حتى إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله عز وجل أن يعرج بروحه منه قبلهم» . وفي آخره «ثم يقيض له- أي للكافر- أعمى أصم أبكم، وفي يده مرزبة، لو ضرب بها جبل لكان ترابا، فيضرب به ضربة فيصير ترابا، ثم يعيده الله عز وجل كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شئ إلا الثقلين» . قال البراء:
ثم يفتح له باب إلى النار ويمهد له من فرش النار).
.... وقال الإمام عبد بن حميد رحمه الله في مسنده
…
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه،- وإنه ليسمع قرع نعالهم- فيأتيه ملكان، فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟
قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقال له انظر مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة». قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فيراهما جميعا» قال قتادة:
وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضرا إلى يوم القيامة. رواه مسلم عن عبد بن حميد به وأخرجه النسائي من حديث يونس بن محمد المؤدب به.
وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج أخبرني الزبير أنه سأل جابر بن عبد الله عن فتاني القبر فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا أدخل المؤمن قبره، وتولى عنه أصحابه، جاء ملك شديد الانتهار، فيقول له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول المؤمن: أقول: إنه رسول الله وعبده، فيقول الملك: انظر إلى مقعدك الذي كان لك في النار، قد أنجاك الله منه، وأبدلك بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنة، فيراهما كليهما، فيقول المؤمن: دعوني أبشر أهلي فيقال له: اسكن، وأما المنافق فيقعد إذا تولى عنه أهله فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، أقول كما يقول الناس، فيقال له: لا دريت، هذا مقعدك الذي كان لك في الجنة أبدلت مكانه مقعدك من النار» .
قال جابر فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يبعث كل عبد في القبر على ما مات، المؤمن على
إيمانه، والمنافق على نفاقه». إسناده صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
.... وقال ابن حبان في صحيحه
…
…
وقال الحافظ أبو عيسى الترمذي رحمه الله
…
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قبر الميت- أو قال أحدكم- أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما منكر، والآخر نكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: ما كان يقول- أي قبل أن يموت- هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا، في سبعين، وينور له فيه ثم يقال له: نم. فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقا قال: سمعت الناس يقولون: فقلت مثلهم، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، فيقال للأرض التئمي عليه، فتلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك» . ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب.
.. وقال الإمام أحمد رحمه الله
…
عن محمد بن المنكدر قال: كانت أسماء- يعني بنت الصديق- رضي الله عنها تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال «إذا دخل الإنسان قبره، فإذا كان مؤمنا أحف به عمله: الصلاة والصيام قال: فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده، ومن نحو الصيام فيرده، قال. فيناديه: اجلس. فيجلس فيقول له:
ماذا تقول في هذا الرجل؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: من؟ قال محمد، قال أشهد أنه رسول الله، قال وما يدريك، أدركته؟ قال: أشهد أنه رسول الله، قال: يقول:
على ذلك عشت، وعليه مت، وعليه تبعث، وإن كان فاجرا أو كافرا جاءه الملك ليس
بينه وبينه شئ يرده، فأجلسه فيقول له ماذا تقول في هذا الرجل؟ قال أي رجل؟ قال محمد، قال يقول والله ما أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، قال له الملك على ذلك عشت، وعليه مت، وعليه تبعث، قال ويسلط عليه دابة في قبره، معها سوط ثمرته جمرة مثل عرف البعير- تضربه ما شاء الله، صماء لا تسمع صوته فترحمه»
.... وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه (نوادر الأصول)
…
عن عبد الرحمن بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة فقال: «إني رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتي جاء ملك الموت ليقبض روحه فجاء بره بوالديه فرد عنه، ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر، فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم، ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم، ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا، كلما ورد حوضا منع منه، فجاءه صيامه فسقاه وأرواه، ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلقا حلقا، كلما دنا لحلقة طردوه، فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذه بيده فأقعده إلى جنبي، ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة، ومن خلفه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن فوقه ظلمة، ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءته حجته وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه، فجاءته صلة الرحم، فقالت: يا معشر المؤمنين كلموه فكلموه، ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه، فجاءته صدقته فصارت له سترا على وجهه، وظلا على رأسه، ورأيت رجلا من أمتي أخذته الزبانية من كل مكان، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم، وأدخلاه مع ملائكة الرحمة، ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب، فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل، ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله، فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته، فجعلها في يمينه، ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه، فجاءته أفراطه (1) فثقلوا ميزانه، ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم، فجاءه وجله من الله فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا، فاستخرجته
(1) من مات من أبنائه قبل البلوغ
من النار، ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة فجاء حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى، ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا، فجاءته صلاته علي فأخذت بيده فأقامته ومضى على الصراط، ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى باب الجنة فغلقت الأبواب دونه، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة». قال القرطبي بعد إيراد هذا الحديث من هذا الوجه هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالا خاصة تنجي من أهوال خاصة أورده هكذا في كتابه التذكرة.
.... قال أبو داود
…
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» . تفرد به أبو داود.)
5 -
رأينا أن محور هذه السورة هو قوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ
وقد رأينا في هذه المجموعة أن (لا إله إلا الله) هي وسيلة الوصول إلى النور في الدنيا والآخرة، ومن ثم فإن علينا أن نكثر من قول لا إله إلا الله.
وقد فهمنا من الآية أن: لا إله إلا الله لها ثمارها في كل زمن، وفي كل عصر، وفي كل مكان، وعند كل مؤمن، ولا يزال الناس يأكلون من هذه الثمار خلقا طيبا وإحسانا كثيرا
ولننتقل إلى المجموعة السادسة وفيها كذلك ذكر لوسائل الخروج من الظلمات إلى النور
***