الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جزيلة كثيرة فِي هذه الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا آتيتهم ذلك لِيُضِلُّوا في عاقبته عَنْ سَبِيلِكَ عن دينك، والمعنى: آتيتهم وأنت تعلم أنهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم، استدراجا منك لهم، فيفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك، ليظن من أغويته أنك إنما أعطيتهم هذا لحبك إياهم، واعتنائك بهم. رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ أي أهلكها وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ أي اطبع عليها واستوثق فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ أى المؤلم
قالَ الله تعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما مع أن الداعي موسى، إلا أن هارون كان يؤمن: أي أجبناكما فيما سألتما في شأن فرعون وآله.
فَاسْتَقِيما على الرسالة والدعوة إلى أن يأتيهم العذاب. والمعني: كما أجبت دعوتكما فاستقيما على أمري لأن النعمة تقتضي شكرا وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ في استعجال القضاء، وترك الشكر وفقدان البصر.
فوائد:
1 -
قال الألوسي في الآية: واستدل بعضهم بالآية على أن الدعاء على شخص بالكفر لا يعد كفرا إذا لم يكن على وجه الاستيجاز والاستحسان للكفر، بل كان على وجه التمني لينتقم الله تعالى من ذلك الشخص أشد انتقام، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام خواهرزاده، فقولهم: الرضا بكفر الغير كفر ليس على إطلاقه عنده، بل هو مقيد بما إذا كان على وجه الاستحسان، لكن قال صاحب الذخيرة: قد عثرنا على رواية عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن الرضا بكفر الغير كفر من غير تفصيل، والمنقول عن علم الهدى أبي منصور الماتريدي التفصيل، ففي المسألة اختلاف، قيل: والمعول عليه أن الرضا بالكفر من حيث أنه كفر كفر، وأن الرضا به لا من هذه الحيثية بل من حيثية كونه سببا للعذاب الأليم، أو كونه أثرا من آثار قضاء الله تعالى وقدره- مثلا- ليس بكفر، وبهذا يندفع التنافي بين قولهم: الرضا بالكفر كفر. وقولهم: الرضا بالقضاء واجب بناء على حمل القضاء فيه على المقضي، ومن هذا التحقيق يعلم ما في قولهم: إن من جاءه كافر ليسلم فقال: اصبر حتى أتوضأ أو أخره يكفر؛ لرضاه بكفره في زمان؛ فيه النظر، ويؤيده ما في الحديث الصحيح في فتح مكة أن ابن أبي سرح أتى به عثمان رضي الله تعالى عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله بايعه فكف صلى الله عليه وسلم يده عن بيعته، ونظر إليه ثلاث مرات، كل ذلك يأبى أن يبايعه، فبايعه بعد الثلاث، ثم أقبل صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال:«أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث كففت يدي عن بيعته فيقتله؟» قالوا: وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك فقال عليه
الصلاة والسلام: «إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين» وقد أخرجه ابن أبي شيبة. وأبو داود. والنسائي. وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص وهو معروف في السير، فإنه ظاهر في أن التوقف مطلقا ليس كما قالوه كفرا فليتأمل.
أقول: قد استشكل بعض الناس دعوة موسى على فرعون وآله بعدم الإيمان، والجواب أنه دعا بعد إعلام الله إياه أنهم لا يؤمنون. قال ابن كثير: وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضبا لله ولدينه على فرعون وملائه، الذين تبين له أنهم لا خير فيهم، ولا يجئ منهم شئ كما دعا نوح عليه السلام.
2 -
قال ابن كثير: «وقد يحتج بهذه الآية (أي: قد أجيبت دعوتكما) من يقول:
إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها لأن موسى دعا وهارون أمن.
3 -
يذكر بعض المفسرين أنه كان بين التبشير باستجابة الدعوة وبين تحقيقها أربعون سنة، وليس هناك من نص في الكتاب والسنة يحدد مثل هذا غير أن التوراة
الحالية وهي محرفة- كما نعلم- تذكر أن موسى عليه السلام عند ما كلمه فرعون كان عمره ثمانين عاما. وتذكر أنه عند ما توفي كان عمره (120 سنة)، وقد توفي موسى عليه السلام في أواخر أيام التيه، وعلى هذا فمثل هذه الرواية- إن كان مرجعها بني إسرائيل- فالمصدر الأول لبني إسرائيل ينقضها فالأولى عدم التحديد وعدم ذكر شئ من هذا القبيل في هذا المقام.
4 -
في سفر الخروج من أسفار التوراة الحالية حديث طويل عما جرى بين موسى وهارون عليهما السلام من جهة، وبين فرعون من جهة، ونلاحظ أن هلاك كثير من الأموال قد حدث أكثر من مرة.
ففي سفر الخروج الإصحاح التاسع- (فها يد الرب تكون على مواشيك التي في الحقل على الخيل والحمير والجمال والبقر والغنم وباء ثقيلا جدا .. فماتت جميع مواشي المصريين).
(فضرب البرد في كل أرض مصر جميع ما في الحقل من الناس والبهائم وضرب البرد جميع عشب الحقل وكسر جميع شجر الحقل).
وفي الإصحاح العاشر (ولما كان الصباح حملت الريح الشرقية الجراد. فصعد الجراد