المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والآخرة، وبهذا التهديد والوعيد ختم الرد على مقترحي الآيات. ثم يختم - الأساس في التفسير - جـ ٥

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌ قسم المئين

- ‌[المجموعة الأولى من القسم المئين]

- ‌كلمة في قسم المئين:

- ‌سورة يونس

- ‌كلمة في سورة يونس ومحورها:

- ‌القسم الأول من سورة يونس

- ‌مقدمة السورة والمقطع الأول من القسم الأول

- ‌ملاحظة حول طريقتنا في تفسير ما سيأتي من القرآن:

- ‌كلمة بين يدي الآيات:

- ‌المعنى الحرفي لمقدمة السورة وللمقطع الأول من القسم الأول فيها:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الأولى

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ملاحظة:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثالثة

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الرابعة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌ المجموعة الخامسة

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة السادسة

- ‌فائدة:

- ‌ كلمة حول السياق

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌المجموعة الأولى

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌السؤال الأول وجوابه:

- ‌السؤال الثاني وجوابه:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌القسم الثاني من سورة يونس عليه السلام

- ‌المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌كلمة بين يدي هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في القصة القرآنية:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌القسم الثالث: وهو خاتمة السورة

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌ الفقرة الأولى

- ‌فوائد:

- ‌ الفقرة الثانية:

- ‌كلمة في سورة يونس:

- ‌سورة هود

- ‌ما ورد فيها:

- ‌كلمة في سورة هود ومحورها:

- ‌نقول عن السورة:

- ‌المقدمة والمقطع الأول:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني

- ‌المجموعة الأولى

- ‌المجموعة الثانية

- ‌المجموعة الثالثة

- ‌تفسير المجموعة الأولى

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌نقول من الظلال:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تفسير المجموعة الثانية

- ‌تفسير المجموعة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌نقل عن الظلال حول قصة صالح عليه السلام

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثالث

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ في الإصحاح الثامن عشر

- ‌وفي الإصحاح التاسع عشر:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الخامس

- ‌بين يدي هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المقطع السادس

- ‌بين يدي المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة أخيره في سورة هود:

- ‌سورة يوسف

- ‌نقل عن الألوسي في سورة يوسف عليه السلام:

- ‌كلمة في سورة يوسف ومحورها:

- ‌مقدمة سورة يوسف عليه السلام

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المشهد الأول

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المشهد الثاني

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المشهد الثالث من قصة يوسف عليه السلام

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ملاحظات:

- ‌ المشهد الرابع

- ‌التفسير:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌نقل عن الظلال:

- ‌المشهد الخامس

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌المشهد السادس

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌فوائد:

- ‌مختارات من تعليقات صاحب الظلال على قصة يوسف:

- ‌كلمة في السياق

- ‌خاتمة السورة

- ‌التفسير:

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول من الظلال:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سورة يوسف:

- ‌سورة الرعد

- ‌قال الألوسي في تقديمه لسورة الرعد:

- ‌كلمة في سورة الرعد ومحورها في السياق القرآني العام:

- ‌المقدمة:

- ‌[سورة الرعد (13): آية 1]

- ‌التفسير:

- ‌المقطع الأول

- ‌التفسير:

- ‌الموقف الأول:

- ‌الموقف الثاني:

- ‌الموقف الثالث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة الرعد

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفوائد:

- ‌المقطع الثالث والأخير من سورة الرعد

- ‌ملاحظة حول المضمون والسياق:

- ‌تفسير المقطع الثالث:

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في محل سورة الرعد:

- ‌سورة إبراهيم

- ‌قال الألوسي في تقديمه لسورة إبراهيم عليه السلام:

- ‌كلمة في سورة إبراهيم ومحورها:

- ‌المجموعة الأولى

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة الثانية

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌الإصحاح التاسع والعشرون

- ‌الإصحاح الثلاثون

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المجموعة الثالثة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌الفوائد:

- ‌المجموعة الرابعة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة الخامسة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة السادسة

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة السابعة

- ‌التفسير:

- ‌الفوائد:

- ‌المجموعة الثامنة

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌خاتمة السورة

- ‌[سورة إبراهيم (14): آية 52]

- ‌التفسير:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سورة إبراهيم:

- ‌كلمة في المجموعة الأولى من قسم المئين:

الفصل: والآخرة، وبهذا التهديد والوعيد ختم الرد على مقترحي الآيات. ثم يختم

والآخرة، وبهذا التهديد والوعيد ختم الرد على مقترحي الآيات.

ثم يختم المقطع، وتختم السورة كلها بهذه الآية. وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا أي لم يرسلك الله فأنت مدع قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ أي حسبي الله هو الشاهد علي وعليكم، شاهد علي بما بلغت من الرسالة، وشاهد عليكم بما تفترونه من الكذب، وقد أنزل علي، وأظهر على يدي من الأدلة على رسالتي ما قامت به الحجة وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ يشهد على رسالتي كذلك، والمراد بهم من أسلم من أهل الكتاب، فإسلامهم دليل على صحة رسالته، لأنهم لم يسلموا إلا لما علموه من التبشير في كتبهم، وقد كتبنا في كتابنا (الرسول صلى الله عليه وسلم فصلا خاصا عن البشارات برسولنا صلى الله عليه وسلم في الكتب الدينية العالمية.

‌كلمة في السياق:

كانت الآية الأولى في المقطع الأخير حديثا عن الله، ثم جاءت الآية الثانية فيه وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا .... وجاءت الآية الأخيرة: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ..... وبين ذلك ومع ذلك، وقبل ذلك ردود متعددة على الكافرين، فقد بدأت السورة بقوله تعالى: المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ فهذه البداية تقرر أن القرآن آيات، فالمقدمة ترد من البداية على مقترحي الآيات بأن الآيات هي القرآن، وتقرر أن هذا القرآن حق، وأن أكثر الناس لا يؤمنون، ثم تتابع السورة أقوال الكافرين وتردها، وتعلل سبب عدم إيمان الناس، ففيما بين المقدمة والخاتمة، وما بين المقاطع نفسها، وما بين ذلك كله ومحور السورة في السياق القرآني من اتصال ما قد رأيت، فسبحان الله منزل هذا القرآن، وخالق هذا الكون ظاهرهما أجزاء وباطنهما وحدة متكاملة.

‌فوائد:

1 -

في تفسير كلمة طوبى كلام كثير للمفسرين قال ابن كثير: (قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس (في تفسير طوبى) فرح وقرة عين، وقال عكرمة: نعم مآلهم. قال الضحاك: غبطة لهم. وقال إبراهيم النخعي: خير لهم، وقال قتادة: هي كلمة عربية يقول الرجل طوبى لك أي أصبت خيرا، وقال في رواية طوبى لهم حسنى لهم.

وَحُسْنُ مَآبٍ أي مرجع، وهذه الأقوال شئ واحد لا منافاة بينها، وقال سعيد ابن جبير عن ابن عباس (طوبى لهم) قال: هي أرض الجنة بالحبشية. وقال سعيد بن

ص: 2762

مسجوع: طوبى اسم الجنة بالهندية. وكذا روى السدي عن عكرمة طوبى لهم أي الجنة، وبه قال مجاهد. وقال العوفي عن ابن عباس: لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ وذلك حين أعجبته ..... )

2 -

بمناسبة قوله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ يذكر ابن كثير الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» .

3 -

بمناسبة قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ يذكر ابن كثير أن لفظ القرآن، قد يطلق على كل من الكتب المتقدمة، ويستشهد على ذلك بحديث رواه الإمام أحمد والبخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خفف على داود القرآن فكان يأمر بدابته أن تسرج فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، وكان لا يأكل إلا من عمل يده» . فالمراد بالقرآن في هذا الحديث الزبور، ومن ثم يكون معنى الآية، ولو أن كتابا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ....

لكان هذا القرآن، إلا أن قتادة قدر المحذوف في الآية تقديرا آخر فقال: لو فعل هذا بقرآن غير قرآنكم لفعل بقرآنكم .. وما اعتمده ابن كثير والنسفي ونقلناه في صلب التفسير وهو الأولى

4 -

وبمناسبة الكلام عن عظمة القرآن، وأنه به تقوم الحجة أثناء الكلام عن آية وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً .... قال ابن كثير: فإنه ليس ثمة حجة ولا معجزة أبلغ ولا أنجع في العقول والنفوس من هذا القرآن الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله.

5 -

وفي سبب نزول قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ..... ذكر ابن كثير ما ذكره ابن أبي حاتم بسنده عن عطية العوفي قال: قلت له: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ

الآية قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم لو سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها، أو قطعت بنا الأرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح، أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحيي الموتى لقومه. فأنزل الله هذه الآية.

قال: قلت: هل تروون هذا الحديث عن أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا روي عن ابن عباس والشعبي وقتادة وغير واحد في سبب نزول هذه الآية. والله أعلم.

ص: 2763

6 -

في قوله تعالى: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ أكثر من قول للمفسرين أحدها: ما ذكرناه في صلب التفسير وهو ما ينزله الله بالكافرين من بأس، وبعضهم فسرها بغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لعقر دار الكفر وجوارها. روى أبو داود الطيالسي بسنده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ قال سرية أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ قال محمد صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ قال فتح مكة. والذي نراه في هذا المقام أن سنة الله أن ينزل بعقر دار الكافرين وما جاورها قوارعه المستمرة إلى يوم القيامة، إما كعذاب أو كتسليط عليهم، وقد كان تسليط رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش نموذجا على جزء من هذه السنة.

7 -

بمناسبة قوله تعالى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا .... يذكر ابن كثير حديث الصحيحين: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ.

8 -

قراءة حفص التي شرحناها عند قوله تعالى: بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ تضم الصاد، وهناك قراءات متواترة تفتح الصاد فيكون المعنى: لقد صد هؤلاء الكافرون عن سبيل الله كما زين لهم المكر والكيد للإسلام وأهله فاستحقوا بشركهم وكيدهم وصدهم عن سبيل الله الضلال، فعقوبة الإضلال من الله لا تكون بلا سبب.

9 -

عند قوله تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا ينقل ابن كثير مجموعة أحاديث ننقلها جميعا مع حذف الأسانيد (قال ابن كثير: وفي الصحيحين: من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف وفيه قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت.

فقال: «إني رأيت الجنة- أو أريت الجنة- فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا» . وقال الحافظ أبو يعلى

عن جابر قال: بينما نحن في صلاة الظهر إذ تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدمنا، ثم تناول شيئا ليأخذه ثم تأخر، فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب: يا رسول الله صنعت اليوم في الصلاة شيئا ما رأيناك كنت تصنعه فقال:

«إني عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة فتناولت منها قطفا من عنب لآتيكم

ص: 2764

به، فحيل بيني وبينه، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه» وروى مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر شاهدا لبعضه، وعن عتبة بن عبد السلمي أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنة فقال فيها عنب؟ قال:«نعم» قال: فما عظم العنقود؟ قال: «مسيرة شهر للغراب الأبقع ولا يفتر» رواه الإمام أحمد. وقال الطبراني

عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى» وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون، طعامهم ذلك جشاء كريح المسك، ويلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النفس» رواه مسلم، وروى الإمام أحمد والنسائي من حديث الأعمش عن تمام بن عقبة سمعت زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب فقال يا أبا القاسم: تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال «نعم والذي نفس محمد بيده إن الرجل منهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة» قال: إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة وليس في الجنة أذى، قال:«تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كريح المسك فيضمر بطنه» . رواه الإمام أحمد والنسائي. وقال الحسن بن عرفة

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فيخر بين يديك مشويا» وجاء في بعض الأحاديث «أنه إذا فرغ منه عاد طائرا كما كان بإذن الله تعالى» وقد قال الله تعالى: وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (الواقعة:

32، 33) وقال: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا (الإنسان:

14) وكذلك ظلها لا يزول ولا يقلص كما قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا .... ) أهـ.

أقول: رأينا في بداية هذه الفائدة النصوص التي تذكر أن الجنة دنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورآها، وهذه النصوص من جملة ما استندنا إليه في أن السموات السبع والعرش من المخلوقات المغيبة عنا، فالملائكة سكان السموات غيب، والجنة- وهي فوق السماء السابعة- غيب، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دنت إليه، ورآها ولم يرها غيره، فالسّماوات السبع- والله أعلم- لا تخرج عن هذه الطبيعة فهي موجودة ولكنها مغيبة عنا

10 -

بمناسبة الكلام عن الظل الدائم في الجنة في قوله تعالى: أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها

ص: 2765

يذكر ابن كثير حديث الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب المجد الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها» ثم قرأ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ

11 -

بمناسبة قوله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً يذكر ابن كثير حديث الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآكل اللحم وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» كما يذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي عنه عليه الصلاة والسلام «أربع من سنن المرسلين: التعطر والنكاح والسواك والحناء» أي لشيب الرأس واللحية.

12 -

من الآيات التي دار حولها نقاش كثير بين العلماء واختلفوا في فهمها على أقوال متعددة، آية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ وقد ذكرنا في صلب التفسير أرجح ما ترجح عندنا، ولزيادة الفائدة نذكر هنا تلخيص ابن كثير لهذه الأقوال ننقله بحاله ما عدا الأسانيد، قال ابن كثير بعد أن ذكر القول الذي رجحناه: (قوله:

يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ اختلف المفسرون في ذلك فقال الثوري ووكيع وهشيم عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: يدبر أمر السنة فيمحو الله ما يشاء، إلا الشقاء والسعادة والحياة والموت، وفي رواية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال كل شئ إلا الموت والحياة والشقاء والسعادة فإنهما قد فرغ منهما، وقال مجاهد يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران، وقال منصور سألت مجاهدا فقلت: أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهم إن كان اسمي في السعداء فاثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه عنهم وأجعله في السعداء. فقال حسن، ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر فسألته عن ذلك فقال: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ الآيتين قال يقضي في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، فأما كتاب السعادة والشقاء فهو ثابت لا يغير، وقال الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة إنه كان كثيرا يدعو بهذا الدعاء: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحه واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. رواه ابن جرير وقال ابن جرير

عن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال- وهو يطوف بالبيت وهو يبكي-: اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة.

ص: 2766

وقال حماد

عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يدعو بهذا الدعاء أيضا ورواه شريك عن هلال بن حميد عن عبد الله بن عليم عن ابن مسعود بمثله، وقال ابن جرير

عن إبراهيم أن كعبا قال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة، قال: وما هى؟ قال: قول الله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ الآية ومعنى هذه الأقوال: أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء، قد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد

عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر» ورواه النسائي وابن ماجه من حديث سفيان الثوري به وثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمر. وفي حديث آخر «إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض» وقال ابن جرير

عن ابن عباس قال إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام، من درة بيضاء، لها دفتان من ياقوت- والدفتان لوحان- لله عز وجل كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. وقال الليث بن سعد

عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت» وذكر تمام الحديث. رواه ابن جرير وقال الكلبي يمحو الله ما يشاء يثبت وقال: يمحو من الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه، فقيل له من حدثك بهذا؟ فقال أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رباب عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سئل بعد ذلك عن هذه الآية فقال يكتب القول كله حتى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شئ ليس فيه ثواب ولا عقاب، مثل قولك أكلت وشربت دخلت وخرجت ونحو ذلك من الكلام وهو صادق، ويثبت ما كان فيه الثواب وعليه العقاب، وقال عكرمة عن ابن عباس: الكتاب كتابان: فكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وقال العوفي عن ابن عباس في قوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ يقول: هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة فهو الذي يمحو، والذي يثبت الرجل يعمل بمعصية الله وقد كان سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله وهو الذي يثبت. وروي عن سعيد بن جبير أنها بمعنى فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ يقول: يبدل ما يشاء فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ وجملة ذلك عنده في أم

ص: 2767

الكتاب الناسخ وما يبدل وما يثبت، كل ذلك في كتاب، وقال قتادة في قوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ كقوله ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها الآية، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال قالت كفار قريش لما نزل وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ما نرى محمدا يملك شيئا وقد فرغ الأمر، فأنزلت هذه الآية تخويفا ووعيدا لهم، إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا ونحدث في كل رمضان فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء من أرزاق الناس ومصائبهم وما يعطيهم وما يقسم لهم، وقال الحسن البصري يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال من جاء أجله يذهب، ويثبت الذي هو حي يجري إلى أجله، وقد اختار هذا القول

ابن جرير رحمه الله وقوله وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال الحلال والحرام، وقال قتادة أي جملة الكتاب وأصله، وقال الضحاك وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال كتاب عند رب العالمين،

وقال سنيد بن داود حدثني معتمر عن أبيه عن يسار عن ابن عباس أنه سأل كعبا عن أم الكتاب فقال: علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون، ثم قال: لعله كن كتابا فكان كتابا. وقال ابن جريج عن ابن عباس وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال:

الذكر)

أقول: لقد رجحنا أن المراد بالآية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من شرائعه وَيُثْبِتُ ما يشاء منها وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ أي اللوح المحفوظ، وقد ذهب بعض علماء التوحيد أن ما يطرأ عليه المحو هو صحف الملائكة التي كتبت فيها أحداث السنة، وأما اللوح المحفوظ فلا يطرأ عليه جديد لأنه مظهر من مظاهر علم الله.

13 -

حمل بعضهم قوله تعالى: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أن المراد به عبد الله ابن سلام قاله مجاهد. قال ابن كثير: (وهذا القول غريب لأن هذه الآية مكية) والذين اتجهوا إلى أن المراد به عبد الله بن سلام إما أنهم جعلوا الآية مدنية، أو أنهم جعلوا إسلام عبد الله بن سلام متقدما على الهجرة إلى المدينة، والذي نرجحه ما رجحه ابن كثير من كونها عامة في كل من أسلم من اليهود والنصارى، وأنها مكية، وما يروى خلاف ذلك فليس من القوة بحيث يعتمد.

14 -

ونختم هذه الفوائد بفائدة من حقها التقديم ولكنها أخرت لاعتقادنا أنها مهمة هذه الفائدة لها علاقة بالدعوة إلى الله والتربية، لقد رأينا أن هذه السورة أحد مضامينها الرئيسية تعليل ظاهرة الهداية والضلال، ومما قاله تعالى: وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ومن تم فإن

ص: 2768