المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف وأن الانضمام إليها - الأساس في التفسير - جـ ٥

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌ قسم المئين

- ‌[المجموعة الأولى من القسم المئين]

- ‌كلمة في قسم المئين:

- ‌سورة يونس

- ‌كلمة في سورة يونس ومحورها:

- ‌القسم الأول من سورة يونس

- ‌مقدمة السورة والمقطع الأول من القسم الأول

- ‌ملاحظة حول طريقتنا في تفسير ما سيأتي من القرآن:

- ‌كلمة بين يدي الآيات:

- ‌المعنى الحرفي لمقدمة السورة وللمقطع الأول من القسم الأول فيها:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الأولى

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ملاحظة:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثالثة

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الرابعة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌ المجموعة الخامسة

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة السادسة

- ‌فائدة:

- ‌ كلمة حول السياق

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌المجموعة الأولى

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌السؤال الأول وجوابه:

- ‌السؤال الثاني وجوابه:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌القسم الثاني من سورة يونس عليه السلام

- ‌المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌كلمة بين يدي هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في القصة القرآنية:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌القسم الثالث: وهو خاتمة السورة

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌ الفقرة الأولى

- ‌فوائد:

- ‌ الفقرة الثانية:

- ‌كلمة في سورة يونس:

- ‌سورة هود

- ‌ما ورد فيها:

- ‌كلمة في سورة هود ومحورها:

- ‌نقول عن السورة:

- ‌المقدمة والمقطع الأول:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني

- ‌المجموعة الأولى

- ‌المجموعة الثانية

- ‌المجموعة الثالثة

- ‌تفسير المجموعة الأولى

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌نقول من الظلال:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تفسير المجموعة الثانية

- ‌تفسير المجموعة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌نقل عن الظلال حول قصة صالح عليه السلام

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثالث

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ في الإصحاح الثامن عشر

- ‌وفي الإصحاح التاسع عشر:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الخامس

- ‌بين يدي هذا المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المقطع السادس

- ‌بين يدي المقطع:

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة أخيره في سورة هود:

- ‌سورة يوسف

- ‌نقل عن الألوسي في سورة يوسف عليه السلام:

- ‌كلمة في سورة يوسف ومحورها:

- ‌مقدمة سورة يوسف عليه السلام

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المشهد الأول

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المشهد الثاني

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ المشهد الثالث من قصة يوسف عليه السلام

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌ملاحظات:

- ‌ المشهد الرابع

- ‌التفسير:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌نقل عن الظلال:

- ‌المشهد الخامس

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌المشهد السادس

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌فوائد:

- ‌مختارات من تعليقات صاحب الظلال على قصة يوسف:

- ‌كلمة في السياق

- ‌خاتمة السورة

- ‌التفسير:

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول من الظلال:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سورة يوسف:

- ‌سورة الرعد

- ‌قال الألوسي في تقديمه لسورة الرعد:

- ‌كلمة في سورة الرعد ومحورها في السياق القرآني العام:

- ‌المقدمة:

- ‌[سورة الرعد (13): آية 1]

- ‌التفسير:

- ‌المقطع الأول

- ‌التفسير:

- ‌الموقف الأول:

- ‌الموقف الثاني:

- ‌الموقف الثالث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة الرعد

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفوائد:

- ‌المقطع الثالث والأخير من سورة الرعد

- ‌ملاحظة حول المضمون والسياق:

- ‌تفسير المقطع الثالث:

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في محل سورة الرعد:

- ‌سورة إبراهيم

- ‌قال الألوسي في تقديمه لسورة إبراهيم عليه السلام:

- ‌كلمة في سورة إبراهيم ومحورها:

- ‌المجموعة الأولى

- ‌التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة الثانية

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌الإصحاح التاسع والعشرون

- ‌الإصحاح الثلاثون

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المجموعة الثالثة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌الفوائد:

- ‌المجموعة الرابعة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة الخامسة

- ‌التفسير:

- ‌نقل:

- ‌فوائد:

- ‌المجموعة السادسة

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المجموعة السابعة

- ‌التفسير:

- ‌الفوائد:

- ‌المجموعة الثامنة

- ‌التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌خاتمة السورة

- ‌[سورة إبراهيم (14): آية 52]

- ‌التفسير:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سورة إبراهيم:

- ‌كلمة في المجموعة الأولى من قسم المئين:

الفصل: يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف وأن الانضمام إليها

يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثير التكاليف أيضا وأنه من ثم لا تنضم إليها- في أول الأمر- الجماهير المستضعفة المستخفة إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة، وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا.

وأن عدد هذه الصفوة يكون دائما قليلا جدا ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق بعد جهاد يطول أو يقصر، وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجا، وفي قصة يوسف ألوان من الشدائد في الجب، وفي بيت العزيز، وفي السجن وألوان من الاستيئاس من نصرة الناس .. ثم كانت العاقبة خيرا للذين اتقوا- كما هو وعد الله الصادق الذي لا يخيب- وقصة يوسف نموذج من قصص المرسلين فيها عبرة لمن يعقل، وفيها تصديق ما جاءت به الكتب المنزلة من قبل، على غير صلة دراسية بين محمد صلى الله عليه وسلم وهذه الكتب فما كان ممكنا أن يكون ما جاء به حديثا مفترى، فالأكاذيب لا يصدق بعضها بعضا ولا تحقق هداية ولا يستروح فيها القلب المؤمن الروح والرحمة: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. اهـ

‌فوائد:

1 -

بمناسبة قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ يذكر ابن كثير مجموعة من الأحاديث والآثار ينتظمها أنها في موضوع الشرك الخفي أو الظاهر.

وكعادتنا في حذف الأسانيد والاكتفاء برواية من المكرر ننقل الروايات التالية:

(في الصحيحين: أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك) وفي صحيح مسلم: أنهم كانوا إذا قالوا: لبيك لا شريك لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد قد» أي حسب حسب لا تزيدوا على هذا، وقال الله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (لقمان: 13) وهذا هو الشرك الأعظم: يعبد مع الله غيره، كما في الصحيحين: عن ابن مسعود قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» . وقال الحسن البصري في قوله: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ قال: ذلك المنافق يعمل إذا عمل رياء الناس وهو مشرك بعمله ذلك يعني قوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا

ص: 2711

قَلِيلًا (النساء: 142) وثم شرك آخر خفي لا يشعر به غالبا فاعله، كما روى حماد ابن سلمة .... عن عروة قال: دخل حذيفة على مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه- أو انتزعه- ثم قال: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ. وفي الحديث:

«من حلف بغير الله فقد أشرك» . رواه الترمذي وحسنه. وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» . وفي لفظ لهما «الطيرة شرك، وما منا إلا .. ، ولكن الله يذهبه بالتوكل» . وروى الإمام أحمد

عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت:

كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه، قالت: وإنه جاء ذات يوم، فتنحنح وعندي عجوز ترقيني من الحمرة، فأدخلتها تحت السرير، قالت: فدخل فجلس إلى جانبي فرأى في عنقي خيطا، فقال:

ما هذا الخيط؟ قال: قلت: خيط رقي لي فيه، فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرقى والتمائم

شرك» قالت: قلت له: لم تقول هذا وقد كانت عيني تقذف، فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها، فكان إذا رقاها سكنت، فقال: إنما ذاك من الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقاها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما» . وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد .... عن عيسى بن عبد الرحمن قال: دخلت على عبد الله ابن عكيم وهو مريض نعوده، فقيل له: لو تعلقت شيئا، قال: أتعلق شيئا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق شيئا وكل إليه» . وفي مسند الإمام أحمد من حديث عقبة ابن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من علق تميمة فقد أشرك» . وفي رواية «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له» . وروى مسلم

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» . وروى الإمام أحمد

عن أبي سعيد بن أبي فضالة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ينادي مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك» . وروى الإمام أحمد

عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» .

قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا

ص: 2712

جاز الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟». وروى الإمام أحمد

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك» . قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: «أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك» . وروى الإمام أحمد

عن رجل من بني كاهل قال: خطبنا أبو موسى الأشعري فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، فقام عبد الله ابن حرب وقيس بن المضارب فقالا: والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذونا لنا أو غير مأذون، قال: بل أخرج مما قلت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل» . فقال له من شاء الله أن يقول:

فكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: «قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه» . وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصححه النسائي من حديث يعلى بن عطاء سمعت عمرو بن العاص سمعت أبا هريرة قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعي، قال:«قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شئ ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه» . وزاد الإمام أحمد في رواية له في آخره «وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم» .

2 -

بمناسبة قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى تثار قضيتان: الأولى: أنه لا نبوة ولا رسالة في النساء. والقضية الثانية: أنه لا نبوة في أهل البادية: وفي القضية الأولى يقول ابن كثير بمناسبة الآية: (يخبر تعالى أنه أرسل رسله من الرجال لا من النساء وهذا قول جمهور العلماء، كما دل عليه سياق هذه الآية الكريمة، وأن الله تعالى لم يوح إلى امرأة من بنات بني آدم وحي تشريع، وزعم بعضهم أن سارة امرأة الخليل. وأم موسى. ومريم بنت عمران أم عيسى نبيات، واحتجوا بأن الملائكة بشرت سارة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وبقوله:

وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ الآية (القصص: 7)، وبأن الملك جاء إلى مريم فبشرها بعيسى عليه السلام، وبقوله تعالى: إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ، يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (آل عمران: 42) وهذا القدر حاصل لهن، ولكن لا يلزم

ص: 2713

من هذا أن يكن نبيات بذلك، فإن أراد القائل بنبوتهن هذا القدر من التشريف فهذا لا شك فيه، ويبقى الكلام معه في أن هذا هل يكفي في الانتظام في سلك النبوة بمجرده أم لا؟ الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم: إنه ليس في النساء نبية، وإنما فيهن صديقات كما قال تعالى مخبرا عن أشرفهن مريم بنت عمران حيث قال مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ (المائدة: 75) فوصفها في أشرف مقاماتها بالصديقية، فلو كانت نبية لذكر ذلك في مقام التشريف والإعظام، فهي صديقة بنص القرآن).

وفي القضية الثانية نقول: من المعروف أن المدينة أكثر ملاءمة لنمو الأخلاق الاجتماعية، والبلاغ على أهلها أسهل: ومن ثم كانت سنة الله ألا يرسل رسولا من أهل البادية. قال قتادة في قوله تعالى: مِنْ أَهْلِ الْقُرى لأنهم أعلم وأحلم من أهل العمود، فالقرية في الآية إذن تقابل البادية وليس شرطا أن تكون القرية كبيرة، وأما يعقوب عليه السلام فسكناه في البادية عارض، ولذلك ذكرهم يوسف عليه السلام بمنة الله عليهم، فقال: وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ ....

3 -

ينقل ابن كثير كلاما كثيرا للمفسرين في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا إذ هذه الآية من الآيات التي يحتدم حول فهمها النقاش، وما ذكرناه أثناء التفسير هو أجود ما يقال فيها فتأمله. ولنذكر هنا روايتين ذكرهما ابن كثير على نفس النسق الذي اعتمدناه.

روى الأعمش عن مسلم عن ابن عباس في قوله حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قال: لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم جاءهم النصر على ذلك فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ.

وروى ابن جرير بسنده عن إبراهيم بن أبي حمزة الجزري قال: سأل فتى من قريش سعيد بن جبير قال: أخبرنا أبا عبد الله كيف هذا الحرف، فإني إذا أتيت عليه تمنيت أن لا أقرأ هذه السورة حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قال: نعم حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا،

فقال الضحاك بن مزاحم: ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ، لو رحلت إلى اليمن في هذه كان قليلا.

ص: 2714