الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريدُ هذا ابن الخطاب الذي صبأ، قال: لا سبيل إليه. فكر الناسُ.
وفي رواية قال: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبأ عمر - وأنا غلامٌ فوق ظهر بيتي - فجاء رجلٌ عليه قباء من ديباجٍ، فقال: قد صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جاز، فرأيتُ الناس تصدعوا عنه، فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائلٍ.
116 -
* روى الطبراني عن عمر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لا أدعُ مجلساً جلسته في الكفر إلا أعلنت فيه الإسلام، فأتى المسجد وفيه بطون قريش متحلقة فجعل يعلن الإسلام ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فثار المشركون فجعلوا يضربونه ويضربهم. فلما تكاثروا عليه خلصه رجل فقلت لعمر: من الرجل الذي خلصك من المشركين؟ قال: ذاك العاص بن وائل السهمي.
* * *
دروس من إسلام عمر وحمزة:
إن معرفة الرجال وإدراك مزاياهم والاستفادة من كفاءاتهم شيء لا يلحق به أحد من الناس رسولنا عليه الصلاة والسلام وفي قصة عمر نموذج، والقائد الذي لا يدرك مزية الرجال ويحسن الاستفادة من قوة القوي منهم قائد فاشل وضائع.
ولقد عز الإسلام بعمر من حيث إنه حمل هذا الدين جهرة وتحدى به وصارع من أجله - دون قتال - ومن هنا نعرف أن مجرد إظهار الدعوة والوقوف بقوة معها واثبات على ذلك يعتبر نصراً للإسلام وأهله.
وبإسلام حمزة وعمر وجد وضع جديد في مكة، وبخروج بعض الأصحاب إلى الحبشة
= الناس: رجعوا. القباء: ثوب يبس فوق الثياب. الديباج: نوع من الثياب يصنع من الإبرسيم، وهو أحسن أصناف الحرير، جار: أنا لفلان جار، أي: حام، وفلان في جواري: في حِمَاي وحفطي، تصدعوا عنه: أي تفرقوا عنه.
116 -
قال في المجمع (9/ 65): روا الطبراني ورجاله ثقات.
زادت أضغان المشركين، ولكن أبا طالب كان يحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا كله دعا قريشاً لأن تفكر وتعمل الحيلة، فهداها شيطانها إلى فكرة المقاطعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن يتعاطف معهم مما ألجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأبا طالب وبني هاشم وبني المطلب ما عدا أبا لهب إلى الدخول في شعب أبي طالب لمواجهة الحصار الاقتصادي والاجتماعي مجتمعين، وكانت محنة جديدة استمرت ثلاث سنين، أنهك فيها أبو طالب وخديجة فتوفيا على إثرها، وههنا ازدادت المحنة وبدأت قريش بالإيذاء المباشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من آثار ذلك أن قرر رسول الله الرحلة إلى الطائف للدعوة هناك، فوقفت منه ثقيف موقفاً هو شر من موقف قريش فعاد إلى مكة ودخلها بحماية المطعم بن عدي.
وخلال هذه الأحداث كلها كانت الدعوة مستمرة، والتبليغ قائماً على قدم وساق، وفُتح آخر الأمر الطريق إلى المدينة بدخول الإسلام إلى أهلها على مدار ثلاث سنوات متوالية حدثت خلالها حادثة الإسراء والمعراج كمقدمة لميلاد الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، ثم كان آخر الأمر الهجرة إلى المدينة.
* * *