الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى وليالي من جمادي الآخرة، ووداع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً.
2 - في الحركة العسكرية:
حدث في هذا العام:
1 -
غزوة الأبواء أو ودان: في صفر سنة 2 هـ - وودان بالفتح والتشديد - موضع بين مكة والمدينة بينه وبين رابغ مما يلي المدينة تسعة وعشرون ميلاً، والأبواء موضع بالقرب من ودان.
قال في الرحيق المختوم: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه بعد أن استخلف على المدينة سعد ابن عبادة في سبعين رجلاً من المهاجرين خاصة يعترض عيراً لقريش حتى بلغ ودان، فلم يلق كيداً. أهـ.
وفي هذه الغزوة عقد معاهدة حلف مع مَخْشِيٍّ بن عمرو الضمري، وكان سيد بني ضمرة في زمانه، وهاك نص المعاهدة:
هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمرة، فإنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإن لهم النصر على من رامهم إلا أن يحاربوا دين الله، مابَلِّ بحر صُوفة (1). وأن النبي إذا دعاهم لنصره أجابوه. (المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني).
وهذه أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة، وكان اللواء أبيض وحامله حمزة بن عبد المطلب.
2 -
غزوة بُواط: في شهر ربيع الأول سنة 2 هـ الموافق سبتمبر سنة 624 م، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه يعترض عيراً لقريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش، وألفان وخمسمائة بعير، فبلغ بواطاً من ناحية رضوى (2) ولم يلق كيداً.
(1) ما بل بحر صوفة: تعبير دارج عند العرب بمعنى على الدوام.
(2)
بواط ورضوى: جبلان بينهما وبين المدينة أربعة برد.
واستخلف في هذه الغزوة على المدينة سعد بن معاذ، واللواء كان أبيض، وحامله سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه.
3 -
غزوة سَفْوان: في شهر ربيع الأول سنة 2 هـ الموافق سبتمبر (أيلول) سنة 623 م، أغار كرز بن جابر الفهري في قوات خفيفة من المشركين على مراعي المدينة، ونهب بعض المواشي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من أصحابه لمطاردته، حتى بلغ وادياً يقال له سفوان من ناحية بدر، ولكنه لم يدرك كرزاً وأصحابه، فرجع من دون حرب، وهذه الغزوة تسمى بغزوة بدر الأولى.
واستخلف في هذه الغزوة على المدينة زيد بن حارثة، وكان اللواء أبيض، وحامله على ابن أبي طالب.
4 -
غزوة ذي العُشيرة: في جمادي الأولى، وجمادي الآخرة سنة 2 هـ الموافق نوفمبر وديسمبر (تشرين الثاني وكانوا الأول) سنة 623 م، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمسين ومائة ويقال: في مائتين من المهاجرين، ولم يكره أحداً على الخروج، وخرجوا على ثلاثين بعيراً يعتقبونها، يعترضون عيراً لقريش، ذاهبة إلى الشام، وقد جاء الخبر بفصولها من مكة فيها أموال لقريش، فبلغ ذا العشيرة، فوجد العير قد فاتته بأيام، وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام، فصارت سبباً لغزوة بدر الكبرى.
وكان خروجه صلى الله عليه وسلم في أواخر جمادي الأولى، ورجوعه في أوائل جمادي الآخرة على ما قاله ابن إسحاق، ولعل هذا هو سبب اختلاف أهل السير في تعيين شهر هذه الغزوة. (وبعضهم يرى أن هذه الغزوة هي نفسها غزوة وَدَّان).
وفي هذه الغزوة عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة عدم اعتداء مع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة.
واستخلف على المدينة في هذه الغزوة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وكان اللواء في هذه الغزوة أبيض، وحامله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
5 -
سرية نخلة: في رجب سنة 2 هـ الموافق يناير سنة 624 م، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة في اثني عشر رجلاً من المهاجرين كل اثنين يعتقبان
على بعير.
6 -
في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة حدثت واقعة بدر، وكان خروج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة في 8 أو في 12 من الشهر.
7 -
قال في الرحيق: نقلت استخبارات المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد بدر أن بني سليم من قبائل غطفان تحشد قواتها للغزو على المدينة، فباغت النبي صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب هذه القبائل المتحشدة في عقر دارها، وبلغ إلى منازلهم في موضع يقال له الكَدْر (1). ففر بنو سليم وتركوا في الوادي خمسمائة بعير استولى عليها جيش المدينة، وقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إخراج الخمس فأصاب كل رجل بعيرين، وأصاب غلاماً يقال له (يسار) فأعتقه.
وأقام النبي صلى الله عليه وسلم في ديارهم ثلاثة أيام، ثم رجع إلى المدينة وكانت هذه الغزوة في شوال سنة 2 هـ بعد الرجوع من بدر بسبعة أيام، واستخلف في هذه الغزوة على المدينة سباع بن عرفطة. وقيل: ابن أم مكتوم.
8 -
وفي شوال سنة 2 هـ حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قينقاع بعد نقضهم للعهد، فنزلوا على حكمه فأجلاهم إلى الشام.
9 -
وفي هذه السة حاول عمير بن وهب الجمحي اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف، وكاشفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأسراره فأسلم.
10 -
وفي ذي الحجة سنة 2 هـ حدثت غزوة السويق كرد على محاولة قريش أخذ ثأرها من بدر فارتدت على أعقابها هاربة ملاحقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال في الرحيق: وقصة ذلك أنه بينما كان صفوان بن أمية واليهود والمنافقون يقومون بمؤامرتهم وعملياتهم كان أبو سفيان يفكر في عمل قليل للغارم ظاهر الأثر، يتعجل به، ليحفظ مكانة قومه، ويبرز ما لديهم من قوة، وكان قد نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمداً. فخرج في مائتي راكب ليبر يمينه، حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له نيب، من المدينة على بريد (2) أو نحوه، ولكنه لم يجرؤ على مهاجمة المدينة جهاراً، فقام
(1) الكدر: اسم ماء لبني سليم قبل نجد.
(2)
البريد: اثنا عشر ميلاً.
بعمل هو أشبه بأعمال القرصنة، فإنه دخل في ضواحي المدينة في الليل مستخفياً تحت جنح الظلام، فأتى حُيي بن أخطب، فاستفتح بابه، فأبى وخاف فانصرف إلى سلام بن مشكم - سيد بني النضير، وصاحب كنزهم إذ ذاك - فاستأذن عليه فأذن. فقراه وسقاه الخمر، وبطن له من خبر الناس، ثم خرج ابو سفيان في عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث مفرزة منهم، فأغارت على ناحية من المدينة يقال لها "العُرَيْض"، فقطعوا وأحرقوا هناك أسواراً من النخل، ووجدوا رجلاً من الأنصار وحليفاً له في حرث لهما فقتلوهما، وفروا راجعين إلى مكة.
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فسارع لمطاردة أبي سفيان وأصحابه، ولكنهم فروا ببالغ السرعة، وطرحوا سويقاً (1) كثيراً من أزوادهم وتمويناتهم يتخففون به، فتمكنوا من الإفلات، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قرقرة الكدر (2)، ثم انصرف راجعاً، وحمل المسلمون ما طرحه الكفار من سويقهم، وسموا هذه المناوشة بغزوة السويق. وقعت في ذي الحجة سنة 2 هـ بعد بدر بشهرين، واستعمل على المدينة في هذه الغزوة أبا لبابة بن عبد المنذر. أهـ.
* * *
* وهكذا نجد في هذه السنة تلاحم عملية البناء للأمة مع الحركة السياسية والعسكرية على أشدها فالمسلمون في حركة عسكرية دائمة، ومع هذه الحركة حركة سياسية تظهر بالتحالفات وقطع الطريق على تألب الأعداء أو غدرهم مع تنزل التشريع شيئاً فشيئاً بما يعمق الوحدة وينير الطريق لتقوم صروح التشريع الإسلامي على أرضية الواقع والخلود.
* وبسبب من الانتصارات في هذه السنة فقد دخل مشركو المدينة في الإسلام، فمنهم صادق ومنهم كاذب ومن ههنا بدأت ظاهرة النفاق في المدينة المنورة.
* ومن خلال الحركة السياسية والعسكرية ندرك أن: الحكم والدولة والسياسة تحتاج إلى يقظة وسهر دائم وأخذ بالأسباب وقوة مبادرة وكل ذلك نجده في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم على
(1) السويق: أن تحمص الحنطة أو الشعير أو نحو ذلك ثم تطحن ثم يسافر بها وقد تمزج باللبن والعسل والسمن وإلا فبالماء.
(2)
قرقرة: الكدر: موضع بناحية المعدن، بينها وبين المينة ثمانية فرد.
أكمله، وهناك تصرفات فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكون منسوخة، ولكن بقى المنحى العام الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سُنَّةً ينبغي أخذها بعين الاعتبار، فالحركة الدائمة والتحالفات المستمرة سمتان ينبغي أن تفطن لهما الحركة الإسلامية المعاصرة مع الأخذ بعين الاعتبار الشورى والفتوى والمصلحة الإسلامية العليا.
* إن الذين يشتغلون بالعمل السياسي والعسكري يصبح في حكم البديهي عندهم أن النجاح في المعركة يقتضي أن تقطع طرق الإمداد عن عدوِّك، وأن تخذل عنه ما استطعت، وأن تبقي طرق إمندادك مفتوحة وتجمع حولك ما استطعت، ومن لم تستطع أن تحشده معك فلا أقل أن تُحيده ف يمعركتك مع خصمك الرئيسي، وبقدر نجاح القائد العسكري أو السياسي في مثل هذه الأمور تظهر عبقريته، وقليلون من الساسة والعسكريين هم الذين يستطيعون أن يحققوا هذه المعاني متكاملة دون أن يرتكبوا خطأ، وأقل من القليل الذين يستطيعون أن يفعلوا ذلك دون أن يتناقضوا مع دعواتهم ورسالتهم إن كان لهم دعوة أو رسالة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حقق هذه المعاني مجتمعة على كمالها وتمامها، فأي شرف لهذا العالم أن يكون فيه مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأي قدوة للإنسان هذا الرسول؟.
* وكل العسكريين والسياسيين يدركون أهمية الحركة الداخلية والخارجية في حياة الشعوب والجيوش كما يدركون أهمية التوعية والتربية والثقافة، ولكن القلة هي التي تقدر على أن توائم بين هذه المعاني فتحققها جميعاً، وأقل من القليل هم الذي تكون توعيتهم وتربيتهم وتثقيفهم حقاً وحركتهم ضمن الحدود التي لا تزيد ولا تنقص عن القدر المطلوب، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حقق هذه المعاني كلها على غاية من الكمال ما كانت لتكن لولا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما حدث في هذه السنة نموذج، ولا يعرف أحد أبعاد هذه المعاني إلا إذا استوعب نصوص الكتاب والسنة واستوعب دروس السيرة.
* ولما كان كثير من مواضيع السيرة تأتي في أمكنة متفرقة من كتب السنة، فنحن ههنا لن نتحدث عن الصغيرة والكبيرة من الحوادث والأحكام فلذلك مقاماته في هذا الكتاب، ولذلك سنقتصر ههنا على أبرز الأحداث.