المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌منهج تأليف هذا الكتاب - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ١

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ النَّاشِر

- ‌مقدمةالأساس في السنة وفقهها

- ‌أولاً: تعريف بهذا الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ضخامة المكتبة الحديثية:

- ‌منهج تأليف هذا الكتاب

- ‌أقسام الكتاب

- ‌ثانياً: تعريف بأصول هذا الكتاب ومصنفيها

- ‌1 - الإمام البخاري وصحيحه

- ‌الجامع الصحيح

- ‌الحامل له على تأليف الصحيح:

- ‌منهج البخاري في جمع الصحيح:

- ‌براعة البخاري في النقد:

- ‌شروط البخاري في التصحيح في القمة:

- ‌2 - الإمام مسلم وصحيحه

- ‌صحيح الإمام مسلم

- ‌سماحة الإمام في البحث:

- ‌منهج مسلم في صحيحه:

- ‌خصائص صحيح مسلم:

- ‌3 - الإمام أبو داود وسننه

- ‌4 - الإمام الترمذي وسننه

- ‌5 - الإمام النسائي وسننه

- ‌6 - ابن ماجه وسننه

- ‌7 - الدارمي وسننه

- ‌شيوخه:

- ‌من روى عنه:

- ‌ثناء الأئمة عليه:

- ‌مرتبة هذه السنن عند المحدثين:

- ‌8 - الإمام مالك وموطؤه

- ‌9 - الإمام أحمد ومسنده

- ‌10 - 11 - 12 - معاجم الطبراني الثلاثة

- ‌13 - ابن حبان وصحيحه

- ‌14 - ابن خزيمة وصحيحه

- ‌15 - أبو يعلي ومسنده

- ‌16 - أبو بكر البزار ومسنده

- ‌17 - الحاكم ومستدركه

- ‌18 - رزين وابن الأثير وابن الديبع الشيبانيوالأصول الستة

- ‌19 - نور الدين الهيثمي ومجمع الزوائد

- ‌20 - محمد بن محمد بن سليمان المغربيوكتابه جمع الفوائد

- ‌المقدمة

- ‌تصحيح مفاهيم حول السيرة:

- ‌(1)حاجة البشرية إلى الدين

- ‌(2)محمد الرسول الأكمل صلى الله عليه وسلم

- ‌(3)شرط التاريخية

- ‌(4)شرط الكمال المطلق

- ‌(5)شرط الشمولية

- ‌(6)واقعية السيرة المحمدية

- ‌(7)عالمية السيرة المحمدية

- ‌(8)حقية الرسالة المحمدية وأياديها على البشرية

- ‌الباب الأولمنسيرته صلى الله عليه وسلموهومن البدء حتى النبوة الشريفة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌فَصْلٌ: في فضل النَّسَبِ وفي فضل الجيل

- ‌نسب الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌اصطفاء نبينا من خير بني آدم ومن خير الأجيال

- ‌تزكية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وللصحابة

- ‌فائدة:

- ‌[هاجر] جدة رسولنا - عليهما الصلاة والسلام

- ‌تعليق حول صدق إبراهيم عليه السلام

- ‌قصة إسماعيل الذبيح عليه السلام وبناء البيت

- ‌فائدة في التعريف بالقبائل العربية

- ‌فصل: في بعض البشارات بنبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌بشارات في الكتب السابقة:

- ‌تعليق:

- ‌في قصة بحيرا شاهد على أنه عليه الصلاة والسلام مبشر به:

- ‌فائدة حول موضوع الكشف للأولياء:

- ‌فصل: في الميلاد

- ‌متى ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فائدة:

- ‌ولد يتيماً صلى الله عليه وسلم:

- ‌تعليق حول الحكمة من هذا اليتم وذاك الفقر:

- ‌فصل: في أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌تعليق:

- ‌ما جاء عن رضاعه وتنشئته في البادية:

- ‌فائدة حول تنشئته صلى الله عليه وسلم في البادية:

- ‌فصل: في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم وتكرار هذه الحادثة

- ‌فوائد حول حادثة شق الصدر:

- ‌فصل: في رعيه صلى الله عليه وسلم الغنم والحكمة من ذلك

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في عصمته صلى الله عليه وسلم مما يشينه حتى قبل البعثة

- ‌بناء البيت وعصمته من كشف العورة:

- ‌عصمته من فعل الجاهلية:

- ‌تعليق:

- ‌فصل: في حضوره صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌فوائد حول حادث حلف الفضول:

- ‌فصل: في الإجارة عند خديجة ثم زواجه صلى الله عليه وسلم منها

- ‌تعليق حول الروايات السابقة:

- ‌فصل: في رجاحة عقله صلى الله عليه سلم وتلقيبه بالأمين قبل البعثة

- ‌فائدة حول تحكيمه صلى الله عليه وسلم في وضع الحجر الأسود:

- ‌بركته ومحبة الناس له وثقتهم به:

- ‌فصل: في مقدمات بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌تطلعات إلى دين جديد صحيح:

- ‌نقل حول ما وصل إليه العرب من سوء الأحوال وحاجتهم إلى الدين الجديد:

- ‌الفترة التي بين عيسى ونبينا - عليهما الصلاة والسلام

- ‌إرهاصات بنبوته صلى الله عليه وسلم:

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة الباب

- ‌الباب الثانيمنالبعثة حتى الاستقرار في المدينة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌من ملامح هذه المرحلة

- ‌فصل: في بدء الوحي وفترته واستئنافه

- ‌السر في الخلوة:

- ‌حياته قبل النبوة:

- ‌المراحل الأولى للوحي:

- ‌فصل: في ظاهرة الوحي

- ‌أقسام الوحي:

- ‌حفظ أمر السماء بعد النبوة:

- ‌القرآنمعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الخالدة

- ‌متى وكيف نزل القرآن:

- ‌فصل: في الدعوة السرية

- ‌بداية الدعوة في سريتها وفرديتها:

- ‌فصل: في الدعوة الجهرية

- ‌أصناف خصوم الدعوة الجهرية:

- ‌فصل ووصل

- ‌فصل: في هجرتي الحبشة

- ‌دروس من الهجرة إلى الحبشة:

- ‌فصل: في إسلام عمر وحمزة

- ‌دروس من إسلام عمر وحمزة:

- ‌فصل: في حصار الشِّعْب

- ‌درس من الحصار:

- ‌جزاء المقاطعة:

- ‌فصل: في انشقاق القمر

- ‌فصل: الإيذاء مستمر والدعوة مستمرة

- ‌فصل: عام الحزن والشدّة

- ‌فصل: في رحلة الطائف

- ‌فصل: في تبليغ الجن

- ‌الفرج بعد الشدة:

- ‌فصل: في تكسير بعض الأصنام

- ‌فصل: في الإسراء والمعراج

- ‌زمن الإسراء والمعراج:

- ‌الإيمان بالإسراء والمعراج:

- ‌الإسراء بالروح وبالجسد:

- ‌فصل: في بداية دخول الإسلام المدينة المنورةوفي بيعتي العقبة

- ‌فصل: في الهجرة إلى المدينة المنورة

- ‌مقدمة:

- ‌الهجرة من دار الحرب إلى دار السلام:

- ‌فوائد من فتح الباري:

- ‌تعليق:

- ‌فوائد من كتاب الهجرة للدكتور محمد أبو فارس:

- ‌تأملات في العهد المكي وتصويبات

- ‌الباب الثالثمِنالاستقرار في المدينة حتى الوفاة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌من ملامح هذه المرحلة

- ‌السنة الأولى للهجرة

- ‌أحادث السنة الأولى في سطور

- ‌فصل: المدينة عند الهجرة

- ‌ اليهود

- ‌الأوس والخزرج:

- ‌الوضع الطبيعي:

- ‌الحالة الدينية والمكانة الاجتماعية:

- ‌الحالة الاقتصادية والحضارية:

- ‌فصل: التأريخ بالهجرة

- ‌ للبداءة بالمحرم سببان:

- ‌فصل: في حسن الاستقبال وقوة الإقبال

- ‌فصل: المسجد أولاً

- ‌فصل: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌أهداف المؤاخاة:

- ‌فصل: في الترتيبات الدستورية

- ‌دروس من الصحيفة:

- ‌فصل: في البيعة

- ‌فصل: في الإذن بالقتال وبدء الحركة القتالية

- ‌فصل: في أمور متفرقةحدثت في السنة الأولى

- ‌1 - إسلام عبد الله بن سلام:

- ‌2 - خروج وباء المدينة منها:

- ‌3 - دخوله عليه الصلاة والسلام بعائشة:

- ‌4 - تشريع الأذان وإكمال الصلاة:

- ‌5 - حراسة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الأولى

- ‌السنة الثانية للهجرة

- ‌هذه السنة في سطور

- ‌1 - في تحالفات هذا العام:

- ‌2 - في الحركة العسكرية:

- ‌فصل: في سرية عبد الله بن جحش

- ‌دروس من هذه السرية:

- ‌الحكمة في السرايا:

- ‌فصل: في تحويل القبلة

- ‌دروس في تحويل القبلة:

- ‌عدد غزواته صلى الله عليه وسلم:

- ‌فصل: في غزوة بدر

- ‌تمهيد:

- ‌1 - مقدمات الغزوة

- ‌2 - صور ومشاهد

- ‌عوامل النصر

- ‌3 - الأنفال

- ‌فوائد:

- ‌4 - فضل أهل بدر

- ‌5 - الأسارى

- ‌6 - آيات بدرية

- ‌7 - من فقه غزوة بدر

- ‌8 - في أعقاب بدر

- ‌من نعم الله على المسلمين في غزوة بدر:

- ‌فصل: في إجراء يهود بني قينُقاعٍ

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الثانية للهجرة

الفصل: ‌منهج تأليف هذا الكتاب

‌منهج تأليف هذا الكتاب

1 -

تستطيع أن تقول إذا قرأت هذا الكتاب أنك كدت أن تحيط بمعاني السنة النبوية، لأنه حوى الهدي النبوي الذي روته أمهات كتب السنة وهي سبعة عشر كتاباً هي: صحيحا البخاري ومسلم، والسنن الخمسة: لأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي، وموطأ الإمام مالك، ومسانيد الإمام أحمد وأبي يعلي الموصلي وأبي بكر البزار، وصحيحا ابن خزيمة وابن حبان، ومعاجم الطبراني الثلاثة، ومستدرك الحاكم، وما تيسر جمعه من غير هذه الكتب من صحيح السنة وحسنها.

فقد اتجه الهمة لأن تكون هذه الكتب السبعة عشر هي أصول هذا الكتاب، على أن أستفيد من الكتب التي جمعت بعضها أو أكثر من أمثال الجامع للأصول لابن الأثير أو مجمع الزوائد للهيثمي أو جمع الفوائد لحمد بن محمد بن سليمان المغربي.

2 -

وقد ألزمت نفسي ألا آخذ من هذه الأصول إلا حديثاً صحيحاً أو حسناً، وقد أدخلت في الكتاب بعض ما صادفني من الحديث الصحيح أو الحسن مما ليس في الكتب السبعة عشر، فتميز هذا الكتاب على كتب الجمع الأخرى بأنه ما حوى إلا الصحيح والحسن، وحاول أن يستقصي أصوله، مع ملاحظة أن هناك روايات في أصول هذا الكتاب لا تدخل بشكل مباشر في مقصوده، فأسقطتها، فهناك روايات كثيرة مثلاً تتحدث عن أنساب الصحابة وعن تاريخ وفياتهم مما يصلح لدراسات إحصائية استقرائية، ومما محله كتب التاريخ ومما لا تعلق مباشراً له بالهدي النبوي الذي يحتاجه كل مسلم، أو بالمعرفة التي يُطالب بها كل مسلم، ولذلك فقد أسقطت مثل هذه الروايات في الغالب من كتابي.

وقد أدخلت في هذا الكتاب بعض الأحاديث المرسلة مع ما يقال في الأحاديث المرسلة، لأن لها محلها في البناء الأصولي لمن يريد التحقيق، وأدخلت روايات أناس اختلف عليهم إذا حكم إمام لحديثهم بالصحة أو الحسن إذا وُجد ما يقوي الرواية.

3 -

ولم أكتف بتصحيح أو تحسين من اشتهر عنهم أنهم يتساهلون في التصحيح والتحسين كالترمذي وابن حبان والحاكم إلا إذا أكد ذلك إمام آخر أو محقق ثبت، وكل ذلك ليطمئن

ص: 25

القارئ والداعية أن ما يأخذه من هذا الكتاب حجة وبه تقوم الحجة بإذن الله، ونرجو أن يكون مأجوراً في علمه وعمله إذا بناه على هذا الكتاب.

وإذا كنا أد

خلنا روايات لأناس اختلف عليهم فذلك لأن التصحيح والتحسين والتضعيف يخضع في بعض حيثياته لعوامل ذوقية. وللتبحر في علم الحديث، وللخبرة دخلهما في ذلك، ومن ثم كان للاجتهاد دخل في التصحيح أو التحسين أو التضعيف، ألا ترى أن بعض قواعد الجرح والتعديل محل خلاف؟

ومع أننا أدخلنا بعض ما اختلف فيه إذا كان التحقيق يوصل إلى تصحيح أو تحسين، فقد حاولنا أن نذكر وجهات النظر الأخرى إذا عثرنا عليها احتياطاً لحرمة جناب السنة النبوية المطهرة.

وإنما انصب جهدي على جمع الصحيح والحسن؛ لأنهما اللذان عليهما مدار الأحكام، وبهما تقوم الحجة، ولم أدخل الضعيف في متن هذا الكتاب - مع أن الضعيف لا يعتبر موضوعاً بالضرورة، وبالتالي فاحتمال أنه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم - لأنني استهدفت بهذا الكتاب معاني متعددة ..

منها: أن يألف القارئ العبارة النبوية وأن يراها خالصة لا يخالطها غيرها.

ومنها: حفظ القارئ عن التشويش والاضطراب وتغير الخاطر وقلق الفكر.

ومنها: حفظ وقت القارئ.

ومنها: أن يندفع القارئ في العمل دون تردد.

4 -

وقد كنت ذكرت في مقدمة كتاب الأساس في التفسير بعض احتياجات الأمة الإسلامية في عصرنا بالنسبة للسنة فقلت:

أ - المسلم المعاصر عنده رغبة في أن يتعرف على السنة المتواترة والصحيحة والحسنة السند، ويحتاج إلى كتاب جامع لذلك كله، على أن يكون هذا الكتاب مضبوطاً شكله

ص: 26

مشروحاً غريبه.

ب - والمسلم غير المتخصص في الحديث يهمه كذلك أن يأخذ الجوهر - دون ما احتاجه هذا الجوهر لحمايته - أي هو يحرص على أن يقرأ متون السنة دون أسانيدها.

جـ - والمسلم المعاصر بحاجة إلى أني فهم السنة فهماً صحيحاً وأن يأخذ الجواب الشافي على كثير من الإشكالات، وأن يعرف كثيراً من الأمور التي يتلجلج في قلبه سؤال عنها.

د - وهناك شبهات حول السنة يثيرها أعداء الله عز وجل، وهناك مناقشات حادة حول الكثير من الأمور بين المسلمين أنفسهم في شأن فهم الكثير من متون السنة، وكل ذلك يحتاج المسلم المعاصر إلى أن يرتاح قلبه في شأنه.

هذا ما ذكرته في مقدمة كتاب التفسير عما يحتاجه المسلم المعاصر بالنسبة للسنة وشيء عادي أن أراعي ذلك في هذا الكتاب.

5 -

ولما كان هذا الكتاب ليس جمعاً للسنة فقط، بل جمع للسنة وحديث عن شيء من فقهها، وذلك من أهداف هذا الكتاب، فإنني أدخلت بعض تحقيقات أهل الاختصاص فيه، وذلك شيء لابد منه لمريد فهم السنة؛ فهناك نصوص في السنة فهمها بعض الناس فهماً خاطئاً فضلوا وأضلوا، كتلك الفرق المنشقة عن جسم الأمة الإسلامية.

وهناك نصوص يمكن أن يفهمها بعض الناس فهماً خاطئاً كالنصوص التي تتحدث عن تسلسل الأحداث إلى قيام الساعة، وأقواله عليه الصلاة والسلام من جوامع الكلم، وأفعاله كلها في غاية من الحكمة، وفي هذا وذاك يوجد الفقيه والأفقه، والاستفادة من فقه أهل الفقه مهمة.

وهناك نصوص تعددت في فهمها أو في الموقف منها آراء أئمة الاجتهاد فكان لابد من تبيان أسباب ذلك لتبقى ثقة الأمة الإسلامية بأئمتها على أشدها فذلك هو الذي يعصم من السير وراء الأهواء، أو عن الاندفاع وراء الآراء الشاذة، أو عن الخطأ في المواقف.

وهناك - أيضاً - قضايا كثيرة تحتاج إلى أن يذكر فيها تحقيق المحققين كل في

ص: 27

اختصاصه، فمثلاً: تجد في السيرة كثيراً من النصوص الصحيحة والحسنة تشير إلى حادثة بعينها، ولكنك لا تجد في النصوص الصحيحة والحسنة التفصيلات، فإذا ما وجدت تفصيلات عند أئمة السير والمغازي فهذه التحقيقات مهمة ومفيدة، فهي لا تخرج عن أن يكون مضمونها مذهباً لصاحب التحقيق، فإذا كان إماماً فلنا في هذه الحالة أن نتابعه في قضية ليس فيها نص مخالف، وفي قضايا العقائد أو السلوك أو الفقه أو الطب أو التفسير نجد تحقيقات مهمة ومفيدة، تعين على الفهم أو تجيب على تساؤلات.

كل ذلك دعاني إلى إدخال تحقيق أهل التحقيق من أهل الاختصاص في هذا الكتاب، ولكن بأقصى ما أستطيع من الاختصار حتى لا يتوسع حجم الكتاب، وعلى هذا الهدي علقت وحشيت وهمشت وأدخلت كثيراً من الفوائد ليحقق الكتاب مجموع أهدافه.

6 -

وإذ كنت مولعاً بالبحث عن الكليات وربط أجزائها بها فقد راعيت في هذا الكتاب أن تأخذ موضوعات السنة محلها ضمن تسلسل يستشعر فيها القارئ وحدة السنة النبوية وكأنها في الأصل كتاب واحد.

7 -

وقارئ هذا الكتاب يخرج بانطباع أنه أمام أعظم هدي بشري لنبي. وقد راعيت فيه أن لا يمل قارئه وأن يزداد رغبة في القراءة كلما أوغل فيه، كما راعيت فيه أن يخرج قارئه وقد فقه السنة حق الفقه، مركزاً على ما يغفل عنه أبناء العصر من موضوعات تفرضها وقائع ومناقشات.

8 -

وقد بذلت جهداً كبيراً في تحقيق روايات بعض الكتب التي لم تنل من التحقيق ما يكفي، مما يعتبر وحده جهداً تتوجه إليه مقاصد الراغبين في السنة، كمجمع الزوائد للهيثمي، وقمت بضبط وتحقيق وتشكيل ما يشكل على القارئ العادي، معتمداً في ذلك على مصادر السنة الصحيحة المحققة وكتب اللغة المعتمدة.

9 -

وقد كان لأعداء الإسلام دور كبير في محاولة التشكيك في السنة وفي بعض معانيها، مما جعلني ألحظ ذلك في تأليف هذا الكتاب بشكل غير مباشر، بحيث تعود الكرة إلى مرمى أهلها، فيصبح ما هو محل تشكيك في زعمهم محل إيمان كما هو في الواقع والحقيقة.

ص: 28

10 -

وإذا كانت بعض الموضوعات تحتاج إلى الاستفادة من معطيات عصرنا، وإذ كانت بعض معطيات عصرنا تُظهر من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم الكثير، فقد كان هذا وهذا محل تركيز في هذا الكتاب.

11 -

ثم إن المسلم في عصرنا يحتاج إلى أن تفتح أمامه آفاق جديدة على الحاضر والمستقبل التزاماً وتطبيقاً، وأملاً وتفاؤلاً، وإذ كانت النصوص تعطي هذا كله فقد كان هذا محل تركيز في الكتاب، خاصة وأن بعض الموضوعات قد فهمت فهماً مغلوطاً انعكس على نفسية الأمة يأساً وإحباطاً.

12 -

وكما أن بعض الموضوعات قد ركزت عليها شرحاً وتقديماً وتعليقاً وتلخيصاً وإلحاقاً إياها بمسائل وفوائد، فإنني سردت أحاديث بعض الموضوعات سرداً؛ لرؤيتي أن حاجة المسلم هي تملي هذه النصوص صرفاً لم تُشبْ بتعليقات الرجال.

13 -

ومع هذا كله فإن هذا الكتاب لا يعتبر شرحاً تقليدياً للسنة ولا يعتبر تحقيقاً تقليدياً لها، ولكنه كتاب يعطيك السنة عن أقرب طريق ويعطيك فهماً لها عن أيسر طريق، الحشو فيه مستبعد، والتعقيد فيه متروك، هذا مع المحاولة بألا يفوتك شيء من الهدي النبوي إن شاء الله.

14 -

والأصل عندي أن أختصر ما أمكن ليسهل على القارئ الاستيعاب السريع، ولذلك لم أكرر إلا حيث وجدت ملحظاً يقتضي التكرار: إما لإعلام أن أكثر من صحابي قد روى معنى من المعاني، وإما لضرورة أن يكرر حديث في أكثر من مكان إلى غير ذلك من الضرورات، ولقد أهملت بعض المعاني الفنية عمداً رغبة في الاختصار، حيث أجد أن ما أذكره كاف ليثق المسلم فيعتقد ويعمل.

ومن باب الاختصار أيضاً أنني في بداية كل حديث أذكر من أخرجه، ثم أحذف السند، وأكتفي بالصحابي الذي رواه فأقول مثلاً: روى البخاري عن أبي هريرة

وكان ينبغي أن يقال: روى البخاري بسنده عن أبي هريرة، ولكن حذفت الجار والمجرور تخفيفاً، اعتماداً على أن هذا مفهوم من الكلام، ويستطيع القارئ الكريم أن يقدرهن بناء على معرفته بشرط هذا الكتاب.

ص: 29

15 -

وفي عملية جمع النصوص من أصول هذا الكتاب صادفني أن بعض الروايات موجودة في أكثر الأصول فلم أر أن أذكر الصول كلها في العزو لأن ذلك يضخم حجم الكتاب دون فائدة للقارئ العادي، ولذلك اختصرت في العزو بالقدر الذي يحقق الغرض، وإذ كانت أكثر روايات الأصول الزائدة على الكتب الستة تكراراً لما في الكتب الستة، فإنك لا تجد كثيراً من العزو إلى هذه الأصول، فلا تظنن أن هذا قصور في الكتاب.

16 -

وعلى عادتي فيما أؤلف فإنني لا أتوانى أن أنقل تحقيقات المحققين مما يحتاجه كتابي، دون أن أحاول إعادة صياغته، ولا حرج عليَّ في كل ما فعلته فلقد درج علماء المسلمين خلال العصور على أن يعتبروا مجرد الدمج بين كتابين أو أكثر هدفاً، وأن يعتبروا الانتقاء والاختيار من كتاب أو مجموعة كتب هدفاً، وأن يزيد اللاحق على فعل السابق آخذاً جهده مضيفاً إليه هدفاً، ومجرد تجميع الفوائد من كتب متعددة هدفاً.

فإذا حاولت أن أوجد عقد جوهر من جواهر مبثوثة، فإني لا أجد حرجاً من أن أكثر النقل فقد لا يصل الكتاب المنقول عنه إلى قارئي فأكون وسيطاً، ثم إن كثيرين يعرضون بعض الأمور عرضاً موفقاً قد لا أطيقه لو أني أردته، فماذا لو أنني رصعت كتابي بفوائد أمثال هؤلاء؟!

17 -

وقد أفدت من تحقيقات البوصيري لزوائد ابن ماجه، وتحقيقات عبد الله اليماني لجمع الفوائد وتحقيقات عبد القادر أرناؤوط لجامع الأصول وتحقيقات الهيثمي لمجمع الزوائد وتحقيقات الذهبي للحاكم وتحقيقات الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وناصر الألباني وشعيب الأرناؤوط وغيرهم، فجزى الله الجميع خيراً.

18 -

ولعل قصة الجهد الذي بذلناه في هذا الكتاب تجعل لنا عند أهل الإنصاف عُذراً فيما يرونه من تقصير، فلكي أتجنب أخطاء النقل الكتابي، ولكي لا يفوتني حديث من أحاديث الكتب التي قررت أن أجمع منها هذا الكتاب، فقد جعلت كل حديث من أصول هذه الكتب في ورقة مستقلة تصويراً أو أخذاً مباشراً من نسخ هذه الكتب، حتى إذا انتهى

ص: 30

هذا الجهد، وجدتني أمام عشرات الآلاف من أوراق، فبدأت بحذف الضعيف، وضم النظير إلى النظير، على ضوء نظرية جامعة في الترتيب والتبويب، ثم كانت مرحلة ثانية وثالثة ورابعة، وخامسة حتى استكمل هذا الكتاب شكله الذي أقدمه إليك.

ونرجو من أي إنسان عنده علم في السنة أن يقدم لنا ملاحظاته، فنحن بفضل الله نفرح إن أهدانا أحد هدية الدلالة على خطأ.

* * *

ص: 31