الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - ابن ماجه وسننه
قال الشوكاني:
وأما ابن ماجه فهو أبو عبد الله محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجه القزويني مولى ربيعة بن عبد الله.
ولد سنة تسع ومائتين، ومات يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث أو خمس وسبعين ومائتين.
وهو أحد الأعلام المشاهير، ألف سننه المشهورة، وهي إحدى السنن الأربع وإحدى الأمهات الست. وأول من عدها من الأمهات ابن طاهر في الأطراف ثم الحافظ عبد الغني، قال ابن كثير: إنها كتاب مفيد قوي التبويب في الفقه.
رحل ابن ماجه وطوّف الأقطار وسمع من جماعة منهم أصحاب مالك والليث، وروى عنه جماعة منهم أبو الحسن القطان.
وقد تحدث صاحب الرسالة المستطرقة عن ابن ماجه وسننه بقوله:
وسنن أبي عبد الله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجه، وهو لقب أبيه لا جده، ولا أنه اسم لأمه خلافاً لمن زعم ذلك، وهاؤه ساكنة وصلاً ووقفاً لأنه اسم أعجمي، الربعي نسبة إلى ربيعة مولاهم، القزويني نسبة إلى قزوين مدينة مشهورة بعراق العجم، المتوفى سنة ثلاثة أو خمس وسبعين ومائتين.
وهي التي كملت بها الكتب الستة والسنن الأربعة بعد الصحيحين، واعتنى بأطرافها الحافظ ابن عساكر ثم المزي مع رجالها، ولم يذكر ابن الصلاح والنووي وفاته، كما لم يذكرا كتابه في الأصول، بل جعلاها خمسة فقط تبعاً لمتقدمي أهل الأثر وكثير من محققي متأخريهم.
ولما رأى بعضهم كتابه كتاباً مفيداً قوي النفع في الفقه ورأى من كثرة زوائده على الموطأ أدرجه على ما فيه في الأصول وجعلها ستة.
وأول من أضافه إلى الخمسة مكملاً به الستة أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي في أطراف الكتب الستة له، وكذا في شروط الأئمة الستة له، ثم الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي في الكمال في أسماء الرجال، أي رجال الكتب الستة، الذي هذبه الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي - بكسر الميم وتشديد الزاي المكسورة، نسبة إلى المزة قرية بدمشق - فتبعهما على ذلك أصحاب الأطراف والرجال والناس، ومنهم من جعل السادس الموطأ كرزين بن معاوية العبدري في التجريد، وأثير الدين أبي السعادات المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري الشافعي في جامع الأصول.
وقال قوم من الحفاظ منهم ابن الصلاح والنووي وصلاح الدين العلائي والحافظ ابن حجر: لو جعل مسند الدارمي سادساً كان أولى، ومنهم من جعل الأصول سبعة فعد منها زيادة على الخمسة كلأ من الموطأ وابن ماجه، ومنهم من أسقط الموطأ وجعل بدله سنن الدارمي، والله أعلم.
وقد تحدث الدكتور محمد أديب الصالح في كتابه (لمحات في أصول الحديث) عن سنن بان ماجه فقال:
أحد السنن الأربع، وأحد الكتب الستة والأمهات: الصحيحين والسنن الأربع، وإنه - بشهادة العلماء الأثبات - غزير الفقه والفوائد، وفيه الكثير من الزيادات على الموطأ، بل والزيادات على الكتب الخمسة، فقد روى عنه الحافظ الذهبي أنه قال: عرضت هذه السنن على أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها، ثم قال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما في إسناده ضعيف. ووصفه الحافظ ابن كثير بأنه كتاب مفيد قوي التبويب في الفقه.
ومع شهادة العلماء بجودة هذا الكتاب لم يغفلوا ذكر ما فيه من الضعيف، قال ابن حجر: كتابه في السنن - يعني ابن ماجه - جامع جيد كثير الأبواب والغرائب وفيه أحاديث ضعيفة جداً، وقد نقل مثل هذا الكلام عن ابن الأثير أيضاً: وكل هذه الأحاديث معروف
عند العلماء متميز عن غيره من الصحيح. ولكن عدد الضعيف قليل إذا قيس بعدد الأحاديث التي يشتمل عليها الكتاب، فقد ذكر أبو الحسن القطان - من أصحاب ابن ماجه - أن في السنن - يعني سنن ابن ماجه - ألفاً وخمسمائة باب، وجملة ما فيها أربعة آلاف حديث. وهذه الجملة دقق فيها أحد علماء العصر الحديث، محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله، فبلغت في تعداده (4341) حديثاً. من هذه الأحاديث (3002) حديثاً أخرجها أصحاب الكتب الخمسة كلهم أو بعضهم، ولكنه هو رواها من طرق غير طرقهم، وباقي الأحاديث مما يحتج به عند العلماء. وتفصيل الزوائد - كما أثبتها محمد فؤاد عبد الباقي في آخر الجزء الثاني من (سنن ابن ماجه) كما يلي:
(438)
أحاديث رجالها ثقات، وصحيحة الإسناد.
(199)
أحاديث حسنة الإسناد.
(613)
أحاديث ضعيفة الإسناد.
(99)
أحاديث واهية الإسناد أو منكرة أو مكذوبة.
وبعد هذا التقسيم قرر رحمه الله أن من مزايا الكتاب:
…
رواية أحاديث الكتب الخمسة من طرق أخرى يؤيد بعضها بعضاً مما يعطي الأحاديث قوة على قوة، ثم كون الأحاديث - صحيحة الإسناد وحسنة الإسناد - تشكل عدداً كبيراً مما انفرد به، فإذا أضيف هذا إلى مزاياه الأخرى ظهرت لنا قيمة هذا الكتاب بشكل جلي.
* * *